آخر الأخبار
The news is by your side.

الصراع الأثيوبي بين مطرقة الأوضاع الإنسانية.. والتحالفات المحتملة بالمنطقة

الصراع الأثيوبي بين مطرقة الأوضاع الإنسانية.. والتحالفات المحتملة بالمنطقة

إرتفعت وتيرة الصراع الأثيوبي الأثيوبي، وبلغ زروته وانعكس مرده على تدفقات اللأجئيين الأثيوبيين على دولة السودان، فيما تجاوزت توقعات التوصل إلى تسوية سياسية مُرضية للأطراف المتنازعة للجبهة الداخلية الأثيوبيةً، والقواسم المشتركة ما بين قضية الحدود وسد النهضة واحدة من التحديات التي تواجهه دولتا السودان وأثيوبيا في ظل تدفقات اللاجئيين المتوقعة جراء نشوب الحرب في إقليم التقراي، بجانب شكل التقاطعات المحورية للمواقف المتابينة في رسم العلاقات الثنائية في المستقبل، السؤال الذي يطرح نفسه ما شكل التحرك الذي يمكن أن يقوم به السودان في ظل النزوح ودوافعه ؟ وماهي التحالفات الأفيد للدولة السودانية في هذا التوقيت؟

تقرير: عبدالقادر جاز

اهتزت الأرض:
اعترف الأستاذ يوسف ريحان رئيس المعهد الأفريقي للسلام عن عجز الأنظمة السياسية في المنطقة عن التعاطي مع المكونات العرقية والقبلية والثقافية داخل حدودها، مشيراً إلى أن هذا عضد الصراعات المتكررة التي ظهرت على السطح من جديد، وأقر أن إثيوبيا في عهد د. آبي أحمد حاولت إيجاد نظام جديد بعيداً عن النظام القائم على الإثنية العرقية الموروثة منذ عهد الرئيس ملس زيناوي، مستطرداً بالرغم من أهمية التحول المراد تحقيقه للانتماء بالشعور القومي وتقوية الهوية الوطنية، إلا أنه أثار تخوفات من ذوبان بعض الكيانات الإثنية الكبرى كالأرومو ما قادهم إلى صدام مع قومية التيغراي، مما أدى إلى تحريك بعض المطالب المكتومة، فاهتزت الأرض في ظل عدم القدرة على إحكام العلاقة مع الداخل الأثيوبي وبعض دول الجوار كالسودان نموذجاً، مواصلا أنه بكل تأكيد سيؤثر الصراع الأثيوبي الأثيوبي على السودان في عدة نواحي متعلقة بمسألة النزوح التي جربها السودان من قبل ويعرف تباعتها جيدا.

تحديات:الصراع الأثيوبي بين مطرقة
أكد ريجان على المستوى الرسمي أن هنالك تحديات يواجهها السودان في مجال الاقتصاد الذي مازال متعثرا وغير قادر على الإيفاء بالتزاماتاته الداخلية المتمثلة في الخدمات الصحية والتعليمية وخلافها، ناهيك عن فرضيات اتفاقية السلام الأخيرة، مبيناً أن موقف السودان السياسي متباين مع الموقف الأثيوبي في قضيتي سد النهضة والحدود، مشيراً إلى أن هذا سيضعف عملية التنسيق في قضايا أخرى كمثالً قضية اللجوء، مضيفاً أن من التحديات التي تواجه السودان تحدي الخريف الذي يشهد هطول أمطار كثيفة التي قد تؤدي إلى إحداث انقطاع أو شلل تام في التنقل بين المناطق المختلفة، لافتاً إلى أن ذلك سيصعب من وصول المساعدات الإنسانية إن وجدت في ظل احتياج السودان لها، معتبراً أن تعاطي السودان مع تلك القضية محدود، وأردف بالقول ما لم يتم التنسيق بصورة سريعة مع الجانب الأثيوبي والمنظمات الإنسانية الإقليمية والعالمية ستتفاقم الأوضاع على الحدود وتخرج عن السيطرة.

