آخر الأخبار
The news is by your side.

حملة حماية الحق في الحياة: الدولة تساهم في استدامة العنف في دارفور

حملة حماية الحق في الحياة : مؤسسة الدولة تساهم في استدامة العنف في إقليم دارفور

تقرير: حسن اسحق

شارك المحامي المهتم بقضايا العدالة عبد الباسط محمد يحي في محاضرة بعنوان إقليم دارفور بين الانتهاكات والإفلات من العقاب الذي شاركت في تنظيمه حملة حماية الحق في الحياة بالتعاون مع مركز آرتكل للتدريب والإنتاج الإعلامي.

وجاءت ضمن فعاليات اسبوع العدالة وحق الحياة الآمنة في دارفور في اواخر شهر اغسطس الماضي، وفي الوقت الراهن ان البلاد تحتاج إلى مبادرات تعطي أولوية لمناقشة الحق في الحياة باعتبارها واحدة من الحقوق الأساسية في النظام العالمي لحقوق الإنسان.

وأشار المتحدث الى دور الدولة المركزية في تأجيج الصراع في غربي السودان بمساعدة مجموعات موالية لها ضد مواطنين ابرياء تراهم الدولة حسب سياستها انهم متمردون علي الدولة ومؤسساتها، والوضع الراهن يسفر أن العنف أصبح مستديما في المنطقة، ويطالب ان ينظر الى خطاب الأزمة في دارفور ليس فقط انه صراع مجموعات مختلفة داخليا، مشيرا الى انه صراع مدفوع من مؤسسات الدولة الأمنية والجيش وجهاز الامن في مرحلة من المراحل وكذلك القوات الموالية للدولة، وتوزيع السلاح في دارفور كان الهدف منه تقسيم المجتمعات والمجموعات الأكثر ولاء للسلطة المركزية، ولها رغبة في ممارسة العنف بسبب وبدون سبب.

تدخل الدولة المباشر في الصراع

يقول عبدالباسط السودان يحتاج إلى مبادرات تناقش الحق في الحياة باعتبارها واحدة من الحقوق الأساسية وتدعمها مبادرات عالمية وهي تشغل اهتمام هيئات دولية مثل الأمم المتحدة، وبدون ضمان هذه الحقوق، تصبح بقية الأشياء الاخرى ليست ذات جدوى، يرى أن الحق في الحياة هي احدي القضايا تهم كل الأفراد الذين يتحركون في فضاء الحقوق، واسترداد حقوق الضحايا والمظالم في ذات الوقت، يوضح عبدالباسط أن العنف في إقليم دارفور أصبح مستديما، ويعتبرها إحدى المشاكل التي تعاني منها المنطقة في الوقت الراهن، وله أبعاده التاريخية.

أما الوقت الراهن الوضع فيه معقد، بات فيه العنف ممنهج، وطبيعة العنف في مراحل الأخيرة نتج عن تدخل مباشر من الدولة ساهمت فيه مؤسستها الامنية بشكل كبير، علي سبيل المثال توزيع السلاح ، وكذلك تنظيم وترتيب المليشيات في السودان ودارفور بشكل خاص، وعملت علي تسليح ميليشيات شبه عسكرية موالية للدولة، بدءا من قوات المراحيل وحرس الحدود ثم مليشيات الجنجويد وتطورت وصلت إلى قوات الدعم السريع، وممارسة العنف وصلت إلى المستوى الممنهج عندما تأتي الشرعية من أجهزة الدولة، ويطالب ان ينظر الى خطاب الأزمة في دارفور ليس فقط انه صراع مجموعات مختلفة داخليا، يعتقد انه صراع مدفوع من مؤسسات الدولة الأمنية والجيش وجهاز الامن في مرحلة من المراحل وكذلك القوات الموالية للدولة.

تدفق السلاح من الخرطوم

يكرر عبدالباسط أن استدامة واستمرار العنف في دارفور بسبب وضع الإقليم نفسه في ظروف غير طبيعية بشكل مستمر، أوضح أن لها أبعاد سياسية من قبل المركز الحاكم، وهذا العنف موجه إلى المدنيين الأبرياء، واعطي مثال علي احداث العنف الاخيرة في أحداث طويلة وكبكابية ووسط دارفور في منطقة نيرتتي وكذلك أحداث مدينة الجنينة، يرى أنها انعكاس بوجود عنف منهج من السلطة المركزية القابضة، حتي باختلاف الظروف السياسية، ظل العنف من العناوين البارزة في إقليم دارفور، وسببت مشاكل كبيرة في استقرار الإقليم، يشير إلى أن توجيه العنف على المدنيين بشكل مباشر، يعتقد انها سياسة اتخذتها الدولة لقمع مجموعات مدنية مستقرة.

