الصحف البريطانية وقضية خاشقجي.
سودان بوست: وكالات
التايمز نشرت مقالا للكاتب ديفيد أرونوفيتش حول ملف اختفاء الكاتب السعودي جمال خاشقجي بعنوان “يجب أن نضرب السعوديين بقوة”.
يقول الكاتب إنه لازالت هناك إمكانية ولو كانت ضئيلة في أن يكون خاشقجي مازال حيا في مكان ما، متسائلا لماذا توجه هذا الفريق الضخم من الجنود والمسؤولين السعوديين إلى اسطنبول وذهبوا إلى القنصلية قبل ساعات من اختفاء خاشقجي فيها؟
ويوضح الكاتب أن ما لايعرفه القراء في العالم الغربي عن النظام السعودي هو أنه لايطيق وجود أصوات معارضة له، مضيفا أنه حتى الأصوات الإصلاحية التي تنادي بإصلاحات محدودة داخل النظام أصبحت تتعرض للقمع غير المسبوق في المملكة.
ويشير إلى أن بعض المؤيدين للنظام السعودي يعتبرون أن العملية تضاهي عملية الموساد قبل عدة سنوات لاغتيال محمود المبحوح أحد قياديي حركة حماس في الإمارات، لكن الحقيقة أن اغتيال أحد قادة حماس يختلف كليا عن اغتيال كاتب صحفي معارض على أراض دولة صديقة.
ويؤكد الكاتب أن السعودية كانت شديدة الأهمية للغرب منذ نشأتها وزادت أهميتها بعد نهاية الحرب الباردة حيث كانت مصدرا لتدفق الاموال في بنوك الغرب، ورغم أنها كانت تمول “المتشددين والوهابيين” إلا أن الغرب كان حريصا على تحويلها تدريجيا إلى النمط الغربي للمعيشة دون إحداث هزات مجتمعية.
ويتسائل الكاتب لماذا يُقتل خاشقجي أو يُختطف بهذه الطريقة الفاضحة وهل سبب ذلك أنه يعرف الكثير من المعلومات التي تربط بين السعودية وأسامة بن لادن؟
ويختم الكاتب قائلا “إن الولايات المتحدة وبريطانيا هما الشريكان الأقرب والأهم للسعودية وكذلك كان خاشقجي مقربا من لندن وواشنطن وإن كنا نحرص على أن نحيا في عالم لا يختفي فيه المعارضون والإصلاحيون أو يقتلوا يجب أن نتحرك ونفعل شيئا لضمان عدم تكرار ما حدث”.
ويضيف أن فتح تحقيق موسع لا يحقق ذلك وكذلك فرض عقوبات اقتصادية على بعض الشخصيات السعودية، مشيراً إلى أنه ما لم تخرج المملكة بتبرير مقبول لاختفاء خاشقجي في قنصليتهم، يجب على لندن وواشنطن أن توقفا تصدير السلاح للرياض وتمنعا التعاون معها في كل المجالات وأن تفرضا عقوبات على مسؤولين سعوديين بارزين.
صراع سني- سني
الديلي تلغراف نشرت مقالا للكاتب مارك ألموند تناول فيه الآثار المحتملة في منطقة الشرق الأوسط للصراع الذي سببه اختفاء جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول.
ويقول ألموند أن الشائعات التي احاطت بملف اختفاء خاشقجي ومصيره المؤلم أعادت لمدينة اسطنبول سمعتها القديمة كمقر للدسائس الاستخباراتية واللعب الخشن قيما بين عملائها كما ألقي الضوء أيضا على واحد من أكبر خطوط الصراع في المنطقة.
ويضيف أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتزعم تركيا الوريث الشرعي للإمبراطورية العثمانية والأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي الذي يقود المملكة التي تسيطر على مقدسات العالم الإسلامي.
ويغوص ألموند في تاريخ الحرب العالمية الاولى مشيرا إلى أن الأتراك ككل يلومون العرب على ما لحق بالعثمانيين من هزائم في الحرب والدور الذي لعبه الشريف حسين وآل سعود في سقوطها بحيث تبرز المملكة إلى النور على حطام الإمبراطورية العثمانية.
ويوضح أن التغييرات التي يدخلها بن سلمان على الأوضاع في السعودية بما فيها السماح للنساء بقيادة السيارات وفتح الملاهي ودور السينيما يثير الخلاف حول طبيعة دور المملكة كقائد للعالم السني على أساس ديني.
ويضيف أنه من النظرة الغربية فإن تركيا تعد أكثر تحررا بشكل كبير من السعودية حيث تمارس نظاما ديمقراطيا سلطويا لكن مقارنة بالسعودية فهي مختلفة كثيرا وترغب في لعب دور في دفع الديمقراطية قدما في الشرق الاوسط وهو ما يوضحة مساندة أردوغان للإخوان المسلمين التي صنفتها الرياض كجماعة إرهابية.
ويخلص الكاتب إلى أن الصراع بين البلدين لو تصاعد فسيكون شديد الضراوة بحيث يصبح الصراع السني الشيعي والحرب بالوكالة بين السعودية وإيران أمرا هامشيا لكنه في الوقت نفسه سيركز الأضواء على الغرب وسياساته في مواجهة هذا الصراع.
المملكة المتحدة وعلاقتها بالرياض
الغارديان نشرت مقالا لباتريك وينتور محرر الشؤون الديبلوماسية لديها عن الملف نفسه بعنوان “ملف خاشقجي هو اختبار لعلاقات بريطانيا بالسعودية”.
ويعتبر وينتور أن ملف اختفاء أو مقتل جمال خاشقجي يضفي توترا على العلاقات الأمنية والتجارية الوثيقة بين بريطانيا والسعودية والتي كانت بمثابة أحد الأعمدة الرئيسية للسياسة الخارجية للندن.
ويوضح وينتور أن جيريمي هانت وزير الخارجية البريطاني اعتاد الدفاع عن هذه العلاقات بالقول إنها حافظت على شوارع لندن خالية من التفجيرات والعمليات الإرهابية كما أنها وفرت لوزارة الخزانة مبالغ طائلة وعلى هذا الأساس فرشت السجادة الحمراء لاستقبال محمد بن سلمان في لندن قبل نحو ستة أشهر.
ويشير وينتور إلى أن الساسة البريطانيين لم يساورهم الشك في أن بن سلمان سيوفر لبريطانيا الفرصة للاستثمار في بلاده بالتزامن مع الخروج من الاتحاد الأوروبي، سواء في مجال الإنشاءات والبناء أو التعليم أو وسائل النقل إضافة إلى الشق العسكري لكن ملف خاشقجي يجعل هذا الأمر أقل جاذبية للندن ويجعل الملايين التي أنفقها السعوديون على شركات العلاقات العامة لتحسين صورتهم في العالم الغربي بلا طائل.
ويختم وينتور بالقول إن كل ذلك يطرح سؤالا كبيرا على الساحة السياسية في بريطانيا وهو هل ستدفع هذا التطورات إلى إعادة تقييم شاملة لطبيعة وحجم العلاقات بين بريطانيا والسعودية خلال الفترة المقبلة؟