آخر الأخبار
The news is by your side.

 حرب المصطلحات … بقلم: د. هاشم غرايبه

 حرب المصطلحات … بقلم: د. هاشم غرايبه

لشياطين الإنس من دهاقنة الغرب الامبريالي، مهارات مذهلة في ابتكار وترويج المصطلحات، التي تبرر أطماعهم في الهيمنة واستلاب ما لدى الآخرين، وتشيطن مناوئيهم المدافعين عن أنفسهم.

من أوائل تلك المصطلحات كانت “النازية” و”الفاشية”، فقد جعل إعلامهم هاتين الصفتين تطلقان على سبيل الذم والتحقير، مع أنهما مسميان دالان على الوطنية في لغة أهلهما.

وبعد أن تحول الصراع الى معاداة المعسكر الشرقي، تركز التجييش ضد ما سموه “الخطر الشيوعي”، ولتبرير عدائه ابتكروا مسمى “الحرب الباردة”، ولتبرير التوسع في التسلح النووي، ظهر مسمى ضرورة الفوز في “سباق التسلح، بدعوى ضمان “توازن الرعب”.

وبعد انهزام الاتحاد السوفياتي وزوال مبررات التوسع في التسلح وظهور مسمى “القطب الواحد”، توالت بعدها المسميات لتيرير استمرار الانفاق العسكري، مثل: “الحفاظ على المصالح”، و”إرادة المجتمع الدولي” و”الشرعية الدولية”.

ثم جاءت مصطلحات أخرى لتبرر فرض ثقافة الغرب على الجميع، مثل التبشير بانتهاء “صراع الحضارات” بهيمنة الحضارة الغربية، وفرضها “النظام العالمي الجديد”، والتدخل العسكري في أي مكان بحجة “الدفاع عن الديموقراطية”.

وكان أول المهام اجتثاث الاسلام وفرض إسلام بديل له سمي “نيو اسلام”، ولتبرير الاجراءات العسكرية تم ابتداع مصطلح “الإرهاب”، ولتأمين حماية الكيان اللقيط ظهر مسمى “العملية السلمية”، ثم ظهر شعار “السلام هو الخيار الاستراتيجي” لأجل تحويل طوق الطوق المحيطة به من الدفاع ضده الى الدفاع عنه، بعقد ما سميت “اتفاقيات السلام”، فظهر مسمى “التطبيع” ومسمى “التنسيق الأمني” ثم مسمى “التحالف ضد الإرهاب”، والذي يعني بكل وضوح انخراط الأنظمة العربية في حلف عسكري بقيادة الكيان اللقيط ضد كل من يعتبره معاديا له.

ولإكمال هدم أركان الأمة، تم احتلال العراق بتحالف دولي قادته أمريكا وبمشاركة أقطار عربية بحجة مصطلحات مثل “انصياع العراق لقرارات الشرعية الدولية”، وبذريعة “القضاء على أسلحة الدمار الشامل”.

المصطلح الأحدث الذي ظهر مؤخرا هو “تعويم نظام بشار الأسد”، فماذا يعني؟.

التعويم هو عملية تتم لاسترجاع سفينة أو غواصة غارقة، وتتم بربطها بعوامات من أجل دفعها لتطفو الى السطح، ولما كانت أمريكا تعتبر نظام بشار غارقا فعليا، ولم يبق ظاهرا في جزء بسيط منه فوق سطح الماء غير مجرى التنفس، لأنها تداركته قبل سقوطه الى القاع بعوامات روسيا وإيران، لكنها أبقته بين بين، أي غاطس في أغلب جسمه، فهو يتنفس لكن تحت الماء، أي أنه بلا حول ولا قوة، فهي تريده هكذا، حافظا مكانه لئلا يأتي بدله نظام يرتقي بسوريا لتصبح قوة يحسب لها حساب، فيبقى هكذا معلقا، قصارى جهده أن يبقى على قيد الحياة.

هنا يجب التوقف قليلا للتدقيق بدلالات استخدام أمريكا لهذا المصطلح، فذلك هو ما سيدلنا على نواياها تجاه منطقتنا، وخطتها للمرحلة القادمة.

بداية يجب أن نعي أن للدول الخمس الكبرى حسابات استراتيجية عليا، قد تضحي في سبيلها بمصالح ادنى مثل التحالفات السياسية والاقتصادية، لذلك على المراهنين باستثمار خلاف روسيا مع الغرب في أوكرانيا، على أنه سيفيد في نقض تحالفها معه في الحرب على (الإرهاب)، عليهم أن يتوقفوا عن سذاجتهم هذه.

والدليل هو الهجمات الصهيونية شبه اليومية على سوريا، لتدمير كل فرصة لإعادة بناء قوتها، لكننا لم نر في أية مرة انطلاق الطائرات الروسية أو حتى الدفاعات الجوية التي قيل أن القوات الروسية في سوريا تمتلكها، مما يدل على أن هنالك تفاهما روسيا – أمريكيا – اسرائيليا على أن مهمة روسيا هي الدفاع عن نظام الأسد وليس عن سوريا الدولة.

هكذا ندرك معنى القرار الأمريكي من فهم مدلول مصطلح التعويم، إذ لا بد أن أعين المخابرات الأمريكية المنبثة في سوريا قد نبهت حكومتها الى الخطر، حيث بدأ التململ الشعبي يتعاظم بسبب تدهور الأحوال المعيشية، مما ينذر باشتعال الثورة السورية من جديد، لذا أوعزت أمريكا للدول العربية الموالية لها بارسال اسطوانات أوكسجين للنظام المحتضر، فالمهمة اسعافية وليست تمكينا للنظام.

ولأن أكثر ما يرعب الأنظمة العربية هو عودة الثورة الى أي قطر، لأنها ستنتقل سريعا الى باقي الأقطار، لذلك رأينا مؤخرا أغلبها تهرول الى دمشق بعد أن أتاها الضوء الأخضر من أمريكا.

خاصة وأن لا مصلحة للكيان اللقيط بإغراقه، بل بقاؤه طافيا، ليظل ممانعا للتغيير النهضوي.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.