آخر الأخبار
The news is by your side.

إلى إخوتي وأخواتي البيض ..بقلم : كيفن برينس بواتيتغ

إلى إخوتي وأخواتي البيض ..بقلم : كيفن برينس بواتيتغ

متابعة : الخير صالح عبدالله

بواتينغ : العنصرية ليست بالشيء الجديد. لا نتظاهر بأننا مصدومين الآن

‏قبل سبعة سنوات. كنت ألعب مباراة ودية مع ميلان. حينها قامت مجموعة من الجماهير بإطلاق أصوات قردة في كلّ مرةِ تكون الكرة مع أحد لاعبينا السود .

‏بعد 26 دقيقة قلت للحكم : إن قاموا بفعل ذلك مرة إضافية سأتوقف عن اللعب .

‏قال لي : لا. لا تقلق فقط أكمل اللعب.
‏بعدها كنت أحاول تجاوز لاعب وعندها سمعتهم مجددا. أمسكت بالكرة وسددتها نحوهم واتجهت لخارج الملعب..
‏اسمحوا لي أن أتوقف لحظة لأشرح لماذا فعلت ما فعلت ؟

‏البعض قالوا أنني لم أكن لأفعل ذلك في مباراة في دوري الأبطال حيث قد يتم خصم نقاط من فريقنا أو أي شيء آخر. لكني لم أستطع السيطرة على نفسي. كنت أشعر بالكثير من الغضب والألم وفي ذلك اليوم انفجرت.

‏أعلم أنه من الصعب على البِيض فهم ذلك ، هذا لأنهم لم يسبق لهم أن كرهوا كون بشرتهم ذات لون مختلف. مع ذلك ، اسمحوا لي أن أحاول أن أشرح. عندما كان عمري 9 سنوات ذهبت للعب في بطولةٍ في شرق ألمانيا. كنت قد ترعرت في حيّ فقير في بيرلين.

‏حينما كان مكون من أناس أتوا من أركان العالم. من روسيا والصين ومصر وتركيا. عندما كنا نتعارك كان ذلك بسبب كرهنا كأطفال لبعضنا البعض لحظتها. وليس بسبب التمييز العنصري. لم أعرف العنصرية هناك أبدا .

‏ولكن في تلك البطولة في شرق ألمانيا. رأيت اباءًا يصرخون علي من المدرجات :
‏-عرقل ذلك الزنجي
‏-لا تعط ذلك الزنجي فرصة للعب.
‏كنت مصدوما جدا. سبق وأن سمعت تلك الكلمة في أغنية أو فيلم فقط. كنت أعرف أنها مسيئة وضد لوني. شعرت بوحدة شديدة .


وكأني في مكان لا أنتمي له. مع أن ذلك الملعب كان بمسافة 6 ساعات فقط عن برلين. كيف يحبوني في جزء من الدولة ويكرهوني في مكان اخر فقط بسبب لوني ؟ كطفل لم أفهم ذلك أبدا. لم أتحدث مع أحد قبلها عن كيفية التعامل مع موقف كهذا. لذلك في طريق العودة في الحافلة انفجرت بالبكاء. زملائي بكوا معي .
‏لم يفهم أحدٌ منا ما حدث. لم أخبر أمي بذلك فقط تجاهلته وأكملت حياتي وكنت أعتقد انها لن تتكرر مرة أخرى.
‏لكنها تكررت. في كل مرة ألعب في شرق ألمانيا كان الوضع يسوء أكثر. يقولون لي:
‏”لكل هدف تسجله. سنعطيك موزة”
‏”سأضعك في صندوق وأعيدك من حيث أتيت أيها الزنجي اللعين”
‏كان شيء مؤلمٌ جدا. عندما كان عمري 14 سنة سألت أستاذي : هل تراني بشكل مختلف عن بقية الطلبة ؟
‏قال لي : لا. لما ؟
‏قلت له : لماذا يعاملوني بشكل مختلف في الشرق ؟ هذه دولتي أيضا. أنا ألمانيّ وأمي ألمانية وجدتي كذلك. لماذا يرغبوني بإرسالي بعيدا ؟
‏شرح لي أنه ببساطة في هذا العالم أناس سمّتهم الغباء. لكني بكيت. لم أفهم سببها حتى بعد شرحه, وبعدها تحولت الحيرة هذه إلى شك. ستبدأ بالشعور أن الناس لا يحبونك حتى وإن لم تكن تعرفهم. كل شخص ملون في ألمانيا لديه هذا الشعور : لماذا تنظر إلي ؟ ألا أعجبك ؟