اختراق الملف:
أوضح ريحان أن ملف سد النهضة من الملفات المعقدة جدا والذي أُحيل إلى الاتحاد الأفريقي بعد فشل الإرادة الثلاثية للدول المتمثلة في إعلان المبادئ ل 201٥ـام والذي انبثقت منه آليات فرضت صيغة التفاوض التي استمرت حتى نهاية العام 2018م، وبعد فشل مفاوضات واشنطن 2019م إلى 2020م، كاشفا عن أن ملف سد النهضة يحمل أوجه متعددة ذات اختصاصات مختلفة منها الفني والسياسي والقانوني ومدى التفويض الممنوح له في إلزام الأطراف الثلاثة التي لم تعترض على توليه الملف وقدرته على ممارسة ضغوط عليها والقيام بوساطة إيجابية منتجة وصولاً لاتفاق نهائي ملزم، مستدلاً بقوله إن الاتحاد الأفريقي قد يكون فاعلاً دبلوماسياً والعكس ،وقد يكون ناجحاً دبلوماسياً وقد يكون فاشلاً في إدارة الملف، مبيناً أن مثل هذا التقييم يختلف على حسب رؤية الأطراف الثلاث، ولكن بالنظر للاختلاف المرحلي الذي سبق الملء الثاني أرى أن الاتحاد الأفريقي إذا إعاد الثقة بالإمكان أن يحدث اختراق كبير في الملف ولو في الجزء المتعلق فقط بالملء.

التحالفات متعددة الأطراف:
وقال ريحان أن التحالفات والمصالح متحركة ولا تقف على أرضية ثابتة وتتأثر بالأنظمة القائمة، وظهرت جلياً في المنطقة خلال السنوات العشرة الأخيرة، مبيناً أن شكل العلاقات بين الطرفين قبل سقوط البشير وتسلم د.آبي أحمد الحكم كانت قائمة على التعاون بشكل كبير لطي ملف الخلافات والتأييد لقيام سد النهضة آنذاك، مضيفاً بهذه الوضعية يمكن أن يصنف السودان وأثيوبيا في خانة، ومصر في خانة أخرى، معتبراً أن هذا شكل من أشكال التحالفات التي انفضت كنتيجة للتحولات السياسية في البلدين، وفي المقابل يحصل العكس من التحالف والتنسيق بين دولتي المصب السودان ومصر في قضية سد النهضة، مؤكداً أن التحالفات الثنائية لا تتمتع بالقدرة على الصمود لفترات طويلة والأفضل منها التحالفات الإقليمية متعددة الأطراف، مضيفاً أن ذلك يقود بالضرورة إلى أهمية تطوير الكيانات الإقليمية القائمة كمنظمة الكوميسا والايقاد ومنحها اختصاصات أوسع، ودعا إلى ضرورة حل الخلافات بين الدول وبشكل أخص خلافات الحدود، والعمل على تطوير البنية التحتية، والمواصلات، والطرق، والبحث عن كيفية لتطوير التجارة البينية التي أرستها منطقة التجارة الأفريقية الحرة والتي تقود إلى خلق تحالف جماعي قائم على المصالح المشتركة للقدرة على الاستمرار مستقبلاً.

غياب الأفق:
قال البروفسيور أحمد عبد الدايم محمد الحسن المحلل الأكاديمي في قضايا أفريقيا وشئون القرن الأفريقي إن الصراع الأثيوبي ناتج عن غياب الأفق العام لرئيس الوزراء الأثيوبي د. آبي أحمد ورغبته في تأمين وجوده كرئيس وزراء لأطول فترة ممكنة، مرجحاً أن المشاكل الداخلية لا تخرج من منوال القبضة على مقاليد السلطة، مؤكداً أن الأزمة الأثيوبية تتمثل في الصراع على السلطة، والممارسة السياسية من مسببات الأزمة، واعتبرها انتكاسة حقيقية لما بشر به رئيس الوزراء نفسه حينما تولى السلطة بتبنيه لمشروع إصلاحي موحد بعيداً عن نظام المحاصصات الحزبية، مستطرداً بأنه ربما طريقة التعامل العسكري التي فضلها د. آبي أحمد مع التيغراي منذ بداية الأزمة هي السبب الرئيسي لما آلت إليه الأوضاع، بجانب والإنقسامات الداخلية، مؤكداً أن عمليات الحشد والاستقطاب المضاد ستنتهي بتكريس الإنقسام، وعدم قدرة الدولة على التعامل مع الأزمة التي ستتفاقم أكثر نتيجة لسوء تقديرات الأمور.الصراع الأثيوبي بين مطرقة

