على كل … بقلم: محمد عبد القادر
يوم للانتخابات.. الأحزاب والبصيرة أم أحمد
هل تعلم عزيزي القارئ أن القوى السياسية الممثلة في البرلمان جلست خلال الستة أشهر الماضية 293 ساعة مع المؤتمر الوطني لحسم الخلافات المحتدمة بشأن قانون الانتخابات.
(37) يوماً والقوم يتشاكسون بشأن (4) قضايا خلافية، والمعاناة مع الأزمات تتصاعد دون أن يفتح الله على هذه الأحزاب بتقديم مقترح واحد لحل الأزمة الاقتصادية ولو على سبيل مجاملة الشعب السوداني البطل، لكنهم يتدافعون لتداول القانون المفضي للسلطة وبعيداً كذلك عن ما يمكن المواطن من ممارسة حقه الانتخابي كما ينبغي في اختيار من يمثله.
(23) اجتماعاً ولم يكن المواطن حاضراً في أجندة الأحزاب للحد الذي تقدمت فيه بمقترح لإنهاء الانتخابات في يومٍ واحد.
بعض القوى السياسية تتاجر كالعادة بمعاناة الناس وتتخذها أجندة وذرائع لامتطاء صهوة السلطة، بينما المواطن آخر الهموم.
يتحدثون عن المعاناة والأزمات، حتى إذا خلو ببعضهم تتأجل بند الاهتمام بالناس وتقدمت مطامع الكرسي والتمكين على ما سواها من اعتبارات.
ليتهم تداعوا لبحث الأزمات وقدموا مقترحاتٍ لحلها وتحسين أحوال الشعب السوداني، لكنهم انصرفوا في قانون الانتخابات إلى مضاعفة الصرف بإضافة (80) نائباً سيأخذون مخصصاتهم من جيوب المواطنين نظير التمثيل الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.
ظللت أبحث عن المواطن في الحوار والخلافات حول قانون الانتخابات فلم أجده، توافقت الاجتماعات على (49) نقطة، وكان التباين حاداً حول ثلاثة مواد تتعلق بأيام الاقتراع، وتصويت المغتربين، والسجل المدني.
استغربت جداً والقوى السياسية تشترط أن تكون مدة التصويت يوماً واحداً قبل موافقتها على إمضاء القانون المهم لتحديد مستقبل الحكم وتحقيق الاستقرار السياسي، ضنوا على المواطن بيومين أو ثلاثة أيام لممارسة حقه في اختياره بزعم الخوف من التزوير.
أليس من الممكن أن يحدث التلاعب والعبث بالصناديق في اليوم أو الساعة المحددة للاقتراع.
السؤال المهم هل تملك القوى التي تتجادل وتتشاكس الآن حول قانون الانتخابات قواعد جماهيرية كاسحة حتى تتخوف من التزوير، وهل تعتبر مهلة اليوم كافية لإنهاء الانتخابات في وطن مثل السودان، معلوم ظروف الحركة بين مدنه وقراه ووديانه وفرقانه.
الجميع يرى أن المؤتمر الوطني كان بإمكانه أن يستفيد من فرصة اليوم الواحد نظراً لإمكانيته في التعبئة ولكن رغم ذلك تقدم بمقترح لمنح العملية الانتخابية الفرصة الكافية.
محاولات التصدي لتزوير الانتخابات بتقليل مدة الاقتراع وحصرها في يوم واحد شبيهة بمعالجة (البصيرة أم حمد) الشهيرة، بينما تحقيق النزاهة يتحقق بالتدابير المتبعة في الرقابة على الصناديق وسير العملية الانتخابية والذين يفكرون بغير ذلك من القوى السياسية يمكن أن ينادوا بإلغاء الانتخابات حتى تتحقق نزاهتها.
يحمد للمؤتمر الوطني إنه لم يجنح للأغلبية لتمرير القانون، وأنه تنازل في أكثر من ثلاثين نقطة من باب حرصه على التوافق استصحاب روح الحوار، وإزاء تعنت القوى السياسية أتمنى ألا يتراجع عن كثير من النقاط المتوافق عليها بمبدأ (الحشاش يملا شبكتو).
مما لا شك فيه كذلك، أن بعض القوى السياسية خفيفة الوزن تدخل في هذا الحوار من باب تضييع الوقت لعلمها التام بأنها راسبة في أي امتحان لتحديد الأوزان، وتلعب على (دكها) كما يقول أهل (الكوتشينة).
نتمنى أن تسهم الاتصالات التي تدور حالياً في تقريب وجهات النظر، والتوصل إلى جديد يتجاوز بالقوى السياسية والمؤتمر الوطني مربع الخلاف المحتدم، وأن يستصحب الجميع المواطن وأهمية العملية الانتخابية في تحقيق الاستقرار بالسودان.