آخر الأخبار
The news is by your side.

مناظير .. بقلم: زهير السراج

سياسة (القُمار)!!

من المتوقع أن يعلن رئيس الحكومة اليوم فى إجتماع موسع دعا له كل الصحف القرارات الاقتصادية الجديدة بما فيها (تحرير) الجنيه، وهو فى حقيقة الأمر (إغراق) أو (إعدام) وليس (تحريرا)، فللتحرير مستحقات وشروط كثيرة لا تتوفر فى الظروف الحالية للسودان، على رأسها ارتفاع الناتج القومى وزيادة الانتاج ووجود اسواق خارجية ثابتة، واتفاقيات تجارية مشتركة مع دول الجوار تضمن تحفيز وتسويق الانتاج المحلى واستيعاب الصادرات بوتيرة متزايدة (أو على الأقل ثابتة)، مما يؤدى لارتفاع الاحتياطى القومى من العملة الحرة، ورفع القيمة التنافسية للجنيه السودانى تجاه العملات الاخرى واستقرار اسعار السلع وتحسن الحالة المعيشية للمواطنين ..إلخ، أما (رمى) الجنيه فى السوق بدون وجود غطاء من اى نوع، فهو مغامرة أو (مقامرة) فى الحقيقة، لن تؤدى إلا للمزيد من الخراب والانهيار .. !!

سيتم الاعلان ــ كما سربت الحكومة لإحدى الصحف أمس ــ عن تحرير سعر صرف الجنيه بشكل كامل بدون أى تدخل من بنك السودان فى تحديد أسعار النقد الأجنبى، مع تكوين لجنة محايدة من مجموعة بنوك وإثنين من الخبراء وممثل للصرافات للاشراف على سوق للنقد الأجنبى، وما يفهم من ذلك أن هذه اللجنة هى التى ستتولى تحديد قيمة العملات الحرة مقابل الجنيه، بغرض السيطرة على الاسعار، وهو إجراء جربته الحكومة، ولا تزال، بأشكال مختلفة ولم يحقق أى نجاح يذكر، وظل السوق الموازى (الأسود) هو صاحب القرار فى تحديد قيمة الجنيه، وهو الأمر الذى سيستمر بعد (تحرير) الجنيه، ولن تفلح الآلية الجديدة، مهما كانت طبيعة تكوينها، فى وضع القرار فى يدها، مما الأمر الذى يعنى إستمرار سيطرة السوق الأسود والمزيد من الانهيار للجنيه، وما سيقود اليه من تبعات وخيمة!!

وما يزيد الأمر سوءا هو السماح (قانونا) ببيع وشراء حصائل الصادر العملات الحرة بسعر صرف يحدده (صُناع السوق) بشكل مستقل بغرض تشجيع الصادرات ــ حسبما جاء فى الخبر ــ الأمر الذى يعنى استمرار الوضع القائم حاليا بوجود ثلاثة اسواق لكل واحد سعره، هى السوق الموازى، سوق الصادر، وسوق اللجنة المحايدة .. واستمرار الارتباك والسوء الذى يعانى منه الجنيه!!

الأمر الثالث .. هو السماح بعمليات السمسرة فى شراء وبيع الذهب، حيث حملت التسريبات الرسمية أن بنك السودان سيقوم بشراء الذهب عن طريق (وكلاء) وفقا لسعر الصرف السائد، فضلا عن السماح لهم بتصدير نسبة من مشترياتهم والتصرف فى حصيلة الصادر .. أى أن الذهب سيخضع بشكل أو بآخر للمضاربات، وارتهان قيمته للمضاربات مما سيكون له تبعات وخيمة على سعر وسوق الذهب، وبالتالى على قيمة الجنيه والاقتصاد ككل، فى بلد ليس له أدنى المقومات الإقتصادية التى تسمح بمثل هذه الإجراءات .. خاصة مع القرار المتوقع بفك السيولة، وضخ عملة نقدية جديدة من فئة المائة جنيه، وزيادة حجم الكتلة النقدية فى السوق !!

يبدو ان الحكومة بنت هذه القرارات على أحلام أو تكهنات خاطئة بزيادة الانتاج والصادرات خاصة فى مجال الغلال (الذرة والسمسم) والثروة الحيوانية، ولا ادرى كيف تتخذ حكومة قرارات خطيرة مثل هذه بناءً على أحلام وتكهنات لا يسندها منطق او معطيات حقيقية على ارض الواقع ؟!

أخيرا لا بد من التساؤل .. كيف تُغيِّر دولة إستراجيتها الإقتصادية مائة وثمانين درجة .. من النقيض الى النقيض، فى خلال ستة أشهر فقط، فمن القبضة الكاملة على كل شئ بمافى ذلك حرمان الناس من الحصول على ودائعهم فى البنوك، الى المقامرة بكل شئ .. ؟!

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.