انها ليست معركة البني عامر وحدهم!
انها ليست معركة البني عامر وحدهم!
بقلم: رشا عوض
عندما يتحدث لواء في جهاز الامن وفي الإذاعة الرسمية عن سحب الجنسية من مكون اجتماعي بأكمله ويصفه “باللاجئين” ويحذر من تجنيدهم في صفوف القوات المسلحة لانهم خطر يهدد الامن القومي مثلما قال اللواء امن بدر الدين عبد الحكم في اذاعة امدرمان، فإن مثل هذه “الجريمة العنصرية مكتملة الاركان” يجب ان يتصدى لها بحزم جميع السودانيين الحريصين على الوحدة الوطنية تصديا صارما وبكل ما هو متاح من وسائل سياسية واعلامية وقانونية(رغم الانهيار الذي نعرفه في الاجهزة العدلية)، وعار علينا جميعا لو تركنا هذه القضية لاهلنا البني عامر وحدهم وكأنها قضية تخصهم ولا تعني بقية الوطن في شئ ويكون الاحتجاج عليها صادرا من البني عامر فقط!
يجب ان تدين الاحزاب الكبيرة والتحالفات السياسية ومنظمات المجتمع المدني على مستوى السودان هذه الجريمة العنصرية بشكل واضح وتعتبرها من مهددات الوحدة الوطنية بشكل عام ومن مهددات النسيج الاجتماعي في شرق السودان بشكل خاص لا سيما في ظروف هذه الحرب اللعينة التي علينا جميعا ان نحاول حصرها في ميدان الصراع السياسي ولا نسمح بتحويلها لحرب بين الاثنيات والقبائل لان هذا سيمزق البلاد اربا اربا!
لا يمكن ان يكون نزع حق المواطنة ومصادرة انتماء ملايين المواطنين لارضهم متاحا وبهذه البساطة في اي صراع سياسي!! هذه فوضى واستهتار لو تجاهلناه او تغافلنا عنه في حق البني عامر فسوف نشهد كل يوم ضحايا جدد في طول السودان وعرضه يتم تجريدهم من مواطنتهم بواسطة العقلية المركزية المغلقة التي تحتكر دون وجه حق تعريف من هو السوداني وفق معاييرها الذاتية الغافلة عن التعدد والتنوع السوداني وحقائق التركيبة السكانية في الاقاليم المختلفة، وحتما لن يسكت الضحايا على هذا الظلم وسيكون لهم رد فعلهم ولا نتوقع ان رد الفعل سيظل دائما سلميا! خصوصا ونحن نعيش في بلد محتقنة وتعيش حالة حرب!
في هذه الحرب المشتعلة يشهد الشعب السوداني انقساما عميقا بين من يؤيدون الجيش ومن يؤيدون الدعم السريع، ومن يعارضون الحرب من حيث هي ويرون في طرفيها وجهان لعملة الاستبداد العسكري، هذا الانقسام بدرجات متفاوتة هو حقيقة واقعة في جهات السودان الاربعة ولا يجب ان يكون مدخلا لتخوين احد ولا لنزع المواطنة من احد.
وكم هو مضحك ترديد ذلك اللواء امن (الكوز) في حديثه البائس عبارة الامن القومي!!
الأمن القومي لم يهدده البني عامر بل تهدده اجهزتكم الأمنية والعسكرية التي تخصصت على مدى عقود في صناعة الفتن القبلية والعنصرية! والتي ما زالت تضخ خطاب الكراهية وتضرب النسيج الاجتماعي في مقتل على مدار الساعة وكانها تريد تمزيق هذه البلاد مع سبق الاصرار والترصد!
لم نشهد للبني عامر فعلا يهدد الامن القومي السوداني ولكننا شهدنا الاجهزة الامنية والعسكرية تسمح بتهريب الذهب وغيره من الموارد القومية الى خارج البلاد، ورأينا هذه الأجهزة وهي تتواطأ مع الناظر ترك في اغلاق الميناء الرئيسي للبلاد وتهديد مصالحها الحيوية خدمة لاجندة الكيزان السياسية في اضعاف حكومة الفترة الانتقالية، ورأينا هذه الاجهزة الامنية تطلق الرصاص الحي على متظاهرين سلميين في اكتوبر 2020 وفي اجواء محتقنة في اعقاب اقالة الوالي صالح عمار وكان هدف المجزرة هو اشعال فتنة دامية بين البني عامر والهدندوة ولكن القيادات الاهلية والسياسية العاقلة من البني عامر والهدندوة أطفأت الفتنة وحقنت الدماء وكانت أكثر مسؤولية بما لا يقاس من الاجهزة الامنية والعسكرية الكيزانية التي اجتهدت في اشعال حرب اهلية في شرق السودان، ومن هنا يجب ان نحيي الوالي المقال صالح عمار الذي لم يختار طريق الثأر لنفسه ولقبيلته ويؤجج الفتنة والاقتتال القبلي رغم انه ظلم وحرم من منصبه على اسس عنصرية فجة ، ورغم ان الحكومة الانتقالية لم ترد الاعتبار للبني عامر الذين تعرضوا لحملة عنصرية كان من الواجب التصدي لقادتها بمحاكمات علنية ، فمن الذي يهدد الامن القومي ايها اللواء الكوز؟ هل هم الذين رفعوا راية “شرق آمن” وابتلعوا مراراتهم الشخصية من اجل الحفاظ على السلام ام دعاة الفتن العنصرية القذرة الذين ارتكبوا مجازر في حق متظاهرين سلميين لجرجرة الاقليم الى حرب اهلية؟