آخر الأخبار
The news is by your side.

 لغتنا المستهدفة..المهزومون من داخلهم

 لغتنا المستهدفة..المهزومون من داخلهم

بقلم: د. هاشم غرايبه

المهزومون من داخلهم، هم المفرغون من العقيدة، ترى أعينهم تدور في محاجرها فرقاً، وتصفر وجوههم رعبا، يحسبون كل صيحة عليهم، فيسارعون الى رفع الراية البيضاء قبل أن يبدأ النزال.

هكذا وصف الله تعالى المنافقين الأقدمين..وهكذا هم طوال التاريخ، ومازالت هذه صورتهم بيننا اليوم.

في معركة التمسك بلغتنا، رمز فخارنا، ومبعث عزنا، يبررون استسلامهم بأن اللغة العربية عاجزة عن حمل المصطلحات الحديثة لذا فهي معيقة للتقدم، وييتوهمون أن من يروم اللحاق بالغرب وامتطاء صهوة التقنية، فعليه التحدث بلغتهم وهجر الماضي لغة وحضارة.

يكفي لدحض ذريعتهم المثال الماثل أمامنا، وهو ألمانيا واليابان، هزمتا واستسلمتا للأمريكان بلا قيد ولا شرط، لكنهما تمسكتا بلغتيهما لأنها عنوان حضارتيهما، وسرعان ما استعادتا عافيتهما، ثم نهضتا، ثم نافستا المنتصر بل وبزّتاه تقدما وفهما.

إذاً كان سر التعافي أن الانهزام العسكري لم ينتج انهزاما داخليا (ثقافياً)، لذا يجب علينا الصمود أمام الدعوات الإنهزامية الإلتحاقية، والتمسك بلغتنا، بل وإنزالها المنزلة التي تليق بها، لا سيما وأن العالم اعترف بها كإحدى اللغات الست الرئيسة في الأمم المتحدة…كم شعرنا بالفخار ونحن نرى وزيرة خارجية النمسا تلقي خطاب بلادها بالعربية، وبالخزي عندما يلقي زعماء عرب كلمة بلادهم بلغة أجنبية.

العربية لا يعجزها البيان ولا تعوزها المفردات، إنما ثقافة المتحدث بها هي القاصرة، فاللغة أصلا وعاء للفكر، وليست منشئة له، فهي كالرافعة بيدك ترفع بها فكرك الى السحاب، أو تنزله الى القاع، ولا تستعمله إلا كحاوية لجمع القمامة.

لذلك فأول مهمة تعترض طريق نهضتنا، هي التمسك باللغة أولا ومبدئيا، ثم الإرتقاء بها في نزال المصطلحات، ثم تعريب التدريس الجامعي، وعندها تتكون قاعدة من الأكاديميين ينطقون العربية بلسان سليم، ولا يتقعرون لغة ليست لغتهم الأم، لأن العمليات العقلية عند الإنسان تتم دائما بلغة واحدة والتي تعلمها في الطفولة، وهي لغته الأم.

بعد ذلك يجب على النظام التربوي العربي أن يصحو ويتنبه لما هو سائر فيه، في طريق تعليم الأطفال علومهم بغير لغتهم الأم، لا يضير أن يتعلم الطلاب أكثر من لغة، لكن الخطورة في جعل تفكير الطفل منذ البداية يتم بلغة أخرى، لأنها ستصبح تلك هي لغة التفكير لديه، وذلك هو جوهر التغريب الحضاري ومبتغاه الحديث.

لقد انتشرت المدارس التي تتبع أنظمة غربية، وبشكل مقلق، ولو تمعنا في ما يجري في وزارات التربية العربية لشعرنا بالهلع، فالدفع المستمر من قبل من يسمونهم (خبراء تربويين) باتجاه هذا النوع من التعليم، تحت ستار تطوير وسائل التدريس والإرتقاء بالمناهج من التلقين التقليدي.

لكن السؤال الذي يكشف خبث هدفهم هو: لماذا لا يمكن تحقيق هذا الهدف باللغة العربية؟

هؤلاء الذي يلبسون مسوح الخبراء، فيما هم لا يَعْدون كونهم امتدادا للحملات التبشيرية سيئة الصيت، ألم يدرسوا ذاتهم العلوم والرياضيات بالعربية…هل تخرجوا جاهلين؟..ألا يعتبرون أنفسهم في طليعة العلماء!؟.

لقد ظهرت نواياهم الخيثة عندما دعوا الى إفراغ المناهج من القيم الدينية، ومن الإشارة الى أحداث التاريخ الإسلامي، بذريعة أن ذلك تلقيني ويحد من تنمية الفكر النقدي لدى الطالب.

هل ان النقد لا يكون إلا بالتشكيك في العقيدة أو التاريخ؟

لماذا إذاً يدرس الأوروبيون أطفالهم تاريخ بلادهم، ويعتبرون ذلك واجبا وطنيا مقدساً!؟.

أليس التاريخ روايات تاريخية!؟..فهو تلقين إذاً.

إذا كانوا صادقين في ادّعائهم أنهم يعلمون الطالب النقد والتشكيك بصحة ما يُدرسونه إياه…هل يجوز لطالب أن يشكك في مصداقية قصة المحرقة (الهولوكوست)؟، أو على الأقل أن يتساءل عن دقة المصادر التي استند رقم الستة ملايين، وهل مقولة أنهم أحرقوا من أجل انتاج الصابون صحيحة علميا ومنطقيا!؟.

لا شك أن الطفل سيُعنّف على أسئلته، وسيحكم على والده بالسجن عشر سنوات..فأين ذهبت فلسفة النقد!؟.

لغتنا مستهدفة، لأنها لغة القرآن، والمطلوب هو التشكيك في مرتكزات العقيدة الإسلامية، لإنشاء جيل مهزوم داخليا، يرفع الراية البيضاء.. بلا نزال!!.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.