آخر الأخبار
The news is by your side.

بلا حدود … بقلم: هنادي الصديق

مبادرة فاشلة

بينما تتفاقم مشاكل الصحة وتتكاثر الامراض الغريبة بشتى ولايات السودان وتقضي على المئات دون رحمة، وبينما تتضاعف أسعار الدواء وتختفي أهمها من أرفف الصيدليات، وبينما ينتظر المواطن من الدولة معالجات وحلول جادة للحد من هذه المخاطر، نتفاجأ بفتح باب سبق وأن تم إغلاقه بعد أن شهد أكبر فضيحة في القطاع الصحي قبل سنوات، والمتعلقة بضياع (150) مليون دولار تم تخصيصها لما يٌسمى (توطين العلاج بالداخل).
فقد حملت الأخبار أن إجتماعا ضمَ وزير الصحة الاتحادي محمد ابوزيد مصطفى وأمين شئون السودانيين العاملين بالخارج كرار التهامي، للاستفادة من برنامج نقل المعرفة الذى يرعاه جهاز المغتربين بالتنسيق مع ما يسمى بمجلس الخبراء والعلماء بالخارج فى دعم وتطوير القطاع الصحي بالبلاد والإستفادة من الخبراء والكفاءات الصحية بالخارج، فقد ناقش الاجتماع التصور المبدئي لمبادرة توطين العلاج بالداخل مرة أخرى لتقليل النقد الأجنبي المصروف على العلاج بالخارج وتطوير وتشجيع السياحة العلاجية فى البلاد.
مبادرة قديمة، مكررة ومعادة، فالحديث جميل والتطبيق بالتأكيد مستحيل، فما يتحدث عنه الوزير والأمين العام سيبقى مجرد أحلام تراودهم ولكن لا مكان لها في أرض الواقع، فهم يراهنون على كليات الطب المنتشرة مثلها مثل أسواق الجمعة وعلى المستشفيات الخاصة التى تتمدد في كبرى الأحياء بالعاصمة وإلتهمت كافة مخصصات والتسهيلات التي من المفترض أن يتم تخصيصها لمستشفيات العامة (الحكومية)، إضافة إلى الكوادر الصحية الموجودة على ضعفها (عدا القلة) والتي تنتظر فرصتها للهجرة هي الأخرى لتضاعف من نزيف الكوادر الصحية وهجرتها للخارج.
هذه المبادرة لن يُكتب لها النجاح لعدة اسباب وستظ مجرد تصريحات مسؤولين، فكافة الإتفاقيات التي أُبرمت تحت مسمى (توطين العلاج بالداخل)، لم نرى لها وجودا على أرض الواقع،. ويكفي إقرار الحكومة قبل سنوات بصرف مبلغ 150 مليون دولار لأجل توطين العلاج بالداخل لم يُعرف مصيرها حتى الآن. ولم يطالب أي مسؤول أو حتى طبيب عن مصير هذه الأموال وفيم صُرفت. حسنا إن أراد وزير الصحة النجاح في مسعاه بتوطين العلاج بالداخل عليه أن يشرع وفورا في إستصدار قرار بمجانية العلاج أسوة ببقية دولة العالم التي تدعم قطاع الصحة بشكل كبير، فالوضع الصحي مع التوقعات بإرتفاع أسعار دولار الدواء بات كارثي ولا يتحمل لقاءات وأحلام وإتفاقيات ورقية لن تفيد المواطن في شئ.
فالاسباب كثيرة التي تعيق ما يسمى ب(توطين العلاج بالداخل) سبق وأن صرَح بها كبار الأطباء، حيث يرون ان تفضيل السودانيين لتلقي العلاج بالخارج يتسبب فيه الأطباء الجدد، لأن أعدادهم كبيرة مع عدم توفر الإمكانات التعليمية والأساتذة والتعريب وتوقف البعثات، كذلك عدم مواكبة الاطباء القدامى مع تعثر ظروفهم المادية، إضافة لهجرة التخصصات الدقيقة، والدولة نفسها تساهم أيضاً فى المشكلة بالضرائب والعوائد وعدم دفع المرتبات والسياسات المتقلبة. ولعل منافسة القطاع الخاص للقطاع العام سيكون هو الأبرز والسبب الأقوى إذ تتعامل المستشفيات الخاصة مع المرضى معاملة إستثمارية لا علاقة لها بمهنة الطب كرسالة إنسانية في المقام الأول، فما يتاح للقطاع الخاص لن يتوفر للقطاع الحكومي وهذا الأمر متفق عليه بموجب الكثير من السوابق في هذا المجال، وتجفيف المستشفيات الحكومية مع إتاحة الفرصة للمستشفيات الخاصة وتوفير كافة الضمانات لها لإمتصاص جيوب الغلابة.
أول ما يطلبه المواطن لإبداء حسن النوايا هو إلزام جميع منسوبي الحكومة والنظام واسرهم بالعلاج بالداخل، عندها فقط يمكن أن تتوفر الثقة المنعدمة اصلا بين المواطن والحكومة.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.