آخر الأخبار
The news is by your side.

الابعاد الدولية للاتفاق السياسي بين البرهان وحمدوك…!!!

الابعاد الدولية للاتفاق السياسي بين البرهان وحمدوك…!!!

بقلم : د. محمد تورشين الأكاديمي والمختص بشؤون الأفريقية.

منذ صبيحة 25 أكتوبر 2021 تفاعل العديد من المحللين والاعلاميين والباحثين والمهتمين بالشأن السياسي السوداني بقرارات قائد الانقلاب الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان وما ترتب عليها من اتفاق سياسي بين البرهان وحمدوك.

ما يجدر الإشارة والانتباه له ما يذكره الموالون للانقلابين في أجهزة الإعلام بأن ما حدث ليس بانقلاب وإنما “ثورة تصحيحية” كان متفقاً عليه بين المؤسسة العسكرية ورئيس الوزراء عندئذ عبد الله حمدوك، ومفاده بأن يقوم الاخير بحل الجهاز التنفيذي ويقوم عبد الفتاح البرهان بحل مجلس السيادة الانتقالي، اذ انها فكرة ممكنة في ظل ما رأيناه من تطور للأحداث.

الا انه من الواضح ان رفض الشارع الثوري لفكرة الانقلاب واستيلاء الجيش على السلطة، وخروجهم بإعداد مهولة للاعتراض على الإجراءات الانقلابية، أربك ذلك المخطط بينما نصح البعض حمدوك بالتريث والبحث عن صيغة جديدة تتطابق ولو نسبياً مع الفكرة العامة المتعلقة بإعادة تشكيل المشهد السياسي السوداني، حفاظاً على المصالح الجيو-إستراتيجية للقوي العظمى في المنطقة.

ذلك أنه لا يمكن باي حال من الأحوال قراءة ما حدث في السودان بعيداً عن السياسة الدولية، لاسيما في يتعلق بتوجهات السياسة الخارجية في عهد جو بايدن، المتمثلة في تضيق الخناق على النفوذ الصيني على كافة الاصعدة اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، ومحاولة توحيد الجهود الأمريكية والغربية لإعادة فرض رؤية جديدة تسهم بشكل فعال في تموضع الصين وانحسار نفوذها وتمددها.

وأيضا على صعيد التوجهات الدولية نجد ان المؤسسة العسكرية استخدمت وناورت بكرت التواجد الروسي بالسودان بمهارة تحمل في طيتها قدر كبير من الذكاء، حيث أرسل الجنرال البرهان رسائل إيجابية وتطمينات للإدارة الروسية فيما يتعلق بحلم روسيا بالحصول على قاعدة بحرية

في منطقة فلامينجو بالبحر الأحمر بإعادة النظر في بعض بنود الاتفاق السابق.
تم إطلاق تلك التصريحات في وكالة سبوتنيك الإخبارية باعتبارها أول مؤسسة تجري حوار مع قائد الجيش عقب إجراءات 25 أكتوبر. ومن المعلوم إن أي تواجد عسكري روسي يمثل تهديداً للمصالح الجيواستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية، مع الوضع في الاعتبار بأن من منطقتي القرن الأفريقي والبحيرات العظمى مناطق نفوذ أمريكي خالص، لذلك فإن فأي تواجد عسكري روسي بجانب النفوذ الاقتصادي الصيني يعني تلاشي الأثر والتأثير الأمريكي.

لا يتوقف التحدي في الصراع على النفوذ بين الولايات المتحدة والصين وروسيا عند القرن الأفريقي والبحيرات العظمى، وإنما يتعده إلى منطقتي الساحل الأفريقي وبحيرة تشاد التي تقع ضمن دائرة النفوذ الفرنسي في القارة الأفريقية. أن الأهمية الجيوبوليتيكية للسودان تحتم عليه أن يكون مفتاح ومدخلا مهما للغاية، ويسهم كسب الحكومة فيه في عملية فرض واقع جديدة وتغيير المعادلات الإقليمية والدولية.

كذلك لا يمكننا تجاهل العوامل والمؤثرات الداخلية المرتبطة بانقسام وتقسيم القوى السياسية، ومحاولة بعض الاحزاب لعب أكثر من دور متعلق برفض الانقلاب ومحاولة التسويق له في نفس الوقت، كما تفعله قيادات حزب الأمة القومي. يظل العنصر الفاعل والرئيسي مع ذلك هو إصرار

العسكريين على التفرد بالحكم وقيادة البلاد، مهما كلف ذلك من ثمن ودماء وأرواح.
إن انصهار العوامل الداخلية والخارجية ورغبة الترويكا والاتحاد الأوروبي للمحافظة على مكاسبهم الاستراتيجية، ومحاولة اغلاق كل المنافذ التي يمكن أن تقود الحلفاء إلى اصطدام، كما ان وجود وتقاطعات مشتركة في بعض القضايا المحورية، وامكانية تسلل الدب الروسي والتنين الصيني وكسب المعركة والتمدد وأحكام التغول في القارة الأفريقية، جعلت أغلب اللاعبين الدوليين يباركون توقيع اتفاق البرهان حمدوك.

وتأمل القوى الدولية أن توفي المؤسسة العسكرية تحت هذا الاتفاق بتنفيذ الاتفاقيات العسكرية المشتركة المتعلقة بقضايا الأمن والإرهاب والاتجار بالبشر، لكن هل هذا ممكن ووارد في ظل انفتاح شهية الجنرالات لمزيد من السيطرة وتلاعبهم على كل الحبال الداخلية والخارجية؟
لا نتوقع ذلك بل بالعكس توجد الآن العديد من التخوفات المرتبطة بعدم استكمال مسار الانتقال المدني الديمقراطي، في ظل وضع انقلابي يؤثر في العملية السياسية والانتخابية، بالتدخل المباشر للجنرالات في الحياة العامة ومحاولة السيطرة عليها، وفي ظل ضغوطات محاور القوى الإقليمية والعالمية، العاملون لحماية مصالحهم ومكاسبهم، والمتقبلون لفرض وصاية الجيش الحياة السياسية السودانية.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.