ورطة:
أكد أحمد أن ما يعانيه السودان من أزمة اقتصادية طاحنة تكاد أن تحدث ترهل فى مؤسسات الدولة وفى كيفية التعامل مع تلك الأزمات، وأضاف بقوله فما بال النزوح من منطقة التيغراى بالألاف المؤلفة، ناهيك عن النزوح من مناطق مختلفة، مستدلاً بأن هذا ما أدخل السودان فى ورطة التعامل مع تلك الأزمة قبل أن تتقدم مفوضيات اللاجئين، لتقديم خدمات لهؤلاء النازحين، كاشفا عن نقص في الغذاء والماء والدواء فى مناطق شرق السودان قبل نشوب الحرب في إقليم التغراي التي نتج عنها النزوح واللجوء، ووصف الوضع بالكارثة فى تلك المناطق على كافة الأصعدة على حد تعبيره، قائلاً بالرغم من ذلك لم يتأخر السودان عن إيواء جيرانه، واقتسم معهم الغذاء والدواء والشراب، مضيفاً أن السودان بذل مجهودا مقدرا لحل أزمة التيغراي سواء من الناحية الإنسانية أو السياسية، بل رأينا منذ أيام وفداً سودانيا يسعى لدى السلطات الإثيوبية لحل أزمة اللاجئيين وإعادتهم إلى مناطقهم، مشيراً بهذا الخصوص إلى أن السودان رفع الأمر لمنظمات المجتمع الدولي لإيجاد حلول لتلك الأزمة ومعاونته فى معالجة أزمته الاقتصادية وتقديم المعونات والمساعدات الإنسانية للاجئين الأثيوبيين.
سياسة التعنت:
أشار أحمد إلى الفشل الزريع للاتحاد الأفريقي في إدارة ملف المفاوضات الذي أحيل له من قبل مجلس الأمن والسلم الدولي فى عام ٢٠٢٠م، باعتبار أن أثيوبيا ما زالت تمارس سياسة التعنت لإعادة المفاوضات من جديد، متسائلاً أيعقل هذا والدول الثلاث توصلت إلى إتفاق بنسبة 95%،ويعاد الملف إلى المربع الأول، كيف يستقيم ذلك؟ مشيراً إلى أن جميع مراحل المفاوضات التي أجريت اهتمت بكيفية تشغيل السد وعملية الملء وإدارته برعاية أمريكية، ودولتا جنوب أفريقيا والكنغو باءت بالفشل. باعتراف رؤساء الدولتين الأفريقتين، فى تقريب وجهات النظر بين الأطراف، مستطرداً أنه بالوضعية التي تمت إعادة الملف بها من قبل مجلس الأمن فى العام الثاني على التوالي لسنة ٢٠٢١م بنفس آلياته السابقة لن يلقى قبولاً من مصر والسودان اللذين يدعوان لوساطة دولية، وإيجاد أطراف خارجية ميسرة للمفاوضات، واعتبر أن موقف الاتحاد الأفريقي من الملء الأول المنفرد من قبل اثيوبيا لسد النهضة والملء الثاني المنفرد لا يشجع على تغيير الموقف والقبول بإعادة الملف للاتحاد بآلياته السابقة.

توسيع باب التحالفات:
أضاف أحمد أن السودان معني بالمحافظة على علاقاته القوية بمصر، وتحصين موقفه بالدعم العربي المادي والمعنوي، منوها بألا يبتعد عن حضنه الأفريقى المؤيد لحقوقه، مؤكداً أن عودة السودان للحضن الدولي الجاري الآن ستكسبه القدرة على إيصال وجهة نظره وتقديراته، ليتحمل مسؤوليته، موضحاً أن الحكومة السودانية ووزارة خارجيتها تسير فى الاتجاه الصحيح في توسيع باب التحالفات المطلوبة لكي لا تكون مقتصرة على قضية سد النهضة فحسب، بل لإسقاط الديون المتراكمة عنه، ولضمان مساعدات تنقذه من الحالة الاقتصادية التي يمر بها، ناهيك عن توفير بيئة تسمح باستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة لتساهم فى إخراجه من أزماته الاقتصادية والاجتماعية التى يعيشها.

