بعد إطلاق الحكومة الإلكترونية الشائعات.. صعوبات أمام التقنيات الحديثة
سودان بوست: الخرطوم
بلدو: الأمن والنيابة والقانون لن ينهوا الشائعة وليسوا حلاً
دخول الواتساب ساعد على انتشار الشائعات
شائعة تصفيات خصومة واغتيال شخصية وبالونات اختبار تطلقها الحكومة
عقيد أمن: تعامل الدولة بالنفي أو التصحيح من أنجع الحلول
الاتصالات: 90% من البلاغات لمواقع التواصل وصعوبة في كشف موقع الجريمة
أسئلة كثيرة تحيط بجدوى ما تدعو له السلطات وتوجهها نحو الحكومة الإلكترونية واستخدام التكنولوجيا الحديثة في جميع مؤسسات الدولة، حيث صاحب المشروع ضجة إعلامية وهالة ضخمة وهي تهلل بما مضت فيه من تقنيات ومعاصرة ومواكبة للحاق بركب الدول التي تقدمت، ورغم التبشير والقوانين والتشريعات ماتزال الجريمة الإلكترونية في تطور مستمر وبلاغات تسير بسرعة الصاروخ ترد للجهات المعنية بالاتصالات ونيابات جرائم المعلوماتية بشأن إشانة السمعة والإشاعات التي وصفها مختصون بالمنبر الدوري للمركز السوداني للخدمات الصحفية تحت عنوان الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها على المجتمع، واتفق جميعهم على أهمية دور التوعية بالضرر الذي تسببه الشائعة على كافة الأصعدة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً.
معاوية عبد الرازق
فلاش باك
اختراق وتعدٍ وصل لمباني وزارة الاتصالات ولموقعها الإلكتروني المحصَّن باعتبارها مفتاح تأمين المواقع الأخرى والمسؤولة عن حمايتها، وفي بيان للوزيرة آنذاك تهاني عبد الله عطية، بتاريخ الجمعة ٢٥ أغسطس ٢٠١٧م، أعلنت فيه عن تعرُّض موقع الوزارة وعدد من مواقع المؤسسات الحكومية لمحاولات اختراق، وجرى التصدي لها بفريق متكامل من المختصين بأمن المعلومات ومن إدارة مركز البيانات الوطني للسيطرة على التهديد وتحديد مصدره، وطالبت الوزارة مراكز معلومات المؤسسات الحكومية التنسيق مع المركز القومي للمعلومات ورفع حالة الاستعداد للقصوى، ولم يكن الاختراق الأخير من نوعه، حيث تعرَّضت حارسة البوابة لاختراق آخر بتاريخ 27 يوليو، من العام الجاري، بجانب الوصول لموقع وزارة الداخلية الأمر الذي خلف تساؤلاً كبيراً حول إمكانية محاربة ما يعرف بالجريمة الإلكترونية ومحاربة الشائعات في وقت تتعرَّض فيه مواقع المؤسسات السيادية لاختراق بين فنية والأخرى، ويرى مراقبون أن ما يحدث من انتهاك لحسابات المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي وإشانة السمعة وإطلاق الشائعات في الحق العام والخاص شكَّل هاجساً وسداً منيعاً عجزت السلطات المعنية عن وضع حد له رغم تقدمها تقنياً ووصفوا ما يحدث بالتناقض .
حاجة لتشريعات
يقول المستشار والخبير في جرائم المعلوماتية مولانا عبد المنعم عبد الحافظ أن المادة 16 من قانون جرائم المعلوماتية لعام 2007م، يعاقب منتهكها، ولاشك أن الإحصائيات الخاصة بجرائم المعلوماتية تنتشر كالنار في الهشيم وبسرعة صاروخية، حيث سجل العام 2011-2012م، حوالي 25 جريمة، بالنيابة ووصلت البلاغات إلى 500 في العامين 2013 – 2014م، بينما تعدت الآلاف في العام 2016-2017م، وقبل العام 2010 لم تكن هناك جرائم تذكر وظهرت مع خدمة الواتساب بعد ذلك، والمعلوم أن الجريمة الإلكترونية ناجحة وليست فاشلة فإطلاقها يوصل الغرض المقصود حتى ولو قامت الجهات المعنية بالنفي أو تصحيح المعلومات فما أراد المجرم إيصاله قد وصل، كما أنها عابرة للحدود خلاف الجرائم في السابق، فالمادة 3 عرفت المحتوى بالفيديو أو كلام أو صوت ووجود مجموعات تسهِّل من مهمة المجرم، ونسخ الرسالة ولصقها يصعب من مهمة تحديد موقعها أو مصدرها خلاف إعادة الإرسال الذي يتيح التعرُّف عليه بكل سهولة وهذا الإجراء يضع الجميع تحت بند الاتهام، وأعاب عبد المنعم علي عدم احتواء القانون لبعض النقاط المهمة المتمثلة في كيفية الإثبات الإلكتروني وتدريب المتحري إلكترونياً وفي كيفية تعامل القضاة مع تلك الجرائم فهي تحتاج خبرة ودراية باعتبار أن المجرم ذكي ويعرف ماذا يفعل، ولكنه لا يعلم أنه مجرم، ومن هنا أطالب بسد الفراغ التشريعي وسن تشريعات للإثبات الإلكتروني وموقع مرتكب الجريمة بالإضافة للعقوبات، كما أناشد الاتصالات بمنحنا المعلومات التي تساهم في محاربة تلك الانتهاكات والجرائم.
