آخر الأخبار
The news is by your side.

اليكم … بقلم: الطاهر ساتي

الإحصاء أولاً.. !!

:: بدعة عند ولاة الأمر صارت قاعدة، وهي ربط كل الأشياء ذات الصلة بحياة الناس والبلد بالعام (2020).. كلهم، من مستوى السلطات المركزية وحتى على مستوى السلطات المحلية، يتحدثون عن هذا العام – 2020 – وكأنه العام المرتقب لميلاد الدولة السودانية، أي عام الاستقلال.. وعلى سبيل المثال، يوم السبت الفائت، بعد اجتماع مع سفير السعودية بالسودان، أعلن آدم عبد الكريم وزير الثروة الحيوانية والسمكية، عن تصدير اللحوم إلى السعودية – بدلاً عن المواشي – اعتباراً من العام (2020م)..!!

:: هكذا فوبيا العام (2020)، مصابة بها كل السلطات، وليست وزارة الثروة الحيوانية فقط.. لماذا بداية تصدير اللحوم في هذا العام – 2020 – وليس قبله أو بعده؟.. ولن تجد إجابة منطقية على أرض الواقع، أي لم تشرع السلطات في تأسيس مسالخ بمواصفة عالمية، بحيث يكون التدشين في العام (2020).. هم يعلمون بأن تصدير اللحوم لا يتم بالأماني والوعود، بل بحاجة إلى إرادة تؤسس مسالخ ذات مواصفة عالمية، لتحل محل العشوائيات المسماة في بلادنا بالمسالخ، وما هي إلا (سلخانات كيري)..!!

:: نعم، فالحقيقة المؤلمة هي أن مسالخ البلد – التي زارها رئيس الوزراء قبل أسابيع – غير مطابقة للمواصفة الدولية ولمعاير الجودة والسلامة الغذائية.. ألم يطلع سيادته على أسباب امتناع السعودية عن استيراد لحومنا، وهي الأسباب الموثقة في تقرير الفريق الفني لهيئة الغذاء السعودية بعد تفتيشهم لبعض مسالخنا في أكتوبر الفائت بغرض استيراد اللحوم.. فالتقريرمُخجل للغاية، وضاجٌّ بفضائح سوء الإدارة ويكشف حال المسالخ السودانية، فليطالب به وزير الثروة الحيوانية، ليس للاطلاع، ولكن للمحاسبة.. !!

:: ثم الأدهى، غير فضائح التقرير السعودي، فإن كل مسالخ البلد خالية من وحدة تصنيع مخلفات الذبيح بحيث تكون أغذية للأسماك وغيرها من الفوائد.. هذه الوحدة من أهم معايير الجودة والسلامة الغذائية العالمية، ودونها لا تصدر دولة لحومها ولا تستوردها دولة.. ثم إن مخلّفات الذبيح – والمواشي النافقة – ثروة في حد ذاتها.. ولكن عندما لم تجد هذه الثروة مسؤولاً يكتشف قيمتها بالتصنيع، تحولت إلى أضرار تُهدد حياة الناس بالداخل ثم تعيق تصدير اللحوم إلى الخارج..!!

:: وعليه، لحين تدشين المسالخ المطابقة لمعايير الجودة والسلامة الغذائية، فعلى السيد وزير الثروة الحيوانية الانشغال بأمر آخر و(مهم جداً)، وهو أمر الإحصاء.. فالشاهد أن آخر إحصاء للثروة الحيوانية كان في عهد الرئيس الراحل نميري، ولم نسمع عن أي تعداد آخر في هذا القطاع الاقتصادي.. كم حجم الثروة الحيوانية في بلادنا بعد انفصال الجنوب؟ وبعد اشتعال الحرب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق؟.. وكم حجم الثروة الحيوانية بعد نزوح أهل الأرياف إلى المدائن بحثاً عن الخدمات؟ وبعد قوافل الهجرة – بعقود تربية المواشي – إلى الخليج..؟؟

:: للأسف، لا يوجد (رقم صحيح)، بحيث يكون حجم الثروة الحيوانية في البلاد.. وكل الأرقام المتداولة – في التقارير الرسمية والإعلام – أرقام وهمية ومراد بها تغطية العجز عن الإحصاء.. وكما تعلمون، فإن إطلاق الأرقام والإحصائيات ذات الصلة بالإنسان والحيوان في بلادنا أسهل من إطلاق الألعاب النارية في المهرجانات.. ثم نصدق هذه الأوهام – المسماة بالأرقام – وتصبح من الثوابت الوطنية.. فليعرف السيد وزير الثروة الحيوانية حجم القطيع بالطرق العلمية والمهنية، ثم يُصدِّر ما يشاء من المواشي واللحوم.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.