ساخر سبيل … بقلم: الفاتح جبرا
لوري عوض
(عوض سيد اللوري) اسم يعرفه كل سكان الحي الذي نقطنه منذ زمان، فقبل سنوات طويلة امتلك (عوض) هذا اللوري (الأوستن) وبدأ العمل به في نقل (الرمل) والمونة والطوب وكافة مواد البناء، كان (اللوري) يدر عليه دخلاً كبيراً بمفهوم تلك الأيام إلا أنه كان يسير وفق تلك المقولة التي تقول (أصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب) فقد كان يسرف كثيراً في الصرف على مأكله ومشربه وملبسه وسفرياته الخارجية بغرض الترفيه هذا غير صرفه اللا محدود على أسرته وأقاربه و (خواصه) وشلة أصدقائه وجلساته التي كان يغدق فيها المال بغير حدود.
عندما توقفت شركة (الأوستن) الإنجليزية عن الإنتاج في ثمانينات القرن الماضي مما جعل السوق يخلو من قطع غيارها التي أصبحت تستورد من (الهند) وتباع (سوق أسود) بدأ (عوض) في (توليف) الأسبيرات لإطالة عمر اللوري وحثه على العمل حتى جاءت اللحظة المفصلية التي أوقفته تماماً وجعلته جاثماً أمام المنزل بعد أن احتاج إلى (عمرة كاملة) بالشيء الفلاني تقاعس عنها (عوض) لعدم وجود (الفكة) لقيامه (بأكل) كل الإيراد وإنفاقه أولاً بأول.
• يا عوض شوف ليك إسبيرات للوري ده ودورو قبل ما يجلس ويبقى خرده !
إلا أن عوض لم يكن يعر هذا القول اهتماماً لمعرفته باستحالة الأمر في ظل ظروفه المادية المتعسرة التي يعلمها، اصبح (اللوري) ظلاً ظليلاً ترقد تحته الكلاب الضالة ومأوى لبعض الشماسة الذين ينامون داخله ليلاً بعد أن قاموا بنزع (المرايات) والمقاعد الأمامية وكل ما يمكن بيعه مما حدا بعوض إلى (فك اللساتك) وإدخالهم إلى (الصالون) ورفع اللوري بعدد من الأحجار الثقيلة .
ما لبث (عوض) أن قام ببيع (اللساتك) ثم شرع في (فك) أجزاء (المكنة) وبيعها لمحلات (الأسبير المستعمل) بالسوق الشعبي، مرة (اللديتير) وأخرى (البوبينا) وثالثة (الدينمو) وذلك حتى يتمكن من الصرف على البيت ومضى على ذلك زمناً طويلاً تعاقبت عليه الكثير من الفصول صيف وخريف وشتاء.
قبل أيام وجدت (عوض) يرتدي (الأوفرول) وقد افترش الأرض وهو يضع أمامه عدداً من (المفاتيح والمفكات) جالساً أمام (هيكل اللوري) ، للوهلة الأولى ظننت أن الرجل (طقتو فلسه كالعادة) ويود أن يقوم ببيع أحد الأجزاء إلا أنني سريعاً ما قلت لنفسي (هو في شي تاني يبيعوهو؟ ما الحتت كلها إتباعت) :
• سلام أسطى عوض
• عليكم السلام يا أستاذ
• إن شاء الله خير ؟
• لا بس عاوزين (نشغل) اللوري ده !
بالطبع كنت أتوقع أي شيء إلا هذه الإجابة .. فـ (لوري) عوض لا يمكن أن تدب فيه الحياة من جديد وإن دبت في (الأموات) فغير أنه قد عانى من الاهمال لسنوات طويلة وتم بيع معظم أجزائه فإنه تعرض لكثير من السرقات التي جعلت منه هيكلاً عظمياً مما جعله خارج الزمن تماماً!
• يا أسطى عوض لكن القصة دي عاوزة ليها مجهود كبير براك ما بتقدر عليهو !
• شوف يا أستاذ … براااي ح أصلحو ولو أي حاجة مشت تمام في 200 يوم اللوري ده ح تلاقيهو في الظلط !
لابد أن أعترف بأن حديث الأسطى عوض قد أصابني بالاستغراب الشديد فبعد الإهمال الشديد الذي عاناه هذا اللوري وتوقف نبضه لسنوات طوال وتفكيك أجزائه وبيعها في سوق (الله أكبر) كخردة علاوة على السرقات التي تعرض لها وهو جاثم في مكانه بالإضافة (وده المهم) أن (الأسطى عوض) أباطو والنجم ولا يمتلك أي (سيولة) لإعادة تأهيله .. كل ذلك جعلني الزم الصمت وأقول لنفسي :
• الأسطى عوض ده الظاهر شبكتو طشت !
انتشر خبر إعادة تأهيل (لوري الأسطى عوض) في الحي (والأحياء المجاورة) إذ أن (اللوري) يعد معلماً أثرياً من معالم الحي، البعض كان يرى بأن اللوري (لحق أمات طه) بعد أن أهمل لسنوات ومن الاستحالة بمكان بث الروح فيه من جديد، والبعض الآخر كان يرى أن الأمر ممكن بس (الأسطى عوض) يستعين (بصديق) أما الفئة الثالثة فقد كانت تعتقد أن القصة (حركة في شكل وردة) وتمثيلية من عوض حتى يقنع (الحاجة) والأولاد أنه (شغال وما قاعد ساي) وإنه يسعى من أجل توفير لقمة العيش لهم بعد أن (ركلس) زمناً طويلاً (لا بهش وللا ينش) حتى أصابتهم المسغبة !
بعد أسابيع كنت ومعي بعض الجيران في الحي (نتناقش) في موضوع الأسطى عوض وكيف يمكننا مساعدته، قال أحد الشباب (ضاحكاً) :
أصبرو شوية، بكرة علي تلاقو الأسطى عوض عندو تغريدة في تويتر بتقول :
نجحنا في نفض الغبار من اللوري وقمنا بشراء البوري .. أعتقد إننا نسير في الإتجاه الصحيح !!
كسرة:
كل شي وللا يسرقو البوري !!
• كسرة ثابتة (قديمة):
أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 103 واو – (ليها ثمانية سنين وسبعة شهور)؟
• كسرة ثابتة (جديدة):
أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 62 واو (ليها خمسة سنين وشهرين).