آخر الأخبار
The news is by your side.

الشاعر سركون بولص وحوارنشر له في مجلة نزوى وهو يتكلم عن قصيدة النثر ليخبرنا بكل هذا الجمال

إن قصيدة النثر العربية الحاضرة هي قصيدة مغامرة انطلقت من عدم الاقتناع بايقاعات القصيدة التقليدية وايقاعاتها مستمدة من شكل القصيدة ومن التجربة الموجودة فيها. لذلك فإن الايقاعات غير ثابتة ، فكل قصيدة لها إيقاعها الخاص يضاف الى ذلك أن كل قصيدة لشاعر معين تمتلك إيقاعه الشخص الذي يدل عليه وهذا الشيء الذي لا يمكن لقصيدة الوزن أن تفعله على الاطلاق. بينما في قصيدة النثر ليس ثمة ما يقيد الشاعر سوى تجربته الخاصة وديمومة الصوت الذي تشتمل عليه القصيدة والتفاصيل الأخرى التي ليس لها أية نهاية والتي تنضاف الى مسألة الايقاع. فالإيقاع ليسر منفصلا في هذه الحالة عن التراكيب الأخرى في قصيدة النثر.
وإننا عندما نتحدث عن التجديد المطلق الكامل أو عن القصيدة التي تذهب الى نهاية القطيعة ينبغي أن نتحدث عن قصيدة النثر إذا أردنا أن نفهم أين مستقبل الشعر العربي. ونحن حين نقول قصيدة النثر فهذا تعبير خاطيء لأن قصيدة النثر في الشعر الأوروبي هي شيء آخر. وفي الشعر العربي عندما نقول قصيدة النثر نتحدث عن قصيدة مقطعة وهي مجرد تسمية خاطئة، وأنا أسمي هذا الشعر الذي أكتبه بالشعر الحر كما كان يكتبا إليوت وأودن وكما يكتبه شعراء كثيرون في العالم الآن. واذا كنت تسميها قصيدة النثر فأنت تبدي جهلك لأن قصيدة النثر هي التي كان يكتبها بودلير ورامبو ومالارميه وتعرف بـ (prose poem) أي قصيدة غير مقطعة. وأصبحت هذه المسألة معروفة الآن. واعتقد أن النقاد العرب، يصرون على هذه التسميات كي يشككوا في قيمة قصيدة النثر لذا نحن نحتاج الى نقاد مستقبليين يتحررون من هذه العقدة أي عقدة الخوف وان يفهموا بعد دراسة حقيقية للشعر العالمي ماهية قصيدة الشعر الحر. ونأمل أن يأتي جيل جديد من النقاد يتميز بهذا الفهم، بهذا الانفتاح دون خوف وعقد. ويبدو أن الكثير من كتبوا عن قصيدة النثر كتبوا عنها بشكل عدائي، وهناك فهم خاص في أن قصيدة النثر هي قطيعة نهائية وهذا صحيح وهذه القطيعة هي ضد الشعر وهذا أمر غير صحيح.

كما اضاف في حديثة الى ان قصيدة النثر هي التي تستغل وتغرف من كل الروافد ومن كل الانهار ومن طرائق الكتابة المقالية وتغرف من الكتابة الدينية ومن النص الصوفي ومن العلم ومن السينما والباليه والرقص وربما هذا الذي يشكل ايقاع قصيدة النثر. فالشاعر عندما يكتب يكتب بكل حواسه وبكل سعرفته ولا يكتب مثل الشاعر التقليدي الذي يحاول ان يطربنا ويهزنا أو يحاول أن يقنعنا بفكرة سياسية أو أيديولوجية، فالشاعر الآن الذي يقف في مركز الكون وفي مركز التجربة الحياتية حينما يكتب تكون السياسة والايديولوجية والموسيقى وكل الفنون مصبوبة في نظرة ورؤيا وفي موقف حسي وهدفه في النهاية ان يدخلك في هذا الحقل من الطاقة الحية وفي هذه العاطفة المطلقة كما قال عزرا باوند انه “لا شيء غير العاطفة “. والعاطفة هنا بمعنى (Passion) الوجد الوجودي والكوني فالشاعر هو كائن يحترق كي تبرز هذه الطاقة ولكي يكون وقودا لهذه العاطفة ولهذا الوجد. وانا لا أجد أي شيء يمكنه أن يقنعني بأن قصيدة النثر مجرد شكليات أو مجرد تقنيات أو ضرورة تاريخية كما يتحدث عنها النقاد أو كتقليد سخيف لقصيدة الغرب. فهذه القصيدة هي الضرورة وكان الشاعر العربي يتطور نحوها على الاطلاق منذ القرآن الكريم. وتكاد أن تكون كل الكتب الدينية مكتوبة بالنثر وهي الكتب التي مازالت تهز البشر .

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.