الهجرة الإسرائيلية المعاكسة وتداعيات حرب الإبادة
الهجرة الإسرائيلية المعاكسة وتداعيات حرب الإبادة
بقلم : سري القدوة
في وقت تشهد فيه دولة الاحتلال نزيفا ديموغرافيا حادا، حيث كشف تقرير جديد أعده مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست (MMM)، قبيل جلسة لجنة الهجرة والاستيعاب المقررة اليوم الاثنين، عن صورة مقلقة بشأن تزايد ظاهرة هجرة الإسرائيليين إلى الخارج خلال العامين الأخيرين بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة .
ووفقا لتقارير إعلامية سابقة، تاتي مبادرة سموتريتش في وقت تشهد فيه إسرائيل نزيفا ديموغرافيا حادا، إذ تشير معطيات الجهاز المركزي للإحصاء التي استند إليها تقرير الكنيست، إلى أنه بين عامي 2009 و2021، غادر نحو 36 ألف شخص إسرائيل سنويا، لكن في عام 2022 ارتفع العدد إلى 55 ألفا و300 مغادر، بزيادة بلغت 44% عن العام السابق، في حين شهد عام 2023 قفزة إضافية بلغت 33%، إذ غادر البلاد 82 ألفا و700 شخص، بينما أظهرت البيانات أن معدل النمو السنوي للسكان السنة الماضية بلغ 1.2%، مقارنة بـ1.6% في السنة التي سبقتها، وفق موقع mako.co.il الإسرائيلي .
تنامت ظاهرة الهجرة من “إسرائيل” وتحديداً بعد في ظل مواصلة حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة وشهدت ارتفاعا في تلك الظاهرة وعكست وقائع أزمة فعلية حقيقة يصعب تجاوزها حيث برزت تحولات ديموغرافية لافتة وظواهر تصاعدت بشكل واضح بفعل الظروف التي أفرزتها حرب الإبادة وانعكاسها على المجتمع الإسرائيلي، وارتفعت مؤشرات الهجرة إلى الخارج أو ما يطلق عليها الهجرة العكسية وتحديداً عودة معظم يهود أوروبا الى مواطنهم الأصلي وفي نفس الوقت هاجر البعض إلى استراليا كلجوء أنساني وسياسي .
لم تعد هذا الظاهرة مجرد هجرة بل باتت تشكل تحديا كبيرا أمام حكومة الاحتلال وحملت المؤسسات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية على الوقوف أمام تحديات المستقبل كون ان تداعياتها تشكل خطرا حقيقيا على مستقبل دولة الاحتلال، ولم تعد “إسرائيل” واجهة مشرقة كما كانت أمام يهود العالم الذين يفضلون العيش بعيدا عن أحلام المستقبل كما تصورها دوائر الهجرة الإسرائيلية .
وسجلت “إسرائيل” العام الماضي ارتفاعاً لافتاً في أعداد المغادرين وبحسب ما أظهرت بيانات رسمية جديدة، وهو ما يعكس تراجعاً ملحوظاً في معدلات الهجرة إليها وتزايداً في ظاهرة الهجرة العكسية، الناجمة عن الحرب الدائرة في غزة وما تثيره من تداعيات أمنية واقتصادية عميقة، ويحذر محللون من أن الأرقام الأخيرة قد تكون مؤشراً على تحولات ديمغرافية مقلقة بالنسبة الى “إسرائيل” ، إذ يزداد عدد المغادرين بوتيرة تفوق القادمين الجدد في ظل حرب غزة وما تثيره من تداعيات أمنية واقتصادية عميقة، إضافة إلى الاحتجاجات الشعبية المتواصلة ضد حكومة بنيامين نتنياهو والتكتل اليميني المتطرف .
ان ما نتج من صعوبات اقتصادية مؤثرة على المجتمع الإسرائيلي وتدهور النظام المالي بالإضافة الى ارتفاع تكاليف المعيشة وغياب الحريات العامة وأزمة عملة الشيقل المتراكمة وخاصة في ظل مساعي حكومة الاحتلال الى رفع وتيرة التوتر في المنطقة والتهديدات الإسرائيلية المستمرة بتوسيع دائرة حربها بحجة حماية أمنها الداخلي .
لقد شكلت حرب الإبادة القائمة وإصرار حكومة الاحتلال على استمرارها تحديا ملموسا تواجهه “إسرائيل” وخاصة في ظل فشلها بتطبيق فعلي لوقف الحرب الدائرة ومناورتها لاستمرار حربها على غزة، الأمر الذي يترك تحديا شخصيا وعدم شعور الإسرائيلي بالأمن في ظل غياب الأمن والأمان العام وعدم الاستقرار السياسي الداخلي وطبيعة ما وصلت إليه حكومة الاحتلال المتطرفة والأزمات المتلاحقة والاحتجاجات الداخلية الواسعة .
سفير الإعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
[email protected]
![]()