إيجاد تسوية:
أعتبر د. محمد علي تورشين المحلل السياسي في الشئون الأفريقية أن الصراع الأثيوبي الأثيوبي آثاره وخيمة على السودان لاسيما في الجوانب الإنسانية باعتبار أنه يستضيف عشرات الآلاف من اللاجئيين الأثيوبيين والأرتريين على السواء، مشيراً إلى جملة من الآثار المترتبة على اللاجئين بالسودان فيما يتعلق بعدم التجاوب الدولي لإنقاذ الأوضاع في دولة إثيوبيا، والتوصل إلى إيجاد تسوية سياسية تجنبها من تفاقم الأزمات مجدداً، مرجحا أن عدم رغبة المجتمع الدولي لإيجاد صيغة تفاهم مشتركة ما بين الأطراف المتنازعة لن تنهي هذه الأزمة، مستطرداً وفقأ لهذه المؤشرات ما يزال السودان يستقبل يومياً أعداد كبيرة من اللأجئيين الأثيوبين الفارين من الحروب الداخلية، مضيفاً أن ذلك سيؤثر سلباً على الموارد الاقتصادية بالسودان، وتضييق الفرص لحصول اللاجئيين على الخدمات التعليمية والصحية وغيرها.

شح الإمكانيات والموارد:الصراع الأثيوبي بين مطرقة
أوضح تورشين أن قضية النزوح مسألة مرتبطة بالشأن الداخلي، مؤكداً أن السودان استطاع أن يقدم بكل ما لديه من إمكانيات ومقدرات عبر المنظمات الوطنية والأجنبية لإغاثة اللاجئيين وإيوائهم بالكامل، مضيفاً أن هذا لايعني أن السودان قام بواجبه الكامل تجاه قضايا اللاجئيين في ظل معاناته من شح في الإمكانيات والموارد الاقتصادية، ودعا كافة المنظمات الدولية للتدخل العاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بما يترتب على أوضاع اللاجئيين بالسودان والجبهة الداخلية باثيوبيا.

الأمر الواقع:
قال تورشين إن مسألة الملء الثاني لسد النهضة أصبحت أمراً واقعاً، لكن لظروف فنية لم تستطع أثيوبيا تحقيق ذلك، لتوقعات أن يحدث الملء الثاني وفقاً لما هو مخطط له بـقيمة بـ13.5 مليار متر مكعب، وكشف أنه نتيجة لعدم إكتمال الملء الثاني للسد في الممر الأوسط لن تتمكن أثيوبيا من الحصول على الكميات المطلوبة من المياه والتي نتجت عنها آثار جانبية بهطول أمطار كثيفة على مناطق لم تهطل فيها أمطار في مثل هذه الأوقات، مبرهناً أن الاتحاد الأفريقي ليس له أي آليات ضغط على أثيوبيا من أجل تقريب وجهات النظر في قضية سد النهضة مع الأطراف المتنازعة، مرجحاً أن هذه القضية تحتاج إلى طرف قوي يرجح الكفة. للتوصل إلى إتفاق قانوني ملزم لكل الأطراف.

التوهان:
أعرب تورشين عن بالغ أسفه لعدم وحود تحالفات ناجعة واستراتيجيات يعتمد عليها في تحقيق الأهداف والغايات المرجوة، داعياً إلى ضرورة تشكيل وبلورة موقف سوداني سوداني يناقش التحديات التي تواجهه والمخاطر التي تنجم عن بناء سد النهضة، ووصفه بالدمار الشامل ولو بنسبة 1% يعتبر مهددا أمنياً كبيراً سيؤدي إلى موت ملايين المواطنيين من خلال الآثار البيئية التي حدثت جراء السيول والفيضانات، وإرتفاع معدل الأمطار، وانعكساتها على الموسم الزراعي، واعتبر السودانيين بعيدين كل البعد عن القضايا المرتبطة بالأبعاد الخارجية وتائيهين في فلك آخر.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.