تحديات
اعتبر مدير إدارة تأمين المعلومات بالهيئة القومية للاتصالات عبد المنعم عوض أن أكبر تحدٍ يواجه الهيئة هو أن أغلب البلاغات المقدمة والتي تمثل مواقع التواصل الاجتماعي فيها أكثر من 90% وكشف الجريمة وموقعه إطلاقها مهمة ليست سهلة، ورغم ذلك هناك تقنية تحدد أول موقع نُشرت منه الصور، كما أن الاشتباه في بعض الأشخاص وفق سوابق يحصر نطاق البحث، ومن الخطورة أن تدخل الشائعة في إشانة السمعة واستهداف الأشخاص أما التي تكون للعامة تأخذ طابعاً مختلفاً خاصة لعدم وجود شخص يتبناها ويدوِّن بلاغاً عكس الحق الخاص، أما فيما يتعلق بالتدابير فتعامل الدولة مع الشائعة بالنفي أو التصحيح من أنجع الحلول وأفضلها وإذا جاز أن نقسم التخفيف من أثرها على أربعة مستويات، أولها المستوى الشعبي وهو دور المواطن في أثرها وتكذيبها أو على مستوى القوانين والتشريعات ويتطلب قوانين رادعة، وهنا لابد أن أشير إلى مشروع تعديل 2018 الذي وصل المرحلة الثالثة بالمجلس الوطني وغالباً ما يتم إدخال في الخامس عشر من الشهر الجاري، لإجازته والتعديل في نقطة مواقع التواصل الاجتماعي بتعريف دقيق حيث لم يحتو قانون 2007 على مواد لمواقع التواصل لعدم وجودها آنذاك، والجديد في التعديل حماية الأطفال وذوي الإعاقة وفاقدي التمييز وبالطبع التوعية تشكل حجر زاوية وكشف عن وجود أكبر قسم للتوعية بالمركز السوداني لأمن المعلومات، وما لا يعلمه الجميع أن الشائعة تكلف زمن وتدريب، والحديث عن فشل الحكومة غير صحيح فليس هناك اعتراف بالفشل والاجتهاد والبحث عن حلول لا يعني الفشل ومن أكبر الإجراءات التي قمنا بها وكانت لها أثر ربط خطوط الهاتف بالرقم الوطني والهدف منه تحديد المسؤولية بشكل مباشر والخروج من دائرة التقييد ضد مجهول وبالطبع أتى أكله.
خطورة وتطور
مدير إدارة أمن المجتمع بجهاز الأمن والمخابرات الوطني عقيد علي جادين يقول إن تطور الشائعة جعل الجميع مستقبل ومرسل في أن واحد خلاف السابق، بجانب آخرين يطلقون الشائعات للتكسب وخدم أجندتهم من خلافها سوى جهات معارضة أو خلافه وهناك من يخلق من وقفة صغيرة تندد بقطوعات المياه لمواطنين بأحد الأحياء إلى قطوعات بجميع الولايات أو إطلاق شائعة الندرة في الخبز أو الوقود وجرائم القتل وقد يؤدي ذلك إلى الهلع وسط المواطنين وتمتد الشائعة إلى تهديد الأمن القومي، ولاشك أن وسائل محاربة الشائعات كثيرة وأقول إن هناك محاكمات تمت لمنتهكين ومجرمين، بجانب دور أجهزة الإعلام باعتبار أن غياب المعلومة له أثر كبير ويفتح الباب أمام التأويلات، وأيضاً منه الحلول التوعوية لكل شرائح المجتمع لمحابة الجريمة فردية كانت أم منظمة.
بالونة اختبار
الشائعات لا يحلها أمن أو قانون أو نيابة ومن يقول إنها ستنتهي بالسودان فقد كذب، بهذه العبارة بدأ استشاري الطب النفسية والعصبي بروفيسور علي بلدو حديثه مواصلاً وتختلف الشائعات فهناك ما هي صادمة وأخرى زاحفة تسير ببطء، بالإضافة للشائعة المركبة، ويكون المتلقي والناقل له دوافع خاصة به أولها الرغبة في الإثارة أو العطالة وعدد من التوظيف ونيته في خلق جو مختلف وكسر الروتين والرتابة، وأضاف بلدو: لولا الإشاعة لمتنا كمداً، وقسم بلدو العوالم إلى واقعي وهو ما نعيشه اليوم من العمل والمواصلات، والعالم الافتراضي وهو مواقع التواصل وعالم خلقناه عن طريق المخدرات، وتحركه عدة عوامل منها الرغبة في الانتقام واغتيال الشخصية سياسياً كانت أم تصفية خصومة، ويدخل فيها الانتقام العاطفي، ولا ننسى أن هناك شائعة تتعلق بالجهات الحكومية وتستخدم في إطلاق بالونة اختبارات لقياس الرأي العام ورد فعل المواطنين، وفوق كل ذلك هناك شخصيات تعاني من إضرابات سايكوباتية وأخرى مريضة متوهمة وأخرى صاحبة مزاج، خلاف الشعور بالوسوسة الإلكترونية والراحة بعد إطلاق أي شائعة بغض النظر عن تأثيرها، ونحن الآن نعيش في عصر ذهبي تتوفر فيه كافة الإمكانيات، وردَّد بلدو هناك شخصيات لديها رغبات في قتل الروح المعنوية أو رفعها وبالطبع ليس كل مواقع التواصل سيئة خاصة وأن تصل الأسر والأهل والأحباب ببعضهم، وختم استشاري الطب النفسي بأن المعالجات تكمن في تمليك المعلومة بشفافية والتعامل مع المواطنين بوعي وعدم الاستخفاف بعقولهم حتى لا يتم خلق بيئة خصبة للشائعات.