‏أصبحت عدوانيا ومنزعجا. حصلت على كروت حمراء كثيرة. كنت سريع الإنفلات. لكن أتعرف اسوء شيء وقتها ؟
‏أنه لم يقف أحد معي أبدا ضدهم.
‏الجميع يعلم ما كنت أمر به. سمعوا العبارات العنصرية وقبلوا بها. الأباء ظلوا صامتين, الحكم ؟ لا يفعل أي شيء, والمدرب يقول لي : فقط تجاهلهم.
‏وهذا ما فعلته. كتمت غضبي بأعماقي وأصبحت بليدا. لكن عندما سمعت أصوات القردة في 2013 كل الألم والحزن خرج. انفجرت. لم أهتم ان كنت سأقع بمشكلة, عملت كل حياتي لكي ألعب لفريق من أكبر أندية العالم. والان سيعاملوني كما تمت معاملتي حينما كنت طفلا ؟ لا. لقد انتهيت من هذا. سأقف وأقاتلهم.

‏عندما توجهت للخارج, الكثير من الحضور وقفوا وصفقوا لي. وبعدها -وهذه اللحظة المهمة – زملائي خرجوا معي. كلهم وليس السود منهم فقط. ما زلت أشعر بقشعريرة عندما أتحدث عن هذه اللحظة.
‏في غرفة تبديل الملابس بدّلت ملابسي حتى يعرف زملائي أني لن أعود للعب هناك.

‏أتى الحكم وسألنا : هل ستعودون للعب ؟ في تلك اللحظة وقف الكابتن امبروسيني وقال : إن لم يلعب برينس فلن يلعب أحد. تلك الحادثة أصبحت حدثا عالميا. في يوم واحد وصل الخبر إلى غانا والصين وحتى البرازيل. الصحافة انشغلت بها. لاعبون كبار مثل كريستيانو وريو فيرديناند أعلنوا تضامنهم معي.
‏هاتفي لم يتوقف عن الرنين والرسائل. في ليلة واحدة أصبحت سفير المعركة ضد العنصرية. كل هذا لم يحدث فقط لأن شخصا أسود غادر الملعب.. هذا حدث لأن الأشخاص البيض غادروا الملعب معه.
‏تلك الرسالة التي غيرت العالم
‏لفترة قصيرة على الأقل.. وقتها اعتقدت ان كل هذا يكفي لأن يحدث التغيير الذي نحتاجه. فيفا قدمت لي دعوة لمقابلة جوزيف بلاتر. سألني : مالذي نستطيع فعله ؟ بعدها بشهر مارس قام الفيفا بإنشاء لجنة (ضد التمييز العنصري) وتمت دعوتي للعمل معها. كل شيء بدا مثاليا.

‏كانت الفكرة انني سأتدرب وألعب المباريات ثم أعطي اللجنة بعض الإرشادات والاقتراحات ثم هم سيقومون بإنشاء الحملات والقوانين والعقوبات. أيضا أعطيت بلاتر اقتراحا : ضع كاميرات ومايكرفونات في الملعب. هكذا إن قام أحد بترديد عبارات عنصرية يتم طرده.

‏قلت لبلاتر : إن أجْدت هذه الفكرة فستكون بطلا. إن لم تنجح فعلى الأقل أنك حاولت. قامت لجنة مكافحة التمييز ببضع اجتماعات. تكلمنا وتبادلنا بعض الإيميلات. لكن لم يتغير شيء. في كل مرة ألعب كان الجمهور يستهدفني. كان الجمهور يأمل ان افقد صبري وأن أغادر الملعب.

‏كنت أذهب للحكم وأطلب منه فعل شيء. كان الملعب يذيع تحذيرا بالمكبرات وبعدها بدقيقة من الصمت يعود الجمهور للأهازيج العنصرية. بعدها بشهر توقف الإعلام عن الحديث.
‏في سبتمبر 2016 وصلني إيميل من الفيفا لن أنساه أبدا. باختصار كان مضمونه : لقد نجحت لجنة مكافحة التمييز وقمنا بما يجب..

