آخر الأخبار
The news is by your side.

حوار: رئيس تحالف قوى الجبهة الوطنية المتحدة للتغيير”تقاوم”

الأستاذ فيصل عبد الرحمن السحيني رئيس تحالف قوى الجبهة الوطنية المتحدة للتغيير”تقاوم” في حوار الصراحة مع موقع (سوداني بوست) من مدينة كمبالا:

المقدمة:
ومازالت الأزمة السودانية المستفحلة والمرتبطة ببعضها منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، في تنامي مستمر وتنطبق عليها عبارة: (لا جديد يذكر، ولا قديم يُعاد)، يرى بعض المحللين والخبراء بأن استمرار الأزمة السودانية مرتبط ارتباطاً وثيقاً بأذهان كل جيل بأفضلية من سبقوهم في الممارسة الحياتية، إما أن يكون مرد ذلك راجع إلى نفسية السودانيين وما مدى علاقتها بالعادات والتقاليد والتوجه الأيديلوجي في ظل كثرة المبادرات الساعية لحلول مرضية للخروج إلى بر الأمان… موقع (سوداني بوست) تضع كل هذه التساؤلات أمام الأستاذ فيصل عبد الرحمن السحيني رئيس تحالف قوى الجبهة الوطنية المتحدة للتغيير” تقاوم” إلى مضامين الحوار:

حاوره: عبد القادر جاز

& تظل عبارة:(يا حليل أيام زمان) تتحكم في أذهان كل جيل في كافة ضالممارسات الحياتية، هل ممكن أن يكون مرد ذلك راجع إلى نفسية السودانيين، أم لديك رؤية مختلفة ؟
للأسف نحن شعب مُستغل منذ أن أستقل عام ١٩٥٦م

نتحدث عن تاريخنا دائماً وأبداً ولا حديث لنا غيره لأننا لا نملك حاضراً نتحدث عنه، الحماقة التي ورثناها عن أجدادنا تتحكم في واقعنا الآن، بالتالي حاضرنا أصبح بلا طعم ولا لون، للأسف في كل مناحي الحياة في السياسة في الثقافة الاقتصاد الغناء وحتي الرياضة…!

لأن عقولنا ظلت حبيسة لزكريات الماضي الجميل بكل تفاصيله. بالتالي عبارة: (ياحليل أيام زمان) ستظل راسخة في أذهاننا من خلال الواقع المعيش بكل مرارته وسلبياته وإخفاقاته.. لم ولن يسقط هذا الأرتباط
إلا إذا أستطعنا أن نبني حاضراً مختلف من الماضي واقعاً وعملاً حينها ستزول تلك المقولة رويداً رويدا من خلال واقعنا الأجمل.

من جانب أخر أعتقد أن مقولة (ياحليل أيام زمان) لها دلالات ومعاني ترسخت في حاضرنا الأليم من خلال الممارسات المعيشة حالياً وليس لها أرتباط بالعمل السيكولوجي لطبيعة الأنسان السوداني بقدر ما هي ثوابت مماراستنا الحياتية بكل تفاصيلها….

ونظل نردد بأن الماضي هو الأفضل من خلال الوضع السيئ الذي نعيشه سيئ في كل شيء، انحطاط أخلاقي، فساد إداري، استغلال وتسلط، أنانية وحب ذات، وغيرها من ممارساتنا اليومية على مجتمعنا البائس..!

وهذا ما يسوقنا لإسترجاع ذكريات الماضي الجميل في كل خطوة، أخفقنا فيها، أو فشلنا في تحقيق غاياتها..!
نرجع نردد ياحليل أيام زمان..!

& بالرغم من أن السودان بلد متعدد الثقافات والتقاليد المجتمعية، هل بالإمكان أن يسوق ذلك المنتج؟
نعم لأننا متباينون في أعراقنا وثقافاتنا وأدياننا وتاريخنا، متوحدون في مصيرنا وحقوق وواجبات المواطنة. الأختلاف والتنوع وسيلة للإبداع والنمو والتطور، لكنه للأسف لدينا وسيلة للإبادة والدمار، أصبحنا نبحث عما يفرقنا أكثر ما يجمعنا، لا نعيش إلا بالقضاء على الآخر..!

