آخر الأخبار
The news is by your side.

البناء النفسي والخلل السردي في رواية مارغريت.. أماني محمد صالح

البناء النفسي والخلل السردي في رواية مارغريت للكاتب نزار محمد عوض

أماني محمد صالح

مارغريت رواية نفسية في جوهرها، تنشغل بتفكيك الصراع الداخلي للشخصية الرئيسة واستكشاف دواخلها من مشاعر القلق والاضطراب والبحث عن الهوية والأمان. كما بها أبعاد اجتماعية واضحة، من خلال البيئة والظروف الاجتماعية التي أحاطت بها وأسهمت في تشكيل معاناتها.
أما الحرب فتظهر في النص بوصفها حدثا مؤثرا في تطوّر الأحداث، ليس من حيث تفاصيلها وكيفية وقوعها، بل من حيث أثرها النفسي والاجتماعي على البطلة، وما انتجته من صراعات ومواقف شكلت تجربتها الإنسانية.

ما يتعلق بالشخصيات الثانوية، فقد اعتمد الكاتب تقنية تحجيم حضورها، وهي تقنية مألوفة في الروايات التي تركّز على البعد النفسي لشخصية واحدة، بهدف إبراز عالمها الداخلي دون إرباك ناتج عن تعدّد الشخصيات. إلا أن هذا التوظيف لم يأتِ موفقًا في مارغريت إذ أدى تقليص دور الشخصيات الثانوية إلى إضعاف السرد وإغفال أحداث كان يمكن أن تشكّل تطور الحبكة والسرد فكان من الضروري اعطاءها مساحة أكبر لإحكام البناء الروائي.

كما تجاهل الكاتب تحديد الزمان والمكان، مركزًا على التجربة الإنسانية وصراعاتها الداخلية وقد وفق في هذا التجاهل اذا لم تحدث فجوة في تطور الأحداث في الرواية

وقد وظّف الكاتب نصوصًا شعرية في مطلع كل فصل، وهي تقنية ترتبط بالروايات التي تُعنى بالحالة النفسية للشخصية، وقد وُفّق في استخدامها لما أضفته من عمق ودلالات رمزية .

أما إيقاع السرد فجاء مضطربًا إذ يتسم البطء في الفصلين الأول والثاني، بينما تتسارع الأحداث بشكل ملحوظ في الفصول الأخرى ، مما يخلّ بالتوازن السردي ويربك القارئ وأن كان من سمات الروايات النفسية
الملاحظ رواية مارغريت رغم عمقها النفسي والإنساني، الا أنها تعاني من إشكالات فنية أبرزهاغياب تطوّر واضح للحبكة،اضطراب الإيقاع بطء غير مبرر في البداية، وتسارع مفاجئ في فصول مما يؤدي الارتباك القارئ ويفقد السرد سلاسته

وتُعدّ النهاية المفتوحة خيارا مناسبًا في هذا النوع من الروايات، سواء بسبب بعدها الإنساني والنفسي، أو لكون الحرب الحدث المحرّك في الرواية ما تزال قائمة في الواقع ولم تُحسم بعد، مما يجعل ترك النهاية مفتوحة امتدادًا طبيعيًا لمنطق السرد وتجربته.

رغم اتباع الكاتب للتقنيات السردية المألوفة في هذا النوع من الروايات، إلا أن هناك اضطرابا واضحا في بنية السرد والحبكة. وبما أنها تجربته الروائية الأولى، يمكن النظر إلى هذا الارتباك في البدايات بوصفه مظهرًا طبيعيا لمرحلة التأسيس، غير أن الكاتب يملك من الإمكانات والأساليب ما يؤهله لتجاوز هذه الملاحظات مستقبلاً، خاصةً في نوع أدبي يتطلب إحكاما أكبر في البناء النفسي والسردي للشخصيات والأحداث.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.