‏أغلق الفيفا اللجنة.. اتصلت بوكيلي وقلت له : هذه نكتة. مالذي قاموا بفعله ؟ غرموا الأندية بـ30 ألف يورو ؟ والجمهور باستطاعته العودة للملعب المباراة القادمة ؟؟ أطفالهم يرون هذا ويتخذونهم مثالا. ماذا تساوي 30 ألف يورو لأي نادي ؟ لا شيء. هذه عقوباتهم ؟

‏بصراحة أعتقد أن الفيفا قام بإنشاء هذه الوحدة لكي يبدو وكأنهم يقومون بشيء تجاه العنصرية. لست خائفا لقولها بل هذه الحقيقة. لا أعرف لما لا يقومون بالمزيد تجاه مكافحة العنصرية. يجب أن تسألهم.

‏أعتقد بالنسبة لهم فإنهم يعتقدون بأن الـVAR الذي يوضح لنا ما إذا تجاوزت الكرة الخط أم لا أهم من التخلص من العنصرية.. لديهم الكثير من الأموال ويستثمرون الكثير جدا بالكاميرات وتقنية خط المرمى وأشياء أخرى. لكن مكافحة العنصرية ؟؟ لا. المكافحة لا تجلب الكثير من المشجعين لداخل الملعب.
‏مكافحة العنصرية لا تجلب الكثير من الأموال. هذا ما أعتقده. أيضا لا تنسى أن الفيفا قام بإنشائها في عام 2013, مرت 7 سنوات ومازلنا نتكلم عن نفس المشاكل. لم يتغير شيء ابدا. بل إن كان هنالك تغير فهو أن العنصرية ساءت جدا.

‏قد تلاحظ أننا عندما نتكلم عن العنصرية فقد تتبادر لذهنك أمريكا, لكنها تحدث في أوروبا أيضا. قد لا يتم قتلنا بسببها لكننا نتضرر منها دائما هنا. الفارق أنها مخفية أكثر هنا. ألاحظها في تعامل الناس معي في الشارع. يرمقونك بنظرات غريبة, يغيرون أماكن سيرهم ليبتعدوا عنك.

‏حتى في سيارتي أعرف أنهم يفكرون : كيف لشخص أسود مع وشوم كثيرة أن يقود سيارة فاخرة هكذا ؟ يبدو أنه تاجر مخدرات أو مغني راب أو قد يكون لاعبا. لماذا الوضع هكذا ؟ لأن العنصرية متأصلة بعمق في المجتمع وممنهجة.
‏والأشخاص البيض في أعلى تلك النظم لا يريدون أن يتغير ذلك. ولما يريدون أن تتغير ؟ الوضع رائع بالنسبة لهم كما كان هكذا قبل 300 عام.

‏سأعطيك مثالا آخر. في 2019. كليمنس تونيس رئيس شالكه, احد الأندية التي لعبت لها سابقا قام بتعليق عنصري اختصاره أنه بدلا من رفع الضرائب لحماية البيئة, يجب على الحكومة الألمانية أن تنشئ محطات طاقة في افريقيا لكي يتوقف الأفارقة عن قطع الأشجار وإنتاج المزيد من الأطفال عندما يحل الظلام.
‏كنت مصدوما. هذا الشخص لديه لاعبين سود في ناديه. كنت أقول أطردوه. الصحافة كانت تقول : نعم كلامه مسيء. نادي شالكه يقول : نحن ضد العنصرية.. لكن اتعرف مالذي قاموا بفعله ؟ أوقفوه عن العمل لمدة 3 أشهر فقط. ثلاث أشهر كإجازة طويلة لطيفة وبعدها يعود لرئاسة النادي .

‏هذا هو النظام المتغلغل جدا لدرجة أن أشياءا هكذا تكون عادية فيه. لكن الأكيد هو أننا نحن أكثر من الذين على رأس الأنظمة هذه. لدينا قوة أكبر وأصواتا أعلى. لن ينتصروا ضد العالم أجمع. هذا مستحيل.
‏هذا إذا فعلا وقفنا معا وتكلمنا معا وتصرفنا معا.

‏في يوم كنت أشاهد فيديو على انستغرام, فيه مدرس في جامعة يقول لغرفة مليئة بالطلاب : قف إن كنت تود أن تتم معاملتك كشخص أسود. لم يقف أحد
‏هذا ما يسمى بالظلم العنصري. اعني الأشخاص الذين يعرفون ما يحدث لكن لا يفعلون شيئا حياله.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.