وهذا بدوره ساهم في فشلنا في تأسيس دولة المواطنة المتساوية، وهذا الفشل دفعنا ثمنه انفصال جزء عزيز من وطننا الكبير، وما زالت الحروب والصراعات مشتعلة في أطرافه مهددة لما تبقى منه..!

التعصب القبلي شكل من أشكال الجهل الذي يسيطر على البعض منا ويتم عبره إشعال نيران الحروب القبلية وتأجيجها والذين يشعلون هذه الحروب لايهمهم الوطن ولا المواطن يسعون نحو تحقيق مصالحهم الشخصية..!

لكننا مدركين لضرورة التعايش السلمي بيننا بتنوع أعراقنا وثقافاتنا واختلاف ألسنتنا مقتنعين أن هذا التباين هو عامل قوة ومنعة وبناء أستلهاما لتاريخ كل شعوب السودان السابقة في تعايشها مع بعضها البعض في تناغم وانسجام ووحدة ووئام.!

وإيمان الراسخ بأن الوطن ملك لجميع من يعيشون فيه والأرض لمن يصلحها متحدين ومتمسكين بسودانيتنا الأصيلة..!
اختلافنا لا يعني قتل الآخر، أو احتقاره كما يفعل البعض الآن ..!

آن الأوان لتجاوز الخلافات، والصراعات الضيقة، والتعصب القبلي الأعمى، لأن الذي يجمع بيننا كسودانيين هو سودانيتنا السمحة متمثلة في صفاتنا الجميلة في الكرم والتعاون والإحترام والإخاء

بالأضافة للتنوع الثقافي والديني والتعدد اللغوي والعرقي لشعوبنا المختلفة هو عامل قوة ووسيلة للتكامل لصناعة واقع جديد يحصنه التماسك الاجتماعي والتعاون والمحبة، وتسوده قيم المجتمع السمحاء في العدالة والإنصاف..!

& في ظل كثرة المبادرات الساعية لحلول مرضية بين كافة المكونات السودانية، كيف تفسر التشظي الذي يلحق بالمبادرات عند وصولها إلى نصف الطريق ؟

نعم وبلا شك منذ 25 أكتوبر/2021/ طرحت العديد من المبادرات لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السودانيين، لكنها لم تسفر عن أي حلول، وظلت الأزمة السياسية في السودان عصية تماماً على الحل…!!
لأنها مبادرات مصنوعة لتسكين الأزمة، وليست لحلها، غالبيتها مرتبطة بأجندة الأطراف الذين قاموا بطرحها.
وأيضاً بتخرج من أطراف أو قيادات يرفضها الشارع ويقبلها الحاكم.

بالتالي هذه المبادرات فشلت جلها قبل أن تصل لمراميها، ووجهت بكثير من العقبات التي أوقفتها في مهدها..!
بل وأحدثت انقسامات وتشظي داخل المجتمع الواحد وخلقت صراعات وتباينات بين التيارات السياسية.
بدلا من لملمتها وتألفها وجلوسها في أرضية مشتركة من أجل الوطن..!

فالسياسات الجوفاء أخي الكريم عمقت الأزمات وجعلت من الديمقراطيين المزيفين حكاما بدون شعبية هذه الخطط الهزلية تؤكد أن الحاكم يريد الاستمرار فى حكمه القمعي بشتى الطرق..!

لكن المواطن السوداني يدرك تماماً مهزلة المبادرات ودكتاتورية النظام مهما تحدث عن الحرية والعدالة وألبثها ثوب التجميل..!
علاوة على ذلك الوعي الشعبي لدى المواطن السوداني غير قابل للخداع ولا ينجرف وراء المسرحيات الهزلية التي يسندها إعلام مصنوع وجهات وقيادات لا سند ولا قبول لها..!

& ألا تعتقد أن التوجه الأيديلوجي أحد أسباب التراجع، وعدم مواكبة التطور لبناء دولة المواطنة والديمقراطية؟
التوجه الأيديلوجي يفهم في سياق بأن الدولة أرض وشعب ونظام وسيادة وأيضاً أن تكون هنالك فكرة تقوم عليها الدولة كمرتكز أساسي لتوجهها..!

