آخر الأخبار
The news is by your side.

بلا حدود … بقلم: هنادي الصديق

سياسة (ماري أنطوانيت)

سياسات الحكومة الحالية تجاه الأزمات الخدمية والمعاناة التي يواجهها الشعب السوداني أشبه بسياسة بالملكة (ماري أنطوانيت) صاحبة أشهر تصريح مستفز لمشاعر الشعب، عندما أخبرها أحد العاملين بالقصر، أن الشعب قام بثورة لأنه جائع ولا يجد حتى فتات الخبز، فأجابته أنطوانيت بتعجب: (إن كانوا لا يجدون الخبز فلماذا لا يأكلون كعكاً؟)، وفي روايات أخرى (جاتوه)، فماري لم تكُن تعلم ماذا يدور في البلاد ولم تشعر به، وهو ما كان سبباً رئيسياً في الثورة على نظام زوجها، فالملكة ظلت مستمرة في صرفها البذخي اليومي بالقصور، لا تعلم عن الجوع الذي ضرب شعبها، ولا معاناته، فقط تطلب والملك يُلبي، لم تلتفت للوضع الاقتصادي للبلاد الآخذ في التدهور، وكانت أخبار تلك الحفلات تصل إلى عامة الناس، وتسببت في تأجيج غضبهم تجاه حاكمهم في الثورة الشهيرة التي أطاحت بعرشهم فيما بعد.
حال نظامنا الحاكم هو بالضبط كحال ماري أنطوانيت، فالنظام في وادٍ والمواطن في وادٍ آخر، المراجع القومي يكشف عن وجود أدوية مهربة وغير مسجلة بشركات الأدوية، وأخبار عن توقف استيراد الدواء وتوقعات بزيادة أسعاره 50%، والبنك المركزي يلاحق (53) شركة بسبب حصائل الصادر، ونافذون وراء التعدي على المراعي، وسعر قياسي للبصلة الواحدة، المصابون بحمى الشيكونغوليا (الكنكشة) 19 ألف و225.
و(30%) من الأطفال بشمال دارفور يعملون في الأسواق ويتحولون لمتسولين ومتشردين.. أزمة مياه حادة في مدينة بورتسودان، وأزمة حادة تهدد بفشل موسم الإنتاج بقطاع السكر، وشُحَ في الوقود، أزمة الخبز تظهر مرة أخرى وبصورة أكبر، كل هذه الأخبار التي جمعتها من صحف أمس تعتبر أكبر مهدد لنظام معتز الذي يبدو أنه بعيد كل البعد عما يحدث للشعب، والدليل على ذلك أنه يٌصر على أن يواصل تغريداته على شاكلة: (ملأنا الصرافات، وعاقبنا البنوك المخالفة، وأنهينا أزمة السيولة)، لنفترض أن أزمة السيولة حُلت وتدفقت الأموال بالصرافات والبنوك، وأخذ كل مواطن أمواله طرف الحكومة، فيم سيصرف هذه الأموال؟ وهل ستكفي لإطعام وعلاج وتصريف شؤون أسرة من شخصين لأكثر من أسبوع؟
بالتأكيد لا.. والأجدى بالسيد رئيس الوزراء وبدلاً عن تغريداته أن يقف على المأساة الحقيقية وحافة الانهيار التي يوشك الوطن على السقوط فيها ليتنحى هو وكل حكومته ونظامه وإفساح المجال للأكفأ والأجدر، فما فائدة الوطن بدون شعب، وما معنى أن تحكم شعباً مسلوب الإرادة، شعب لا يقوى على الحلم أو الطموح؟
ما معنى أن تحكم وطن يبحث مواطنه عن أكله وشربه وعلاجه بماله ولا يجد؟ بل وأين هي الأموال نفسها؟ وكيف نكون شعباً ونحن نبحث عن ثمن الدواء من مالنا الخاص ولا نجده، بينما صغريات الدول من حولنا تكرم شعبها بالعلاج المجاني، وتوفر الدواء للأجانب؟
هنا في هذه الحكومة لا ولن تجد مبتغاك عزيزي المواطن، فالحكومة تغرد فعلاً، ولكن (خارج السرب)، المواطن يقف في صفوف الرغيف، وأزمة المواصلات تتمدد وصفوف السيارات أمام محطات الوقود عادت أكثر من ذي قبل، وأرفف الصيدليات باتت خاوية على عروشها، والمدارس خاصة في الأطراف والهامش ظلت في حالة نزيف مستمر لطلابها وتلاميذها بسبب الفقر والعوز، يحدث هذا بينما يتحفنا رئيس الوزراء وزير المالية بتصريحات وتغريدات حالمة جعلت كثير من أبناء الشعب يتخلى عن وقاره ويفتح منصات التواصل لسبِّ ولعنِ الحكومة بشكل مستمر بدلاً عن الازمات المتلاحقة.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.