آخر الأخبار
The news is by your side.

المسيرة الخضراء نحو الفشقتين … بقلم: أمجد هاشم

المسيرة الخضراء نحو الفشقتين … بقلم: أمجد هاشم

في منتصف السبعينات عندما تنازعت المغرب و موريتانيا على الصحراء المغربية المُحتَلة بواسطة الأسبان في ذلك الوقت تفتق ذهن الملك الحسن الثاني عن فكرة تحريك حشود شعبية ضخمة نحو الأراضي الصحراوية قارب عددهم النصف مليون مغربي و مغربية و الهدف من المسيرة كان فرض أمر واقع جديد عزز من مطالبة المملكة المغربية بتبعية الأراضي الغنية بإحتياطات الفوسفات الواقعة جنوبها و البالغ مساحتها ربع مليون كيلومتر مربع.

عند المقارنة ما بين الوضع القانوني للصحراء المغربية و الوضع القانوني للفشقتين يمكننا بسهولة إدراك أن موقف السودان من الناحية القانونية إزاء الإدعاءات الإثيوبية التي برزت إلى السطح مؤخراً هو أكثر صلابة من الموقف المغربي إزاء قضية الصحراء، فالفشقتين لا خلاف على تبعيتهما للسودان بحكم الإتفاق الموقع في 1902 بين الإمبراطور منليك الثاني و سلطات الإستعمار الإنجليزي و هو نفس الإتفاق الذي تنازل بموجبه الإنجليز عن إقليم بني شنقول لإثيوبيا بالرغم من تبعيته التاريخية لسلطنة الفونج السودانية.

مع ذلك فإن قومية الأمهرا المحاذية للفشقة لديهم سردية أخرى تَزعُم بتبعية الأراضي السهلية الممتدة من الهضبة الإثيوبية و حتى نهر النيل الرئيسي في الخرطوم لهم و هو ما دفع الإمبراطور يوحنا الرابع في 1885 على المغامرة بغزو الأراضي السودانية و لكن نجحت جيوش الدولة المهدية بقيادة الأمير الزاكي طمل في صده و ملاحقته في عقر داره و الإتيان برأسه المقطوع إلى أم درمان حتى يكون عظة و عبرة لمن سيأتي بعده من الأباطرة الأثيوبيين، مع ذلك بقيت هذه الإدعاءات متجذرة في وجدان و ثقافة الأمهرا و ما سياسات الإحلال السكاني و بناء المستعمرات الإثيوبية في الفشقتين و ربطهما بالطرق المعبدة مع المدن الكبرى في الداخل الإثيوبي إلا جزء يسير من مخطط أمهري أكبر للتمدد في الأراضي السهلية شمالاً.

إن نقطة الضعف الوحيدة التي تحد من قدرة السودان في السيطرة على حدوده الشرقية في وجه الأطماع الأمهرية هي العامل الديمغرافي الذي يراهن عليه الإثيوبيين وذلك بإغراقهم المنطقة المتنازع عليها بالمزارعين الإثيوبيين و بالتالي تذويبها و إستعادتها ديمغرافيا و هو ما يفسر المماطلة الإثيوبية في حسم عصابات الشفتة لأنها تلعب دور حاسم في هذا المخطط بتوفيرها الحماية لمزارعي الأمهرا و في نفس الوقت بترويعها للمزارعين السودانيين لإجبارهم على إفراغ المنطقة للنجاة بأرواحهم من الخطف و القتل الذي ظلت تمارسه عصابات الشفتة تجاه السودانيين بصورة ممنهجة و يومية.

الآن هناك عامل جديد بدأ في الظهور لم يكن محسوباً لدى الأمهرا و هو الجيش السوداني الذي أعاد إنتشاره في المنطقة مع ذلك فإن إنتشار الجيش ليس العامل الحاسم لكبح أطماع الأمهرا في الأراضي السودانية طالما أن إعتبارات الديمغرافيا ما زالت في صالح الإثيوبيين و هو ما يتطلب تحريك مسيرة خضراء لتعمير الفشقة و الإستقرار فيها و ربطها بالمدن السودانية يصاحبها إجراءات صارمة لحماية المواطنين السودانيين وبسط سيادة الدولة على جميع المعابر و النقاط الحدودية و الحد من تدفق العمالة الإثيوبية بقدر الإمكان و إستبدالها بالعمالة السودانية حتى لا نندم حين لا ينفع الندم.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.