ونتج عنه تهجير قسري، وبعد النزوح إلى المعسكرات، ثم ظلت ذات المليشيات تهاجمهم داخل المعسكرات، والطرقات، وحتى مستوى الطرق الرئيسية، علي حسب قول عبدالباسط، وأخطر الجرائم التي تمارس ضد النساء متمثلة في الاغتصاب، واشار الي اغتصاب تسعة نساء في منطقة طويلة، واستمرار العنف المنهج في دارفور حتي ما بعد الثورة، يعكس أن العنف لم يبدأ بوجود نظام المؤتمر الوطني السابق، بل هي سياسة متبعة كي يستمر الوضع علي ما هو عليه، وله علاقة وثيقة بتدفق السلاح، اوضح ان السلاح جاء من الخرطوم، وأشار الى عمليات توزيع في السلاح في فترات مختلفة منذ عهد رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي عامي 1988 -1989.

ممارسة أعمال العنف بمشروعية

أضاف عبدالباسط أن توزيع السلاح كان الهدف منه تقسيم المجتمعات والمجموعات الأكثر ولاء للسلطة المركزية، ولها رغبة في ممارسة العنف بسبب وبدون سبب، والموجة الثانية لتوزيع السلاح بدأت 2001- 2002 و 2003، وكشف ان المشرف المباشر علي هذا التوزيع قادة الجيش الموجودين في دارفور، وتوزيعه لاغراض واهداف محددة من ضمنها أن هذه المجموعات تعمل بالنيابة عن السلطة في الخرطوم، وتمارس أعمال العنف بمشروعية، والشرعية التي حصلت عليها هذه المليشيات تتمثل في استباحة حقوق المدنيين والقرى بشكل مفرط، وهذا يفسر النوايا المسبقة للدولة، والدليل الآخر علي مساندة الدولة للعنف، تتضح ملامحه في مساندة القوات الجوية بإلقاء القنابل علي القرى بحجة مكافحة التمرد.

ومن ناحية في حال استخدام القوة بهذا الشكل يعني ان لها النوايا المسبقة، وهذا ما جعل المحكمة الجنائية الدولية أن تتحرى وتجمع معلومات عن وجود نية مسبقة للحكومة السودانية في ممارسة التطهير العرقي والابادة الجماعية، وكثيرون اعتقدوا الوضع قد يتغير بعد ثورة ديسمبر، بل ازدادت الأوضاع سوءا، واوضح ان المشكلة التي وقعت فيها الحكومة الانتقالية، تم شرعنة وتقنين وضع المليشيات، علي سبيل المثال مليشيات الدعم السريع، هذا يفسر نية السلطة المركزية في إبقاء الوضع علي ما هو عليه، وشرعنة الدعم باعتبارها جزء من القوات النظامية، ولكن في الحقيقة ظلت مستقلة ماليا والعلاقات الخارجية.

سيطرة قادة الدعم إلي المشهد

يؤكد عبدالباسط ان هذا الوضع جعل مجموعة كبيرة من المليشيات تنضم في مظلة قوات الدعم السريع، والعنف الذي حدث في مدينة الجنية نهايات 2019 وبدايات 2020 العام الماضي، أثبتت التقارير أن قوات الدعم السريع شاركت بشكل مباشر في الهجوم علي معسكر كريندق ومعسكر أبو ذر، وأكد أن قيادات من الدعم أشرفت ثم خططت للهجوم علي المعسكرات، وهذا مؤشر ان تقنين وضع المليشيات في دارفور أسهم في ممارستها للعنف تحت مظلة الشرعية، وهي اصبحت جزء من الحكومة والتشكيل الرسمي للبلاد، ويرى أن القوات غير منضبطة، واما التقرير الصادر عن لجنة تحقيق أحداث كولقي بولاية شمال دارفور.

