آخر الأخبار
The news is by your side.

اشارات السقوط البينة وأحلك ساعات الظلمة

اشارات السقوط البينة وأحلك ساعات الظلمة

بقلم: وائل محجوب

• كان يوم الأمس دمويا وصادما، لارتفاع درجات القمع والبطش، وبتواصل نزيف الدم وارتقاء الشهداء، وما شهدناه هو دليل على الضعف لا القوة، وعلى الرغبة في انهاء تصاعد الحراك الثوري بأي شكل، وتلك من اشارات السقوط البينة، وأحلك ساعات الظلمة تلك التي تسبق الفجر.

• إن ما نشهده اليوم مررنا به من قبل في مسيرة الثورة، ففي يناير ٢٠١٩م اطلق نظام البشير موجة من العنف غير المسبوقة وبدأ نزيف الشهداء المتصاعد، واقتحمت القوات الأمنية المستشفيات والجامعات والمساجد، واطلقت فيها وفي المنازل عبوات الغاز المسيل للدموع، وتمت مهاجمة منازل المواطنين، وواجه المتظاهرون قمعا مفرطا بالضرب والتنكيل الوحشي في الشوارع، بل وصلت حد الاغتيال بعدما أطلق البشير أيدي القوات الأمنية واعطاها تفويضا كاملا.

• لقد شهد ذلك الشهر سقوطا متتاليا للشهداء بالاستهداف المباشر، فتأمل قائمة شهداء ذلك الشهر الأكارم عند انطلاق الثورة، فقد ارتقى الشهيد مأمون محمد الخير في عطبرة في الأول من يناير، والشهداء حذيفة محمد عثمان وصالح عبد الوهاب صالح ومحمد الفاتح المصطفى الذين استشهدوا في يوم ٩ يناير، والشهيد معاوية بشير الذي اغتيل في منزله ببري بعدما حمى متظاهرين احتموا بداره من الاعتقال، واغتيل الشهيد الصيدلي بابكر عبد الحميد في يوم ١٧ يناير، والشهيد الفاتح النمير في يوم ٢١ يناير، وبعدها بثلاثة ايام تم اغتيال الشهيدين عبد العظيم ابوبكر بشارع الاربعين ومحجوب التاج محجوب بالخرطوم.

• وبنهاية شهري ديسمبر ويناير كان اهل السودان يغالبون شعورا عاما بالصدمة من درجة القمع الدموي، والغضب على نظام البشير الذي اعتمد اقصى درجات البطش في مواجهة الثورة، فهل افلح ذلك العنف والبطش في ردع الثوار وانهاء الثورة..؟

بالعكس تماما قادت تلك الافعال الوحشية لاتساع نطاق التظاهرات ولدخول الآف من الساخطين لدائرة الفعل الثوري، وأكثر من ذلك إذ كان ذلك العنف إشارة لاقتراب انهيار النظام، وفقدانه السيطرة على زمام الأمور، ووصوله نقطة اللاعودة في طريقة السقوط.

• فهل ترى ما نشهده اليوم من افراط في القمع، وإطلاق للعنف بلا قيود يختلف في طبيعته عما شهدناه طوال مسيرة هذه الثورة، أم هو إمتداد لعقلية العنف والقمع التي هزمناها من قبل، وهزمنا ذروة عنفها بعد مجزرة فض اعتصام القيادة، بحشودنا السلمية وثباتنا وعزمنا ونهوضنا المليوني الجبار في ٣٠ يونيو الأغر، وهل ما نشهده حاليا الإ امتدادا لذات المواجهات التي لم تحسم لمصلحة الشعب.

فما الذي تتوقعه السلطة الانقلابية التي حشدت القوى العسكرية، ووضعت القوات النظامية في مواجهة شعبها الأعزل، هل تتوقع أن تتراجع الملايين عن مطالبها.. ومن برأيها سيكسب في نهاية المطاف، ملايين السودانيين أم حملات القمع الممنهج، التي صار منتهى طموحها الدفاع عن قصر “الحاكم العام” في الخرطوم، بينما حررت الثورة فعليا كل انحاء السودان من حولها، ولم تعد السلطة قادرة على الحكم..؟!

• إن كل شهيد جديد يسقط في هذه البلاد، انما يسقط فداء لدولة القانون والعدالة التي لا يصبح الموت جزء من شرعة قواتها، ولا خاضعا لأهواء الحكام يملكون سلطة التوجيه به، واسباغ الحصانة على مرتكبيه، ترسيخا لحالة الافلات من العقاب، وهذا الصف الطويل من شهداء ثورة ديسمبر يقف باستقامة في مواجهة هذه الدولة، يحكمون عليها بدمائهم المسفوحة غيلة وغدرا، ويحاكمونها بميزان الحق الذي لا يسقط بالتقادم، وسينتصر لهم شعبهم في نهاية المطاف، فهذا وعد الحق.. وتلك بشارة الثورة في كل زمان.

• إن ثورة ديسمبر، ونحن في أعظم موجاتها الثورية، انبعثت معها اصوات ملايين السودانيين، الذين تعرضوا للقهر والاذلال على مدى ثلاثة عقود، فحررت الجميع من الخوف والاذعان واستردت للمقهورين كرامتهم المهدرة، فساروا في مواكبها مرفوعي الرؤوس خفاقي البنود، ولن تستطيع أي سلطة مهما تحصنت بالقوة الغاشمة ومهما بلغ تكبرها وتسلطها، ان تقهرهم وتفرض مشيئتها عليهم، وهي ستكر وتفر وتحاصر هذه السلطة في الخرطوم وسائر انحاء السودان، حتى تهزمها شر هزيمة، وتسترد بلادها كاملة غير منقوصة، ولن تعود الإ بنصر تطيب به مراقد شهدائها، وتقر به أعين امهاتهم وابائهم.

• سيتواصل الزحف الثوري وستبدع الجماهير تكتيكاتها في مواجهة البطش، وستبطل آلة العنف مثلما واجهتها وحاصرتها بالذكاء الثوري الوقاد من قبل وانتصرت عليها، ولن يخرج شعبنا الإ منتصرا بثورته ولها، وإن غدا لناظره لقريب.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.