آخر الأخبار
The news is by your side.

ماذا لو حلم كتشنر باشا بالخرطوم؟

ماذا لو حلم كتشنر باشا بالخرطوم؟

بقلم: عواطف عبداللطيف
استميح الاستاذ يوسف الامين يوسف الولايات المتحدة لاعادة ما سرده عن وهج سودان الأمس والذي وضع لبناته الأساسية المستعمر الإنجليزي وجاء ابناءه اليوم يحملون كل آليات تكسير عظمه ودمار أنسانه انقله لتناسقه ومقال نشرناه بتاريخ 7 /يناير ٢٠٢٣ بسودانيزلاين بعنوان ( ماذا لو كانت الخرطوم مستعمرة بريطانية ) لقيمته التاريخية كإرث يستحق المقارنة وان يكون لامعا في ذاكرة اجيال اليوم اللذين حرموا من ألف باء التعليم فما بال التعمق بين صفحات التاريخ كتب
” اليوم يدخل السودان عامه التاسع والستين منذ أن خرج الإنجليز منه طوعاً وتركوا دولة بحدود جغرافية ونظام مدنى وإدارى منضبط، يتكئ على هيكل إقتصادى قوى، قوامه خزانات، ومصانع ومشاريع زراعية ، وشبكة سكك حديدية تعمل بكفاءة عالية، وموانئ مجهزة لأداء دورها الإقتصادى ونظاماً صحياً وأساساً تعليمياً وأكاديمياً وهيكلاً لبنية تحتية شبه شاملة ما كان للسودانيين أن يجدوها من دراويش الثورة المهدية آنذاك، حيث تفوق تصورهم المتواضع وقتئذٍ .
عندما رجعت لتاريخ السودان، وجدت أن الانجليز الذين أحكموا قبضتهم علىه وتركوا هذا الإرث الحضارى الذى نعيش بقاياه حتى الآن، ليسوا ملايين ، بل بضع عشرات من الضباط البريطانيين والاداريين الذين انتدبتهم الخارجية البريطانية لإدارة مستعمراتها، بمعاونة بعضاً من صغار الموظفين المصريين، كان الضباط البريطانيين يعملون تحت قيادة شخص واحد، يرجع له الفضل فى تأسيس السودان الحديث الذى نعبث برفاته اليوم، والذى سلمه البريطانيون لأول حكومة سودانية، ذلك القائد الفرد هو الحاكم العام اللورد هيربرت كتشنر . الذى صنع الخطوط العامة للإدارة ، يكفيه أنه بدأ بإنشاء كلية غردون التذكارية بعد شهرين فقط من معركة كررى، بعد أن توسل لمجلس العموم البريطانى للتبرع له بمبلغ مائة الف جنيه استرلينى لبناء الصرح الشامخ تخليداً لذكرى غردون، فاستجابوا له ودعموه بأكثر مما أراد خلال ستة أسابيع فقط . كتشنر شيد الجزء الأكبر من القصر الجمهورى وكل المبانى الحكومية العتيقة بشارع النيل وبيوت الموظفين وثكنات الجيش والبركس والبريد والبرق والتلغراف ليغطى الآف الكيلومترات، بنى الخرطوم ورصف شوارعها وجملها بعشرات الآلاف الأشجار، والمسجد الكبير وبنك باركليز وبنك مصر، واكتملت كلية غردون العام ١٩٠٥ الذى شهد افتتاح الترام البخارى، وصنع قبله السكك الحديدية ربطت الشمال بالجنوب واخر لبورتسودان واسس الميناء عام ١٩٠٤ وكاد أن يبدأ تنفيذ ميناء شيخ برغوت كميناء رئيسي ، لكن فلسفة أولوياته وتباطؤ الادارة البريطانية حال دونه فأكمل الخط الحديدى غرباً حتى كردفان ليربط مدينة الابيض . وشيد كوبرى كوستى وكبري يربط الخرطوم وبحرى، و أنشأ كتشنر أكثر من ثلاثين مستشفى موزعة بعشرين مدينة ودور للقابلات وعشرات المدارس والمعاهد التعليمية .
وفى مقال كتبه الصحفى كولن رالستون بالمجلة البريطانية وترجمه بدرالدين الهاشمى، أن كتشنر استدعى الملازم مهندس جورج جورنجى ببرقية بالغة الاختصار والصرامة، ( احضر فوراً للخرطوم لبدء الأعمار) لدينا ٢٠٠٠٠ جنيه. إبدأ بالقصر. و ما أن حل يناير ١٨٩٩م كان أكثر من عشرين الفاً من الرجال يصنعون الطوب، و بعد مرور شهر واحد رصفت كل الطرق و غرس ٧٠٠٠ شجرة لبخ فى محيط القصر وشارع النيل ).
كان اللورد كتشنر صارماً كحد السيف ولكن ليس حباً فيه بقدر ما كان إخلاصاً لوطنه بريطانيا التى خرج من أجلها.
ليختم يوسف مقاله التوثيقي ” من حقنا أن نغنى ونحتفل بالإستقلال ، وعلينا أن نستصحب الحقائق التاريخية التى تؤكد أن قائداً واحداً يمكنه أستنهاض أمة بحالها مهما بلغ بها اليأس، وهذا مايحتاجه السودان الآن أكثر من أحزابه ومنظوماته السياسية المتنافرة، أعنيها تماماً، وفى ناظرى ذلك الإنحدار الذى يتردى فيه الوطن بأيادى أبنائه منذ خروج الأجانب وحتى اليوم .
وفى غمرة حسرتى، يداهمنى السؤال الذى طالما أرقنى !! أليس فينا كتشنر واحد !! أليس فينا قائد أو حتى عاقل واحد .

Awatifderar1@gmail.com

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.