آخر الأخبار
The news is by your side.

خبراء ومختصون العودة للسلم التعليمي القديم إقرار بالفشل.

سودان بوست: الخرطوم

مياه كثيرة جرت تحت جسر القرارات التي اتخذتها حكومة الإنقاذ منذ وصولها لسدة الحكم.. وهن وضعف أصاب جسد التعليم بشهادة المسؤولين أنفسهم عقب إلغاء المرحلة المتوسطة واستبدالها بالصفين (السابع والثامن) قبيل بداية الألفية الثانية، حيث شرعت السلطات في إغلاق مدارس وتحويل مباني أخريات إلى جامعات ووزارات رغم الأصوات المنادية بعدم المساس بالخارطة التعليمية آنذاك، إلا أن القائمين على الأمر لم يأبهوا مما جعل البعض يشبه الإجراء بإحداث جرح على قطاع التعليم بمشرط السياسات غير المدروسة، والغريب في الأمر أن ذات السلطات وجهت بإنفاذ توصيات مؤتمر التعليم الذي عُقد في فبراير من العام 2012م، والتي وجهت بمراجعة السلم التعليمي وإضافة عام دراسي مما يعني إقرار مبطَّن بفشل السياسات المتبعة -حالياً- الأمر الذي يبعث العديد من التساؤلات أهمها ماهي الجهة المسؤولة عن متابعة تنفيذ التوصيات التي لم تر النور لأكثر من (5) سنوات، وإلى أي مدى تكون مقررات تلك المؤتمرات ملزمة لأجهزة الدولة تنفيذها وما هي الآلية التي يتم على أساسها تصنيف المعلمين للتدريس بالمرحلة المتوسطة وكيف تعاد مقرات المدارس المتوسطة التي اختفت في الوقت الذي تعاني فيه مدارس بالولايات من نقص في الفصول والمعلمين وأخرى لا توجد بها مرافق صحية ولا حتى أسوار.
فلاش باك
توصيات عدة تناسلت من مؤتمر التعليم العام الذي انعقد في العام 2012 بمدينة كنانة بولاية النيل الأبيض وأمَّنت التوصيات على إضافة عام دراسي للسلم التعليمي، كما أكد نائب رئيس الجمهورية آنذاك علي عثمان محمد طه ضرورة إعادة النظر في السلم التعليمي وإضافة عام جديد واختيار أيهما الأنسب للإضافة أهي لمرحلة الأساس أم الثانوي، وأشار طه إلى تشكيل آلية لتنفيذ التوصيات في غضون أيام بعد التزامه بالتنفيذ الفوري على أن يتم مراجعة بقية التوصيات وتقسيمها على مراحل زمنية لإنفاذها، كما طالب المؤتمرون إعادة صياغة الأولويات القومية للدولة وتخصيص نسبة 8% لميزانية التعليم من الناتج المحلي الإجمالي و20% من الإنفاق العام السنوي لضمان إلزامية مجانية تعليم الأساس، بجانب تطوير وتنقيح المناهج وحل كافة قضايا المنهج القومي باللغة الإنجليزية فيما يتعلق بتوحيد الترجمة واعتمادها من جهات الاختصاص، بالإضافة لتدريس اللغة الإنجليزية من الصف الثالث بدلاً عن الرابع، وأشاروا إلى ضرورة إنشاء كليات إعداد المعلمين التقنيين.
معاناة
أجرت الصحيفة مسحاً على عدد من المدارس بالعاصمة والولايات أوضح حاجة أغلب المدارس إلى مرافق صحية وأسوار وإجلاس هذا خلاف حاجتها الماسة للمعلمين بالإضافة فك الاختلاط ببعض المدارس في المركز والولايات وضيق المساحات رغم أن هناك شروط يتم بموجبها التصديق ورسم معلمون صورة قاتمة لمستقبل التعليم بالبلاد خاصة وأن السلطات تغض الطرف عن حلحة الإشكاليات وظلت تمسك يدها عن الصرف على التعليم ودعم المدارس حتى في الطباشير، وقالوا إن الكهرباء والمياه منعدمة بعدد من المدارس، كما أن هناك طلاب يجلسون على الأرض ومنهم من يدرسون تحت ظل الفصول والأشجار والرواكيب لينتهي يومهم بمجرد ذهاب الظل، ووصف بعضهم ما تفعله الحكومة (بروحان الدرب)، لأن وصل الأمر بهم مرحلة عدم معرفة ما يفعلون خاصة وأن الحكومة على يقين بأن قطاع التعليم يعاني من تدهور في المستوى الأكاديمي والبني التحتية ورغم ذلك تتحدث عن سلم وبناء فصول وتشييد مدارس وغيرها في وقت تعاني فيه المدارس القائمة أصلاً أشد المعاناة.