لذلك تأتي أهمية الفكرة بأنها من تقود توجه الدولة إلى أين تسير وإلى أين تتجه لبناء وتطوير نفسها.
هل تسير على نهج الدولة المدنية الديمقراطية أم هي دولة شمولية عرقية أم يسارية شيوعية، بالتالي هذا التوجه يتحكم في بناء الدولة الديمقراطية المنشودة بكل أبعادها ..!
علاوة على ذلك هذا التوجه يحدد مصيرها بين الأسرة الدولية والمحاور الإقليمية.

بالتالي أتفق معك تماماً بأن التوجه الأيديلوجي له تأثير كبير في عدم مواكبة التطور لبناء دولة المواطنة الديمقراطية.

& يعتقد البعض أن عملية التخوين مرتبطة بأجندة المحاور، كيف تقيم الموضوع؟

عملية التخوين في الأحزاب السودانية والقوى السياسية تأتي في إطار عدم الأعتراف وعدم الثقة بين الأطراف وأنانية وتسلط، ويتبارزون في استخدام أساليب الاقصاء والاحتكار، وتغيب الطرف الآخر بكل الطرق وشتى الوسائل..!

لأن غالبية هذه الأحزاب غير وطنية ومرتبطة بأجندة خارجية ومصالح محاور إقليمية ساهم هذا الارتباط بصورة كبيرة في تدمير الوطن، وخلق فجوة شاسعة بين أبناء الوطن الواحد جعلهم يتصارعون ويتقاتلون من أجل تحقيق مصالح واجندات دول خارجية لا علاقة له ببناء الوطن ونهوضه..!

إضافة إلى ذلك أن غالبية القوى السياسية تمارس الكذب والخداع وتضلل الشعب بالعمل الديمقراطي وهي بعيدة منه كل البعد قولا وعملاً..!

كل برامجهم ومشاريعهم تنظير، وصراع من أجل مكاسب السلطة ومنافعها الذاتية بأسلوب بربري متسلط، وخواء فكري منحط.

علاوة على ذلك جل أحزابنا السودانية تعمل دون تخطيط أو تقديم برنامج ومشاريع واضحة لقيادة دولة ترتكز على العمل الديمقراطي الحقيقي، والمصلحة الوطنية الخالصة لبناء الدولة وتقدم شعبها..
لذلك هذه القوى ليس لها هم بالوطن، ولا المواطن، فقط يبحثون عن مصالحهم الذاتية ومكتسباتهم التي ترتبط بتحقيق أجندات دول خارجية، وتقاطعات إقليمية، وغالبيتها أحزاب غير وطنية، وغير مؤمنة بنهج الديمقراطية كعمل وفكر..!

نحن نحتاج لأحزاب وقوى سياسية وطنية، لابد أن تكون قوى مسئولة تقدم الفكرة والرؤية الواضحة، والطرح القوي، القيادة الرشيدة تقدم البرنامج والمشروعات حتى تساهم بهذه المرتركزات في ضإنقاذ الوطن من جحيم الصراعات والمشاكسات التي كادت أن تعصف به من الوجود..!ض

& أصبح السودان ما بين مطرقة المبادرات الممزوجة بالصبغة الدينية والسياسية، وسندان الرمادية الذي تمثله الأبعاد الخارجية، ما تقييمك؟

المؤسف حقاً فى زماننا هذا ساد الجهل الذي هدم معظم معاني الدين الحنيف..!
بدل أن يتمسك مشايخ الطرق الصوفية وعلماء الدين بالزهد والورع والصدق وهي القيم السامية والأخلاق الفاضلة لرجل الدين..!

أصبح همهم الطمع والغنى، والجري وراء ملذات الدنيا، والهرولة نحو السياسة، ومنازل الحكام، الهدف الأساسي لغالبيتهم الهرولة نحو الكسب السياسي رغم علمهم التام بالكذب والنفاق الذي يتخلل الممارسة السياسية..!

