آخر الأخبار
The news is by your side.

بشفافية: لجان التحقيق جزء من الأزمة

بشفافية … بقلم: حيدر المكاشفي

لجان التحقيق جزء من الأزمة

على مر التاريخ القريب لعشرات السنين لتكوين لجان التحقيق والى يومنا هذا، ثبت بالدليل العملي أنها لم تكن من عوامل حل القضية المشكلة بشأنها، بقدر ما أنها كانت ومازالت تشكل جزءا من الأزمة، حتى فقد الناس الثقة في أيما لجنة تحقيق يتم تشكيلها.

وكأنما لم يكن الهدف والغرض من تكوين لجان التحقيق الا لتمييع القضية وقتلها، حتى قيل في ذلك (إذا أردت أن تقتل موضوعا كون له لجنة)، كما ثبت أيضا بالدليل العملي أن أكثر لجان التحقيق اضرارا بالقضايا تلك التي يوكل إليها التحقيق حول أحداث مأساوية ودموية راحت ضحيتها أنفس عزيزة، وما أكثر مثل هذه الأحداث الدموية والمأساوية التي طمرتها وطمست حقائقها لجان التحقيق، ويمكن احصاء العشرات بل قل المئات من شاكلة هذه اللجان التي شكلت في أزمان مختلفة مما لا تسع تعداده هذه المساحة المحدودة، نذكر منها فقط بعضها على سبيل المثال.

واحسب عندك، لجنة التحقيق في مجزرة فض الاعتصام، اللجان التي زعم تشكيلها للتحقيق في مقتل شهداء ما بعد انقلاب 25 اكتوبر، لجنة أحداث بورتسودان المؤسفة والمحزنة التي راحت بسببها نيف وعشرون نفسا عزيزة، لجنة أحداث العيلفون التي سقط بسببها عشرات الطلاب من منسوبي الخدمة الالزامية غرقا في النيل، لجان التحقيق العديدة التي كونت للتحقيق في المجازر التي وقعت في عدد من مناطق دارفور الكبرى، نذكر منها مذبحة كرينك وجبل مون وقريضة وغيرها وغيرهامن الأحداث الشبيهة التي سقط فيها ضحايا…

الى أن انتهينا اليوم لتشكيل لجنة للتحقيق في المقتلة الفظيعة التي وقعت ببعض مناطق اقليم النيل الأزرق، ويغلب على الظن ان هذه اللجنة لن تكن أفضل من سابقاتها بحسب الخبرة التراكمية التي توفرت للناس من اللجان السابقة، اذ لم يحدث اطلاقا ان خرجت لجنة من لجان التحقيق الكثيرة التي قيل إنها كونت للتحقيق في هذه الحادثة الأليمة المفزعة أو تلك، لم تخرج على الناس بأي خبر، ولم تقل شيئا ولم توضح للناس لماذا سقطت كل هذه الأعداد وبأية وسيلة وعلى يد من وكيف يمكن جبر الخواطر وتهدئة النفوس التي لم ولن تهدأ ولن تنسى مهما تطاول الوقت ومرت السنون، فمثل هذه القضايا لا تنسى ولا تنمحي من الذاكرة خاصة إذا وجدت التجاهل ولم تعالج آثارها وتضمد جراحها.

وتكوين لجنة تحقيق خلال اليومين الماضيين للتحقيق في أحداث النيل الأزرق،يعيد إلى الذاكرة معضلة اسمها لجان التحقيق التي رغم كثرتها إلا أنها كانت وستظل كغثاء السيل ما لم تكن هناك جدية عند تكوينها واختيار المؤهلين الشجعان لعضويتها، وإعلان نتائجها بكل شفافية ومن ثم امتلاك الارادة الحقيقية لمحاسبة ومحاكمة من تسببوا في الخطأ أو ارتكبوا الكارثة، وحادثة النيل الأزرق عطفا على هذا التاريخ المخزي للجان التحقيق الرسمية الوطنية، ستضاف حتما الى غيرها من حوادث مفجعة قتلتها لجان التحقيق..

الجريدة

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.