عقبات تواجه المشروع
الحديث عن إرجاع المرحلة المتوسطة أمر جيد، ولكن المشكلة يكمن في التنفيذ بهذه العبارة بدأ وكيل مدرسة الصداقة بالقضارف علي أبكر على حديثه لـ (الأخبار) وزاد إن هناك عقبات ستواجه المشروع في مدارس عدة خاصة بولاية القضارف باعتبار أن المدارس المختلطة عددها كبير بالولاية هذا خلافاً للنقص الحاد في عدد المعلمين والإجلاس والفصول وعن مدرسة الصداقة، قال إن المدرسة بها ثلاثة فصول ثابتة والبقية من القش والثانية تفعل بها الظروف الطبيعية من مطر ورياح ما تشاء وأحياناً نفقدها كما يوجد حمام واحد فقط بالمدرسة وبصراحة لا يصلح أن يطلق عليها مدرسة رغم بعدها خطوات من وزارة التعليم وأمانة الحكومة، وأوضح أن وقوعها في منطقة تكاد تخلو من المنازل يجعلها في خطر إذ أصبحت أوكاراً وملاذاً للسكارى والمشردين، ولفت إلى أن الاختلاط وبعد الفصول عن بعضها يصعب كثيراً من عملية فصلها ويجعلها مستحيلة، وهنا أدعو القائمين على أمر التعليم خاصة إدارة التعليم بالولاية إلى زيارة المدرسة والوقوف على المعاناة التي نعانيها في كل شيء حتى في توفير مياه الشرب من عربة الكارو ومن ثم نبحث في كيفية إرجاع السلم القديم.
أنصاف متعلمين
الخبير التربوي حيدر محمد علي، وصف العودة للسلم التعليم القديم بإرجاع المرحلة المتوسطة بالعودة إلى الحق خاصة وأن البلاد فقدت جيل تخرج أغلبه أنصاف معلمين لغياب واسطة العقد في التعليم، وأعني بها المتوسطة فهي مرحلة ذات خصوصية كانت تُعِد التلاميذ للانتقال من مرحلة الطفولة لمرحلة الشباب والرجولة ولا شك أن تجفيف المرحلة المتوسطة لم يكن مهنياً فقط، بل وصل إلى البني التحتية فقد تصرفت الحكومة في أغلب مدارس التعليم المتوسط وحوَّلت أغلبها لجامعات ووزارات كما في بحري ومحليات كما في الخرطوم أو لمدارس ثانوية وأغراض أخرى كما حدث بأم درمان ومعظم مدن البلاد ولم يستبعد حيدر إرجاع المرحلة ورد الأمر ليس مستحيلاً، ولكنه صعب لأن الحلول مع أنها متوفرة ولكنها تحتاج لقرارات قوية مثل تلك التي اتُخذ بشأن تجفيفها في ذلك الزمن الذي أصفه بالعجيب وأبرز تلك الحلول هي تقسيم المدارس الكبيرة لقسمين بجدار حتى يتم تكملة المباني وإعادة المدارس التي مازالت بهيئتها القديمة من أي جهة آلت إليها وأهم شيء في مسألة عودة السلم القديم إعادة معهد تدريب معلمي المرحلة المتوسطة الذي بنته الأمم المتحدة لهذا الغرض الموجود في أول الثورة بالنص قبالة أحمد شرفي واستولت عليه جامعة أم درمان الإسلامية وهي مؤسسة لها أراضي كثيرة في الفتيحاب ولا يؤثر إرجاع المبنى لأصحابه عليها بجانب معهد تدريب معلمات المرحلة المتوسطة من ذات الجامعة والمبنى موجود قبالة سجن أم درمان القديم ولابد أن يسبق كل هذا حصر لمن تبقى من معلمي المرحلة المتوسطة للاستفادة من خبراتهم في وضع المنهج والنهج الذي تسير المدارس ومعاهد التدريب عليه.
