آخر الأخبار
The news is by your side.

 أيها الناس : ماذا ننتظر ؟ وهاهو من فوضناه بالاقتصاص لنا يشكو

 أيها الناس : ماذا ننتظر ؟ وهاهو من فوضناه بالاقتصاص لنا ، يشكو ويبوح بعجزه علنا ؟!!

بقلم: عبدالرحمن الامين
aamin@journalist.com

 أي عبث هذا ، وأي إستهتار يكون ؟

إذا طالعت التصريح البائس الذي صدر عن النائب العام في المؤتمر الاقتصادي ، لتيقنت أننا

تجاوزنا محطة أسفل سافلين وتدحرجنا منها ، غوصا وغطسا ، الي ما دونها بكثير من طبقات

الفشل الأدني .

هل يُعقل أن “يدعو” و”يطالب” و”يناشد” النائب العام مؤتمرا إقتصاديا بضرورة تعديل قوانين

الفساد وهو المناط بهذه المهمة ومن ظللنا ننتظره لأكثر من عام ولم يتحرك !!

في ذات الكرسي ، وهو المنصب المناط به تطبيق القوانين وإقتراح التحديثات التي تضبط

فاعلية الأداء ، أجلس النميري الترابي في مارس 1977 وعينه نائبا عاما لولايته الثانية .وكان أول

تصريح للترابي أن هناك قوانينا تحتاج لمراجعة شاملة “حتي تتماشي وتنسجم” مع العهد

الجديد ، ويقصد شريعة جعفر نميري ! وبالفعل إستل فورا سكينه وباشر جز عنق كل القوانين

التي عارضت رؤاه الفكرية حتي بلغت حصيلة المجزرة 87 قانونا معظمها في باب العقوبات

والحجر علي الحريات الشخصية . وبالنتيجة ، جهّز الترابي البلاد لمرحلة الهوس الديني التي

أطلقها نميري بعد 6 سنوات من المصالحة فيما عرف بتطبيق قوانين الشريعة الشائهة في

سبتمبر 1983.

وبالرغم من الفوارق النوعية والظرفية الشاخصة مابين المرحلتين وكيفية بلوغ الترابي لمنصة

تطبيق القوانين كنائب عام لديكتاتورية ضارية ، وطريقة ترفيع مولانا الحبر لمنصبه بإرادة ثورة

شعبية كاملة الدسم ، بيد أن الالحاح في تنفيذ مطلوبات المرحلة يظل واحدا . فثورة 13 ديسمبر

2018 طالبت منذ لحظة إندلاعها بطمر كل ماله صلة تشريعية بديكتاتورية الكيزان الفاشية

ومحاكمة رموزهم علي جرائمهم البشعة .

يشكو مولانا الحبر ، مثلنا ولنا ، ويندد بعدم تكوين مفوضية الفساد ويتحدث بمرارة ، أيضا مثلنا

ولنا ، عن غياب الكثير من الادوات التي بوسعها تصريف أعماله الاجرائية وينسي أن ذلك هو من

صميم إختصاصه ! هل يعلم ، مثلنا ، أن الاجهزة العدلية التي يديرها لم تستحدث حتي يومنا

الماثل قنوات تتواصل عبرها مع الشعب لتتلقي البلاغات والمعلومات والوثائق ممن لهم معرفة

بما نهب الكيزان من مواردنا وقوت أطفالنا ؟

فمثلا ، وحتي هذا اليوم، لا يعلم الناس كيفية التواصل مع لجان التحقيق ، أين مقراتها ومكاتبها،

أرقام هواتفها وماهو العنوان الاليكتروني لإستقبال الملفات والمعلومات السرية لمن لا يريد

الظهور شخصيا أمام تلك اللجان ويفضل تمليكها مالديه من وثائق ويحرص علي التكتم على

هويته لأي سبب كان كالخوف على حياته .

بعد عام كامل لم نطالع ولو حلقة تلفزيونية أو إذاعية يتيمة خصصها سعادة نائب عام جمهورية

السودان لمكاشفة شعب الثورة وإحاطتهم علما بمسيرة الاجراءات مع من قبض ، أو ماينقصه

من معلومات عن من هرب ، علما بأن كل الاجهزة الاعلامية مملوكة للدولة !

دعك من كل ذلك ، كنت أتمني أن يخرج علينا ذات النائب العام بتصريح يشرح لنا لماذا أصدر أمره

بإطلاق سراح السيد هشام سوباط من السجن ، وهو أحد أكبر رموز فساد نظام الانقاذ ، علما

بأن لجنة ازالة التمكين هي التي حجزت عليه وجمدت حساباته !!

قلت كثيرا أن المؤلم حقا أن يصبح الحديث عن استعادة أموال الشعب من الخارج كبنج التخدير ،

وأن غياب الارادة السياسية وبطء الاجراءات ، أو التظاهر بوجودها لشراء المزيد من الوقت وهدره

، يتجلي في الفشل في تأسيس مفوضية الفساد التي نصت عليها الوثيقة الدستورية ، أو

بتبني مبادئ التخطيط الإستباقي بالشروع مبكرا في تهيئة فرق التحقيق ذات الكوادر المؤهلة

(أكرر المؤهلة ) . فمن غير المعقول أن نوكل مهمة ملاحقة أموالنا في مصارف إقليمية وعالمية

لفريق لا يتقن أفراده لغة الخطاب الاجنبي ، ويفتقر أعضاؤه للمحصول المعرفي والخبرات

المهنية المتميزة في المحاسبة المالية ، والتدقيق المصرفي وعلوم مراجعة القوائم المالية ، أو

ليس بين أعضائه من لهم حظ وافر في علوم الاستخبارات الحديثة وفنون غسيل الاموال

وإستخراج أدلة الادانة المحاسبية Forensic Accounting . بعد تناغم كل وحدات هذا الفريق

يمكن أن يضاف اليه فريق مساند من الوزارات والاجهزة ذات الصلة كالنائب العام ، الخارجية ،

الداخلية ، الجمارك ، بنك السودان ووزارة المالية وغيرها.وينطلق هذا الفريق للعمل وفق خطة

محكمة ممرحلة بجدول زمني ويكون الانطلاق بمذكرة قانونية إستكشافية مبدئية من سعادة

النائب العام initial legal discovery disclosure يحدد فيها التهم والارصدة المنهوبة وقيمتها

والمصارف التي تأويها لكل متورط ومتهم بنهب بلادنا من القطط “المدغلبة ” .بدون أن ندفع

بمثل تلك الملفات القانونية ذات الإعداد القانوني المحترف للأجهزة العدلية النظيرة في البلدان

الاخري ، كيف سنطلب منهم كشف حسابات في مصارفهم تتحصن في غالبها بقوانين ضد

الافصاح عن موجودات الحسابات الا في الحالات الجنائية ؟ وكيف ، إذا لم تكن لنا معهم إتفاقات

المعاملة بالمثل أو تبادل مجرمين ، كيف يمكننا الطلب منهم القبض علي رعايا سودانيين ، أو

حملة جنسيات مزدوجة ، أو السماح لنا بالتحقيق معهم أو ترحيلهم ؟

هل مكتوب علي شعبنا الصابر أن يري اللافعل ، ويتحمل وينتظر ؟

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.