آخر الأخبار
The news is by your side.

حوش بنات ود العمدة و….سؤال الأدب النسوي؟ بقلم: د. إشراقة مصطفى

حوش بنات ود العمدة و….سؤال الأدب النسوي؟

بقلم: د. إشراقة مصطفى حامد

انحاز لهذا التصنيف، ووصف الأدب بانه – حالة -إنسانية دون تسمية النوع وطالما الأدب تصوير

لواقع متخيل، فلابد من الانتباه الى الواقع الذي أنتج هذا التخيل؟ هل الواقع انساني؟ ام فيه

من المظالم والقهر ما يكفي ليجعل الأديب/ الأديبة لعكس قضايا النساء بتعقيداته الثقافية

المختلفة. الأدب النسوي معني بكل ما هو مهمش ولا يمكن التركيز على عكس قضايا المرأة

دون تناول قضايا المهمشين في المجتمع، لذا أتفق مع موريس في تعريفها الأكاديمي بان

الأدب النسوي ينطلق من تعريفنا للنسوية وليس هناك تعريف واحد بل تتعدد التعريفات وفقا

للمدارس النسوية المتعددة وانحاز الي المدرسة النسوية السوداء التي شملت نساء من عالمنا

النامي وانطلقت من رؤية فكرية بان النسوية تشمل المهمشين من الرجال في المجتمع، لا

يمكن فصلها من القهر الاقتصادي الذي يٌمارس على شعوب جنوب الكرة الأرضية، رؤية لا تنفي

خصوصية قضايا النساء التي تراكمت وعملت على اقصاء النساء بسبب النوع.

النسوية لا تعني القضايا التي تهم النساء فقط، حتى الخاص فهو في جانب آخر عام وما يعنيها

في أدق خصوصياتها يعني الرجل أيضا. لنأخذ مثالا في الختان؟ في حالة بنات الحوش وإعادة

الختان في حالة نادية، تعدد الزوجات، الزواج العرفي، الحمل والاجهاض، التمييز بسبب الدين

(منال وجمال)، تأثير الاغتصاب على سمعة الاسرة خاصة ان الأمر مرتبط بالرجولة في معناها

(البيولوجي) كل ذلك يؤثر في طرق قراءتنا للنص؟ وذات التساؤل الذي طرحته موريس اطرحه

في سياقات دور الأدب في فهم طبيعة عدم العدالة الاجتماعية ونتيجة لذلك تعاني المرأة

والرجل من أثنيات مهمشة في المجتمع او بسبب الطبقة، فالعدالة ترتبط بالنظام الاجتماعي

السائد. فالي أي مدى ساهمت رواية حوش بنات العمدة في فهم الآلية التي تقود الى هذا

الوضع؟ اشير هنا الى القضايا المتشابكة لنساء الرواية وفي نفس الوقت دور البعد الاثني

بالإشارة الى (العينة وبخيت واسرتهما. هذا التمازج الأليم بين النوع والاثني في الرواية يحيلني

الى مثل مازال سائدا بل يتم التهرب منه وهو (المره مرة والعب عب) وهنا تتجلي النسوية في

أعظم تجلياتها ودور الرواية لفهم هذه الجدلية. هذا الاقصاء نتاج لذهنية واحدة

اشير ان اهتمامي بالنسوية في الأدب السوداني باختيار نماذج لروايات كُتبت بأقلام نسائية منذ

رواية الفراغ العريض، شاملة نماذج من أجيال مختلفة ومن ضمنها هذه الرواية. لذا كان مهما

بالنسبة لي ان اطرح سؤال الأدب النسوي لكاتبات الروايات المعنية بدراستي.

(كتبت الرواية بمشاعر امرأة، حتى وصفي لأبطال الرواية الرجال كان بعيون ومشاعر امرأة،

الختان، تعدد الزوجات، الطلاق الخ حالات لا يمكن توصيفها الا من امرأة مهما بلغ الكاتب من قدرة

بليغة) -جزء من الرد على سؤالي للروائية سناء جعفر.

برعت الروائية في وصف نساء الرواية، الآمهن، احلامهن، اشواقهن، تنهداتهن، برعت في الوصف

وعكس تلك الصراعات الخفية والمعلنة بين (الضرتين) السرة ونعمات في حين ان مسبب الجرح

(حامد ود العمدة) حرا طليقا يضرب بعصاه ليسكتهن. وتسكت السرة رغم (سيجارتها) التي

لاتهاب من تدخينها علنا ولكنها تتقهقر للوراء وتصمت متوسدة أحلام قلبها وماضيها واشواقها

لإبراهيم. برعت أيضا في عكس الطقوس وخصوصيتها وتلك المشاعر الحميمة التي لامستها ثم

تركت لمخيلة القارئ/ القارئة اكمال مشهد الاشتعال (في حالة نادية وأمونه بمشاعرها

الفياضة) والانطفاء في حالة (حبيبة) مع إبراهيم ورحمة التي عانت من تأثير الختان ودفعت ثمن

غالي ورغم ان زوجها جاء في الرواية صاحب خبرات مع النساء الا ان التناقض بان في انه

استنكر ورمى عليها اللوم واذلها روحا وجسدا.

