بروف أحمد إسماعيل: ما اتجاسر طيار لسماك الرابع
بروف أحمد إسماعيل: ما اتجاسر طيار لسماك الرابع
بقلم: عبد الله علي إبراهيم
تداولت المنابر صورة رفيق الصبا أحمد اسماعيل، عالم علم النبات، مضرجاً بالدم يخضب عراقيه البلدي ضحية لاعتداء من جماعة من الدعم السريع انتهت بتجريده من موبايله.
لا يخطر لي أحمد، الذي تقطعت لقاءاتي به منذ تخرجنا من جامعة الخرطوم في منتصف الستينات، إلا بين غلالة من نشيج “في الليل الساجع، غرد يا ساجع” ونحن في أنس للشباب بباحة فندق قريب من كلية الطب من الجامعة. لا يملك من التحق بجامعة الخرطوم على أيامنا ألا أن ينعم بصحبة أحد من رفاعة، أو جماعة منها. لم يكونوا من الغزارة بمكان فحسب، بل كانوا من طيب المعشر وإحسان المؤانسة: أحمد، والفاتح علي موسى، وأحمد حاج حسين، وإبراهيم الجمل، وإبراهيم الخليل. والفضل في معرفتي بهم عائدة إلى زميلي الشيخ (حسب الرسول) رحمة الله ممن احتك ببعضهم خلال دراسته في مدني. ولو أذكر كنا غشينا ذلك الفندق نزور أخاه الكبير الذي كان يقيم في ذلك الفندق متى حل في الخرطوم متنقلاً في تجارته بين سنار والدامر الشعديناب. وكنا نرقب زيارته الخرطوم، التي يحسن فيها لطلاب شبه معدمين مثلنا، كهلال رمضان.
وكان الفاتح على موسى غريد مجلسنا. لماذا أذكر أن عرفت في أول لقائي به يومها أنه كان في زيارة لأهل له في أروما كانوا في عرس. فغنى:
في الليل الهاجع غرد يا ساجع
وأذكر أحبابي وهيج أشجاني.
وكان صوته ناضجاً كقمر اربعتاشر. وما سمعت هذه الأغنية منذها إلا اصغيت صامتاً في قداس دفين نخباً لتلك الليالي وأولئك الرفاق.
وبينما ربما تقطعت أسباب كثير منا بالغناء بمر الزمن إلا أحمد. بل صار في تعلقه بالغناء “درويش حلقة”. فلا تفوته جلسة مؤانسة عن الغناء في محفل عام أو على التلفزيون. فالغناء مغنطيس يشد أحمد من تلابيب نفس راضية مرضية. أذكر مجلسه من صلاح أحمد محمد صالح يوم تكريمه في حلقة على التلفزيون. كان حفياً بصلاح جداً. كان حفياً بمن أوسعوه محبة من الشباب. وكان أنيقاً محدثاً.
ما احتاج أحد أن يضرج أحمد ليلقى منه مطلوبه. غال والطلب رخيص. فهو من يقول عنه الأمريكيون يخلع قميصه من على كتفيه للسائل.
وما اتجاسر طيار لسماك الرابع
حتى يعشم في طلوع السابع
يا أحمد حبيب أيام كان الوطن نصب عيوننا شفاك الله. وما يزال.