رحيل الأخ الصديق والزميل الاعلامى عبدالله الباقر إلى رحاب الله !!
كلام بفلوس… بقلم: تاج السر محمد حامد
رحيل الأخ الصديق والزميل الاعلامى عبدالله الباقر إلى رحاب الله !!
قد لا نبكى فى اشد لحظات الألم والحزن .. تتجمد المشاعر .. تقف الدموع فى المحاجر فلا تبارح .. ويصاب الإنسان منا بدرجة تثلج غريبة فى اعماقه يشعر معها بأن كل شئ ميت .. كل شئ متوقف .. كل شئ لا يتحرك على الإطلاق .. يحدث هذا لأن الإنسان طاقة والإنسان شعور وأعصاب .. الإنسان لحم ودم فإذا أختلطت كل هذه الاشياء فى لحظة من لحظات الحزن العميقة تحول إحساس الإنسان وشعوره واعصابه ودمه ولحمه إلى رماد .. إلى جبال من الثلج إلى صمت عميق وصدمة قاتلة .. ذلك إن لعنة الهم والحزن والألم تظل لعنة جريحة تحمل فى جوفها كل انين الدنيا وصدمات الحياة وأحزانها .
فالذين عاشوا تجربة مأساة من تجارب الحزن هم الوحيدون الذين يفهمون هذه اللغة المملؤة بالكآبة والتمزق إلى درجة الإختناق .. وعندما يفقد احدنا عزيزا ولا يبكية فإنه يعبر بذلك عن حالة الذهول التى تملأ ارجاء حياته وتستبد به وتغرقه فى دوامة لا نهاية لها .. وهكذا يصبح الهم عميقا لأنه يظل مخزونا فى اعمق اعماق الإنسان .
اما الذين يبكون ويقدرون على الصراخ فى لحظات الألم ويستطيعون إطلاق سراح زفراتهم ودموعهم إلى الخارج فهؤلاء يرتاحون كثيرا لأنهم يكونوا بذلك قد تخلصوا من شحنات مدمره من مخزونهم الحسى .. وقد آن لهم أن ينجوا من وطأة الألم القاتل .
غير ان الفراق مؤلم والحياة حين تقسوا على أى إنسان فينا فإنها تحرق من اعز زميل لديه .. تخطفه تباعد بينه وبين ذلك العزيز فتمزق حياته وتجعله غريبا فى دنيا يندر فيها الأحبة والأوفياء .. وليس ألم للنفس ولا اقسى على المشاعر من ان تفقد أخا وزميلا هو ماضيك وحاضرك .. ذلك ان كثيرا من الاموات يرحلون بصمت ويتركون خلفهم الكثير من الألام والمآسى والأحزان والكثير والكثير من البصمات العميقة والمؤثرة فى حياتنا .
انهم يرحلون إلى حياة أخرى داخل حياتنا .. أننا نراهم ونحسهم ونشعر بهم يتركون داخل مشاعرنا وفى احداقنا وبين ثنايا عقولنا ذكراهم الطيبة .. فليس صحيحا أن الانسان ينسى وليس صحيحا ان جراحاته تلتئم بهذه السهولة وإنما الصحيح هو ان المصائب تدفن بعضها بعض .
هذه المقدمة لكى اصل بكم إلى رحيل الأخ والزميل والصديق الاعلامى الفذ عبدالله الباقر إبن الجزيرة الوفى ليرحل عن دنيانا ويترك فى دواخلنا جرحا عميقا لن يندمل .. فقد كان شهما وشيال تقيله ومقنعا للكاشفات .. رقيق الطبع قليل الغضب كثير المعاذير للناس .. قويا فى الحق مهما جفلت منه النفوس او جفت منه القلوب .
اللهم إن عبدك عبدالله الباقر قد جاءك خاليا من وفاض الدنيا إلا من إيمانه العميق وحبه لرسول الله صل الله عليه وسلم .. اللهم يا الله اغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس .. اللهم انر قلبه ووسع مرقده واجعله روضه من رياض الجنة واجعل مقامه فى الفردوس الاعلى مع الانبياء والصديقين وحسن اولئك رفيقا .. اللهم افرغ علينا جميعا صبرا جميلا واحتسابا منجيا واجعل البركة فى ذريته .. إنا لله وإنا إليه راجعون .
واخيرا استميح القارئ عذرا إذا توقف اليراع عند هذا لأننى اشعر بوساوس الشيطان الكريهة تتسلل إلى نفسى بخطوات سريعة .. وساحاول بقدر إستطاعتى صرف هذا الخاطر عن ذهنى واذهب فورا لاتوضا واسجد لله العزيز القدير مستغفرا ومنيبا إليه .. فهم السابقون ونحن اللاحقون ولاحول ولاقوة إلا بالله .