آخر الأخبار
The news is by your side.

لماذا اختار الرئيس البشير مليشيا الدعم السريع من غرب السودان ؟؟. بقلم:سارة عيسى

في كل دول العالم التي تتحول أراضيها كمسرحا للحروب تكون المليشيا من قبيلة الرئيس ، وعندما تضعف الدولة وأجهزتها الأمنية يزيد الإعتماد على المليشيا ،كان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح يعتمد على قبيلة حاشد فحول الجيش إلى مليشيا ، سلفاكير يعتمد على الدينكا في بسط سلطته في جنوب السودان ، اما الرئيس الليبي معمر القذافي على قبيلة الورفلة ، وفي لبنان وفي ايام الحرب الأهلية قاد الدروز وليد جنبلاط والشيعة نبيه بري ، اما الموارنة فكانوا تحت قيادة الدكتور سمير جعجع ، وكذلك الحال في العراق . ملخص ما أود قوله ان المليشيا تتبع للرئيس الحاكم والتقاطع اما القبيلة أو التوجه الفكري
في السودان اعتمد الخليفة عبد الله التعايشي على الجهادية ، وهي قوات من غرب السودان ، ولا تختلف عقيدتها كثيراً عن عقيدة قوات الدعم السريع ، لكن المفارقة انها من غرب السودان ، كانت قوات الجهادية تعتمد في مواردها على السلب والنهب ، وعندما حدث الغزو البريطاني للسودان تبخرت هذه القوات ولم تقاوم المحتل ، والسبب لان عقيدتها القتالية كانت موجهة للداخل ، بل أن الفظائع التي ارتكبتها الجهادية ضد المواطنين اثارت نقمة الناس عليها ، مما سهل الاحتلال الانجليزي للسودان. وقد وجد الناس في الاحتلال الانجليزي مخلصاً حررهم من الذل الذي كانت تمارسه هذه المليشيا.
لكن لماذا اختار الرئيس البشير ابناء غرب السودان لحماية الحكومة ؟؟ ولماذا قام بتهميش الجيش السوداني وهو مؤسسة قومية ؟؟
الرد على هذا التساؤل هو ان الشعب السوداني في شمال السودان هو شعب مدني وليس مليشاوي ، شعب يعتمد على الدولة ويريدها في توفير الخدمات ، وايضاً لأن هذه المنطقة نائية عن الحروب والإضطرابات ، فالتداخل بين قبائل الشمال مع مصر يختلف عن نظيره مع تشاد او افريقيا الوسطى ، وذهنية الناس في شمال السودان تميل للاستقرار والسلام ، وقد ايد شمال السودان الانجليز لانه جلب الدولة واستحدث اسلوب متمدن في الحكم وانهى عصبية غرب السودان التي كان يمثلها الخليفة عبد الله. وقد انعكس ذلك بان النخبة التي حكمت السودان بعد رحيل الانجليز كانت كلها من شمال السودان.
وعندما احتلت مصر حلايب في بداية عهد النظام الحالي لم يعترض السكان في حلايب على هذه الخطوة ، والسبب لان مصر وفرت الخدمات واهتمت بهذه المنطقة التي اهلمتها الحكومة المركزية في الخرطوم ، والمربع الذي تحتله مصر أفضل من نظيره السوداني الذي يعاني من التهميش والاهمال ، بل ان المواطنين في كسلا وحلايب لو تم تخييرهم في امر الوطن فسوف يختارون ان يكونوا جزءاً من ارتريا ومصر ، لان الوطن ليس رباً يُعبد حتى يتمسك الناس به لدرجة ان يفقدوا كرامتهم ويموتوا بسبب الامراض ، وخيار الأنسان بأن يعيش امناً وسعيداً هو الغالب ، ولذلك سمح العالم المتحضر بما يُعرف باللجوء السياسي، والذين يركبون البحر في قوارب الموت متجهين نحو اوروبا ليس خونة او متآمرين على اوطانهم .
فمجتمع الشمال لا يمكن أن يتحول إلى مليشيا لانه شعب متعلم ويميل للاستقرار ، والبشير كان يخاف من نفوذ نافع وعلي عثمان لو كانت المليشيا من شمال السودان ، فهذين الرجلين تجري في دمائهم المليشاوية بسبب فكر الاخوان المسلمين ، ثانياً ان النقمة على قوات حميدتي انتقلت إلى جميع أهلنا في غرب السودان بدون فرز ، لأن مصطلع العرب والزرقة كنوع من التباين العرقي ينطبق على حالة دارفور ، لكن في بقية انحاء السودان ان كلمة (الغرابة) تشمل فقط الجغرافيا حيث لا يفرق الناس بين الرزيقي او الزغاوي .
استخدام الرئيس البشير الرزيقات المحاميد في مليشيا الدعم السريع مثل استخدام العباسيين للبرامكة ، انظر كيف تخلصت حكومة الإنقاذ من الشيخ موسى هلال وهو الذي مكنها من السيطرة على دارفور وحارب معها وهو يستخدم ابناء قبيلته حيث عمد إلى إستئصال القبائل الافريقية.
اخيراً ، هذه المليشيات محدودة الطموح ، فهي لا تستطيع الاستيلاء على الحكم في الخرطوم لكن يمكنها حمايته ، فوجود قبائل شمال السودان في الجيش السوداني وبالذات في القوة الجوية وسلاح الطيران يحول دون ذلك ، وأعتقد ان هذا الوضع خلق نوعاً من توازن القوى بين الاجهزة الأمنية ، فلو انقلب حميدتي على البشير يُمكن ضربه بسلاح الطيران ووأد حركته وهي في المهد ، كما يُمكن استخدام الصوت العنصري لجذب المقاتلين من الشمال كما حدث مع حركة الدكتور خليل ابراهيم الذي تم تصويره بأنه تشادي .
والان لجات الحكومة لاسلوب ماكدونالد وهو توزيع قوات الدعم السريع على بقية انحاء السودان ، وبالذات في المناطق التي يكون فيها الوالي من غرب السودان ، وقد رأينا كيف انقلب اعلام الإنقاذ ضد ممارسات هذه المليشيا في الخرطوم عندما عمدت لحلق روؤس الشباب ، فالشخص الذي كان يمسك بمقص الحلاقة كان برتبة عقيد وتحرسه خمسة عربات تاتشر عسكرية ، فقد اطلقت الانقاذ الحبل لهذه المليشيا حتى تكسب نقمة الناس ، بعدها يُمكن التخلص منها ، تماماً كما حدث مع موسى هلال.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.