ان كثرة المبادرات التي يقدمها كل طرف على حده إن دلت إنما تدل على الخواء الفكري، وعدم نكران الذات، والاعتراف بالآخر. أيا كانت المبادرة، ومن أي جهة كانت، خارجية أم داخلية، طرق صوفية، أو أحزاب سياسية، أم قيادات وطنية كان الأولى دراستها دراسة مستفيضة، والخروج منها بنتائج واضحة، وليس تقديم مبادرة في مبادرة كصب الماءِ في الماءُ، وهذا لن يأتي بجديد، وقد هرم الوطن من هذه الأزمات التي اسقلته لابد من فكرة وتوجه وقيادة ونظام.

أما المبادرات ما هي إلا صياح في غابة الكل لا يريد أن يتعرف على الآخر ويعمل معه.
وهذا يعني السقوط وعدم الوعي وعدم الاعتراف بالاخر.

لذلك من الطبيعي أن تفشل كافة المبادرات ومنها مبادرة أهل التصوف لأنهم سكتوا عن الظلم ووقفوا مع الظالم، لم ينصروا المظلوم، ولم يقدموا النصح للظالم، لقد سقطت كثير من الأقنعة المزيفة، وانكشف المستور، وأصبح الواقع مريرا، لذلك التغيير مطلوب حتى ينصلح الحال، ودون ذلك سنظل ندور فى حلقة تتعمق بها الأزمات والصراعات والمشاكل والانقاسامات..!

واقع السودان الآن مزري للغاية أخي العزيز يحتاج إلى قيادة رشيدة واعية مدركة لحاجات الوطن مخلصة لشعبها صادقة مع نفسها لها برامج وأسس لبناء دولة المؤسسات دولة ديمقراطية حقيقية ينعم فيها الشعب بالأمن والاستقرار والرخاء والازدهار..!

& يرى البعض أن المناهج التعليمية ساهمت بشكل كبير في جعل الأجيال ترتبط بعبارة: الكبير كبير دون مراعاة للفوارق الزمنية المتجددة؟

برغم الإمكانات المهولة التي يتمتع بها السودان والفرص المتاحة للتطور والنمو للعقول النيرة التي رفد بها العالم في كافة المجالات منذ بدايات التعليم المنتظم، وإلى وقت قريب، إلا أننا نجد أن نظامنا التعليمي الحالي “هش” وموجه بشكل جعل منه “مسخا” مشوهاً يصعب الخروج منه بما يفيد البلد..!

الناظر إلى المنهج الذي تم إعداده لأهم مراحل التعليم في السودان (التعليم الأساسي) يجد أنه يحتوي  على حشو و(سفاسف) كثيرة لا فائدة منها علمياً، حيث لم تراعى فيه الإمكانات العقلية للطالب وقدرته على التحمل الذهني، وحاجته للتفكير فيما يدرس، وإمكانية نقده، كلنا يعلم حب الاستطلاع الذي يتمتع به الأطفال، وحاجتهم إلى إشباع ذلك.

تطور المناهج يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتطور حياة المواطنين واحتياجاتهم، وتلبية متطلبات العصر، عدم الاهتمام بالتدريب الإعدادي للمعلمين يجعلهم غير مواكبين لتطورات المناهج وأساليب تدريسها، والتعليم استثمار في العصر البشري، واستهلاك يحتاج إلى موارد مالية كبيرة يجب على الدولة توفيرها بمشاركة الجهد الشعبي. وهكذا، فإن مستقبل التعليم في السودان ما زال غير واضح، أجمع الناس أن الإشكالية ليست في السلم التعليمي فقط، بل جوهر المشكلة في المنهج وعدم تطويره بما يواكب تقدم العالم.

من هنا تصدق مقولة:( الكبير كبير) وارتباطها الوثيق بأجيال الماضي..!

لكن الآن قد تغيرت الأوضاع السياسية نسبياً في البلاد، عادت أصوات التغيير العام تطرق أبواب التعليم، وتنتظر حلولا متكاملة تمكن التعليم في السودان من رسم خارطة التطور، وتجعل منه الأداة الفعالة والفاعلة في بناء الوطن الذي ينبغي أن يكون..!

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.