أشار إلى مدى تأثير قادة الدعم السريع علي الوضع والحكومة نفسها، وان جنود الدعم السريع استخدموا السلاح في ممارسة أعمال عنف تحت مظلة المنظومة واخرون يشكلون حواضن اجتماعية لهم، وأشار إلى ان عقيدة الجيش السوداني والقوات النظامية في السودان عامة، وطوال تاريخه كان يمارس عنف ضد المدنيين فقط، ولم يخض معارك خارجية حتي تكون له خبرة، أما مؤسسات القطاع الامني في دارفور وضعهم مصمم للعمل ضد المواطنين، وفي عدم التزام بالواجبات الدستورية والقانونية، أكد وجود قصور واضح من الدولة فيما يتعلق بالنيابة والقضاء وفشلها في توفير نيابات كافية ودور للتقاضي ثم شرطة جنائية تنفذ أوامر القبض.

تواطؤ الحكومة الانتقالية

أشار عبدالباسط الى ان اشكالية الإفلات من العقاب، أن دولة ما بعد الصراع من مشاكل أمنية متأزمة ونموذج السودان الذي شهد عهد ديكتاتوري، مرحلة ما بعد التغيير، ومن ضمن أجندات المرحلة الانتقالية كان في مظاهر انتشار الإفلات من العقاب لأسباب لها علاقة بطبيعة الدولة والخلل في جهاز العدالة والقطاع الأمني الذي ساهم في جعل العنف ممنهج و مهيكل، واضاف ان الافلات من العقاب مظهر مقلق جدا اغلب الدول التي مرت بتجارب حروب، وان دولة ما بعد الحرب في معايير محددة تجعل الدولة أن تلتزم أن تحارب مظاهر الإفلات من العقاب باتخاذ إجراءات وتدابير معينة.

أن مفهوم الإفلات من العقاب يتعلق بعدم القدرة الفعلية في تنفيذ القبض علي المجرمين بسبب عدم الخضوع للتحقيقات والمساءلة جنائية مدنية أو ادارية وهذا يمثل عجز الدولة في مساءلة المجرمين او بالتواطؤ، وفي السودان الدولة ليست غير قادرة فقط، هي ليست لها الرغبة في محاربة الظاهرة، الجرائم التي وقعت المجرمين معروفين للعالم، علي سبيل المثال المطلوبين إلى المحكمة الجنائية الدولية، باعتبارها تجربة يمكن القياس عليها مدى جدية الدولة في هذا الجانب، والي الان الحكومة الانتقالية تتواطأ في عدم تسليم المجرمين إلى المحكمة الجنائية الدولية، يعتبرها تحديات تضع الحكومة في وضعية عدم الرغبة في تحقيق العدالة، بوجود تقاير وادلة تثبت تورط قيادات من النظام السابق وحاليا جزء كبير منهم في الفترة الانتقالية، مشتبه بتورطهم في الجرائم.

الإفلات من العقاب

يقول عبدالباسط ان الحكومة السودانية لم تقوم بفتح تحقيق حول الجرائم ولم تبدي أي رغبة في تسليم المجرمين إلى المحكمة، أنه يبرهن ظاهرة الإفلات من العقاب، أبرزها تجربة فض اعتصام القيادة العامة مع انتشار واسع لاستخدام العنف في منطقة جغرافية محددة، وحتى الآن لا يوجد تقرير صادر من الحكومة يشير باصابع الاتهام الى جهة معينة، وليست هناك جدية من الحكومة لتنفيذ جمع السلاح من المليشيات ومعالجة الأوضاع الامنية والعسكرية، يناشد الدولة بحل المليشيات ويتم تشكيل قوات نظامية بطريقة اكثر قانونية ودستورية، ويرى أن قوات الدعم السريع عقبة امام التحول الديمقراطي في السودان، يعتقد ان انتشار السلاح بشكل واسع في اقليم دارفور، ولذا علي قوات الشعب المسلحة العمل علي نزع السلاح من الموالين لها، لانها علي علم بنسبة السلاح الذي وزع الي القيادات الموالية للدولة، ويشدد علي مسألة المحاسبة لكل المتورطين في جرائم دارفور، ثم بعدها الانتقال إلى إصلاح المنظومة العدلية والعسكرية وفي حال فشلت الدولة في جمع السلاح وتقنين أوضاع القوات شبه الحكومية ثم فرض هيبة الدولة في المناطق الأكثر انتشارا للعنف، يجزم بعدم حدوث أي استقرار في السودان، وأن تعامل الحكومة الانتقالية قضايا الانفلات الأمني والانتهاكات في دارفور يتم التعامل بشكل سطحي وعدم الجدية، ويكرر ان الحل يكون بتنفيذ نزع السلاح.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.