المشكلة ليست في عودة المرحلة المتوسطة
يقول الأستاذ بالجامعات السودانية د. محمد الأمين العجب، إن المشكلة ليست في إرجاع المرحلة، بل في الكيفية التي يتم بها تنفيذ القرار لأنه سيتبعه كثير من المتغيرات وأولها المدارس التي تم ألغاؤها وتغيير غرضها مما يعني الحاجة لبنية تحتية وليس فصل المدرسة بسور باعتبار أن المرحلة لديها متطلبات، خلاف المناهج الذي لا أعتقد أن هناك إشكالية فيها والمشكلة التي ستواجه القائمين على أمر المرحلة هي إعادة تصنيف المعلمين للتدريس بأي المراحل فهناك من يحتاج منهم إلى تأهيل وصقل فكل مرحلة تحتاج أستاذ بمؤهلات معينة ولا بد من نقل المعلم تدريجياً بما يتوافق مع المستجدات بالمرحلة خاصة وأن هناك متغيِّرات تحتاج لغرس الروح الطيبة والأشياء الجميلة باعتبار أن ما يحدث للطفل في المدرسة يتعلمه من التلاميذ الأعلى منه أكاديمياً فتلاميذ الصفوف الأولى حتى السادس يختلف سلوكهم وتفكيرهم عن تلاميذ السابع والثامن، ليلح السؤال مجدداً هل الفصل للمرحلة بأكملها أم للمدرسة فقط، وأوضح العجب أنه من المهم تحديث وسائل التدريس وإدخال التكنولوجيا والاستفادة مما هو متاح.
أي تغيير له تأثير اجتماعي
صديقة كبيدة اختصاصي علم النفس قالت: إن أي تغيير يؤثر اجتماعياً وأكاديمياً ومن الطبيعي أن تتأثر الفئة التي تتعرض لذاك التغيير باعتبار أن هناك اختلاف حدث في مسيرة ظلت لسنوات طويلة وفجأة تم تبديل النظام المُتبع وما يلحظه الجميع أن الطالب أصبح عمره أصغر بالنظر لمن كانوا في هذه المرحلة في الفترات السابقة وبالتالي التمرحل السابق للتعليم يكسبه أشياء جديدة ويظهره أكثر نضجاً ويتطلب نقل الطالب ذو الاثنا عشر عاماً، من مرحلة إلى أخرى ومدرسة مفصولة مع تلاميذ يقاربوه سناً وتأهيلاً نفسياً وأن يتم من قبل الجهات المعنية والأسرة حتى يتعاملوا مع المرحلة الجديدة وذلك عبر محاضرات وورش عمل وتواصل كبيدة حديثها قائلة: إن الصف السابع يزيح رهبة امتحان شهادة الأساس في الثامن وفي حالة الصف السادس ستزيد الرهبة في السادس والثالث متوسط والشهادة الثانوية ولا بد من أن توضح السلطات للرأي العام والأسر سبب الرجوع للسلم القديم بجانب تأهيل الأساتذة في طريقة تعاملهم مع التلاميذ بالمرحلة المُعادة حديثاً فالمعلم يكون مسؤول عن الطالب مسؤولية كاملة في جميع مراحل تطور من الطفولة مروراً بالمراهقة وتحتاج هذه المرحلة لتخصصية وطالبت الاختصاصية النفسية بالاهتمام بالتربية سيما وأن النظام التربوي هو من يحدد مخرجات التعليم.
عقوبات إدارية
يقول ساطع الحاج (المحامي)، إن المؤتمرات والورش والتوصيات في إطار القانون الدستوري تكون مجرد وسيلة للبحث ومقترحات لمعالجة بعض القضايا وإيجاد إجابة عن أسئلة محددة وأن مؤتمر كنانة وتوصيته بإرجاع المرحلة المتوسطة لا سند قانوني له، وبالتالي لا تكون إلزامية إلا في دخولها للمجلس الوطني في شكل قانون ومن ثم إجازته من قبل الأجهزة التشريعية، أما ما يتعلق بالتوصيات حتى ولو كانت رئاسية لا ترقى لمرحلة القانون سواء رسمياً أو فرعياً وتظل توجيهات إدارية فقط وعند سؤال (الأخبار) عن العقوبات التي تواجه الجهة المعنية بالتنفيذ حال تجاهلها قال ساطع: إن جهات الاختصاص هي المنوط بها تنزيل التوجيهات وتطبيقها على أرض الواقع من قبل الجهات العليا بالمؤسسة ذاتها وتكون العقوبات هنا إدارية، ولكن في البلاد القانون غير مفعَّل وهناك العشرات من التوصيات والتوجيهات لم يتم تنفيذها وما تزال حبيسة الأدراج.