(العينة وبخيت) والاشارة الى آثار (مؤسسة الرق) والأزمة الملازمة برفضهم من المجتمع

ووصمهم بمرجعياتهم الأثنية وكأنهم مسؤولين من لون بشرتهم وملمس شعرهم وهنا انعكس

مرة أخرى التمازج الأليم ما بين الاثني والنوعي في حالة حبيبة. رغم محاولات الروائية بان

تعكس نساء الرواية قويات وقد نجحت لحد ما ولكن في النهاية واجهت النساء مصائرهن تحت

رحمة السلطة الذكورية وتبنيها أحيانا، متمثلة في حامد ود العمدة الذي بدأ لي متناقضا بدفقه

وحنيته من ناحية حين نستحضر علاقته العذبة مع أمونه وسطوته في فرض رأيه والقمع

المسكوت عنه في تعامله مع نساء الرواية والمعلن في تعامله مع إبراهيم. كنت اتعشم بين

السطور لانتصار الروائية لنادية وزاهر مثلا طالما ان العمل الروائي لا ينبغي ان يخلو من الرؤية

والموقف الفكري للروائية او الراوي. لماذا انتهت أحلام كل نساء الرواية الى نهاية غير ما حلمن

بها، هل كانت تحلم نعمات مثلا بزوج له اسرة وان تكون وعاء لإنجاب الذكر الذي يجعل حامد ود

العمدة يرفع رأسه وسط (القبيلة)؟ هل كانت اقصى أحلام حبيبة ان توافق على إبراهيم كيدا

في امه السرة رغم انها على علم بعلاقاته الحميمة مع اشقائها؟ حبيبة التي درست الجامعة

وكانت متفوقة لماذا لا تتمرد على هذه العلاقة الشائكة والمأزومة؟ لماذا لم ينحاز حامد ود

العمدة الى حفيدته منال والانتصار لعلاقتها مع جمال الذي لم يكن ممانعا في الدخول للإسلام؟

لماذا انتصر حامد ود العمدة الى أميرة وعمار؟ انتصر لعلاقتهما انتصارا لعلاقته الأولى مع ابنة

خالته أمونه؟ لماذا اختلف الأمر هنا؟ هل لان رأس الهرم المقدس المتمثل في الدين حاد ولا

يمكن المجازفة باختراقه؟ جانيت كانت الاشجع وهي تدفع ثمن خياراتها المتطرفة وجاكلين

تزوجت (ود الحبشية) وكان لنادية ان تمضي نحو تلك الرقصات التي شكلت حدائقها المزهرة

في جسدها وفاحت في روحها ولكنها لم تنتصر لزاهر، ورغم رده فعلها (العنيفة) في الرواية

والتي هدأت من غضبي على الخنوع للواقع في نهاية المطاف. نادية بذات قوتها وهي تحكي

كل شيء للعريس المتقدم والانتهاء بمصائر فرضتها الحياة بالخوف على الام مثل جمال في

انحيازه الى امه رجاء مقابل انكسارات القلب وهزائم الروح وجفاف ينابيع الجسد واشواقه.

تتبعت صورة المرأة في هذا الواقع المتخيل، وتساءلت: الى أي مدى نفذت الروائية بوعيها في

شخوص الرواية لفك القيود المجتمعية والاحتجاج حتى النهاية، فالصراع لأجل الحياة مشروع،

مشروع ليس كما الحرب ولكن الم تكن هناك حروبا مسكوت عنها في هذا الحوش الرمز

لحيشان أخرى؟ تواطؤ النساء في عمليات التعذيب بدء من الختان، العدل والاجهاض، ترسانة

القهر الذكوري الشيء الذي يؤكد ان العقلية الذكورية ليست بالضرورة ان يكون متبنيها رجل دون

امرأة، انها منظومة وترتبط بدرجة الوعي بقضايا المجتمع. يظل السؤال مفتوحا حول تحفيز

الرواية وشحذ النساء في الواقع من نساء الواقع المتخيل بجعلهن ملهمات!

————

مدخل من قراءة تناولت فيها محاور عديدة وسوف تنشر كاملة قريبا في احدى المجلات المهتمة بالسرد.

حقوق الصورة المرفقة من صفحة الكاتبة سناء جعفر.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.