المتوسطة حاضرة بعد عامين
كشف مصدر رفيع بوزارة التربية والتعليم -فضَّل حجب اسمه- عن المقترح المُراد تطبيقه بالمدارس وهو فصل المدرسة بسور على أن يكون طلاب الصفوف الصغيرة ابتداءً من الأول وحتى السادس بحوش مختلف وتُدار المدرسة بمدير واحد ويشرف الوكيل على إحدى المرحلتين بشكل مباشر ومن المتوقع أن تكون ضربة البداية بعد عامين من الآن باعتبار أن الصف الرابع هو من سيطبق فيه السلم الجديد فالأمر بدأ منذ تغيير المنهج قبل سنوات وإدخال اللغة الإنجليزية من الصف الثالث بجانب فصل المناهج من تاريخ وجغرافيا وغيرها وكشف المصدرعن عدم الخضوع لامتحانات أشبه بشهادة الأساس أو الثانوي، بل ذات المرحلة مع اختلاف موقع التدريس وبالنسبة لتصنيف المعلمين للتدريس بالمرحلة المتوسطة لا اعتقد أن هناك إشكالية ستواجههم فغالبية المعلمين متمرسون ودرسوا بالمرحلة المتوسطة كما سيكون هناك مزيد من التأهيل للخريجين الملتحقين بالقطاع حديثاً وقطعاً أن الخبرات الموجودة يمكنها تسيير العملية التربوية والتعليمية، ولا ننكر بأن الأمر يحتاج لتخصصات وبالتحديد اللغات والعلوم وغيرها من المناهج التي تتطلب أساتذة بمواصفات معينة، وأوضح المصدر أن الفصل بين التلاميذ له فوائد عدة لأن عدم وجود من هم على مشارف مرحلة المراهقة مع تلاميذ الصف الأول بجانب الكثير من الإشكاليات مستقبلاً وهذه من الأسباب التي دعت لمراجعة السلم التعليمي.
توصيات المؤتمرغير مُلزمة
يقول النائب البرلماني صالح يحيى برة، إن توصيات مؤتمر التعليم ليست مُلزمة باعتبارها آراء لمختصين، أما التوجيهات التي تصدرها الجهات العليا تكون واجبة التنفيذ من الجهاز التنفيذي المختص باعتبار أن هناك صلاحيات منحها الدستور وليس بالضرورة أن تكون التوصيات مشروع قانون حتى يتم تنفيذها وعلى الجهة المعنية ترتيب أولوياتها وفق الخارطة التي تتبعها وتحديد مواقيت تنفيذ التوصيات وبالطبع هناك صعوبات خاصة في تحويلها لقانون، فالأمر يأخذ سنوات ويخضع لمزيد من الدراسات والنقاش، وأضاف يحيى بالنسبة لتدخلنا رقابياً فإن ذلك يتم بعد دخول التوصيات قبة البرلمان كمسودة وأن يتم التداول حولها وإجازتها حتى يمارس المجلس الوطني دوره في المتابعة والمساءلة ولا شك أن الرجوع للمرحلة المتوسطة يعني إقراراً بالفشل في السياسة المتبعة ويتضح ذلك من خلال التغيير المتعدد الذي طال المناهج، ولا شك أن إرجاع المتوسطة بشكلها القديم أمر في غاية الصعوبة حيث يتطلب إمكانيات ويكلف أموالاً طائلة إذ أن هناك مدارس تم تحويل غرضها وبالتالي الحاجة لبنيات تحتية تكون ماسة وتعطل التنفيذ لما ذكرت وما جاء الآن جيد ويحقق جزء من الطموحات، وتمنى برة أن تكون التجربة مؤشراً لترسيخ مفاهيم جديدة في التعليم تؤسس لجيل شامخ.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.