آخر الأخبار
The news is by your side.

السودان والخطة الأمريكية ( ب ) بقلم: عمر البكري ابوحراز

الآن وضحت الرؤيا كثيراً.. الرئيس البشير أعلنها حرباً على أمريكا وعلى من يحتمي بها، في إشارة واضحة إلى عدم تفاعل أمريكا مع التقد م الذي أحرزه السودان في المسارات الخمسة التي حددتها أمريكا كشروط لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب منذ العام 1993، ولم تعترف أمريكا بكل الخطوات التي قامت بها الحكومة في الجزء الأكبر من المسارات، وأهمها التعاون الجاد في محاربة الإرهاب، وهذا الهجوم الذي أعلنه الرئيس في احتفالات قوات الدفاع الشعبي الأسبوع الماضي، يعني بالضرورة الابتعاد الكامل عن أحد المحورين المتناحرين في المنطقة، والذي تدعمه أمريكا (المتغطي بأمريكا عريان)، لذلك يجب التحسب والاستعداد وعدم الركون إلى المألوف وعدم التقليل من الدور الأمريكي في الوصول إلى أهدافها بوسائل بالغة الدقة وطول النفس.. أمريكا من أجل الوصول إلى أي هدف تضع خطتين- خطة (أ) وأخرى (ب).. الخطة (أ):
فيما يتعلق بالسودان تنادي بالهبوط الناعم (Soft Landing) لتعديل النظام أو تغييره دون تركه في فوضى حماية لمصالحها في السودان.. الإمام الصادق تبنى خطة الهبوط الناعم، وهي الخطة التي تسعى الى إقناع الرئيس البشير بالتنحي ، وتسعى الخطة (أ) أيضاً إلى إبعاد الإسلاميين في كل مستويات الحكم، وتأجيل انتخابات 2020 والإستعاضة عنها بفترة انتقالية لمدة ثلاث سنوات تعالج فيها الأزمة الاقتصادية، بدعم مالي كبير وعاجل من بعض دول المنطقة، وتجري بعدها انتخابات عامة لتبدأ دورة التداول السلمي للسلطة، ويقود هذه الفترة الانتقالية شخص أو مجلس مقبول لأطراف خطة الهبوط الناعم.
الخطة (ب):
والتي سيبدأ إنفاذها قريباً تقوم على إحداث فوضى خلاقة محدودة ومحكومة (Controlled Chaos) ليست مثل الفوضى الخلاقة الممتدة التي تدور منذ سنوات في العراق، سوريا، ليبيا واليمن، لأن أمريكا لا تريد الإنهيار الكامل للسودان حماية لمصالحها في المنطقة، والتي يهددها انهيار السودان وانزلاقه في فوضى ممتدة، بحكم موقعه الاستراتيجي في قلب المنطقة، وبسبب ثرواته غير المحدودة في ظاهر الأرض وباطنها.
ولعل ما يدور الآن في الجبهة الشرقية للبلاد من مصالحة مفاجئة بين خصمين لدودين ظلا في عداء لأكثر من عشرين عاماً- إثيوبيا وإرتريا- والقرار المفاجئ من مجلس الأمن برفع العقوبات عن ارتريا، الذي يشمل فك حظر حصولها على الأسلحة من أي مصدر، واحتمال كبير بخلق حلف رباعي جديد يشمل إثيوبيا، إرتريا، الصومال وجيبوتي تحت رعاية اقليمية مناوئة للحركة الإسلامية العالمية.. هذا الحلف سوف يشكل هاجساً وتهديداً للسودان في حدوده الشرقية.. عليه يكون احتمال حدوث فوضى محدودة داخل البلاد من ناحية الشرق وارد بدرجة معقولة، تزداد وتنداح هذه الفوضى والتفلتات إلى عمق السودان لتشمل العاصمة القومية، والتي سوف يشعلها البعد الثاني من الخطة (ب)، وهو مواصلة الضغط الاقتصادي والذي إذا استمر على ما هو عليه الآن سيكون دافعاً لتذمر المواطنين وخروجهم إلى الشارع في تظاهرات سلمية وغير سلمية، بعد أن تفشل الغالبية من المواطنين في مقابلة زيادة الأسعار، وندرة السلع، وغلاء الخدمات، مما قد يستدعي بكل أسف تدخلاً أمنياً أعنف مما حدث في سبتمبر 2013م، وبذلك (إذا حدث- ونأمل أن لا يحدث)- ستؤتي الخطة (ب) أكلها تماماً عندما يتداعى العالم المناوئ للحركة الإسلامية العالمية عبر منظمات المجتمع الدولي المدني ومؤسسات الأمم المتحدة، خاصة مجلس الأمن، وتضغط بوتائر محسوبة حتى يصدر مجلس الأمن قراراً تحت الفصل السابع، والذي نحن فيه منذ سنوات من العام 2005- القرار (1561) والقرار (2265) الصادر في 10 فبراير 2016 بصفة خاصة، سوف تلجأ له الدول المعادية وعلى رأسها أمريكا.. هذا القرار 2265 صدر تحت الفصل السابع الذي يتيح التدخل العسكري الأممي بإجماع أعضاء مجلس الأمن بمن فيهم روسيا والصين، ولا يحتاج إلى قرار جديد، بل تفويض للأمين العام بإنفاذه- يقول القرار في مقدمته: (تأكيد التزام مجلس الأمن الدولي بأسباب الأمن والاستقرار في كل أنحاء السودان، ولسيادته واستقلاله ووحدته، وإلى ضرورة التزام السودان بكل متطلبات القرار 1591 (2005) ولمبادئ وضرورة مراعاة حق الجوار، وعدم التدخل في شؤون الدول المجاورة في المنطقة، مع إعادة التأكيد على أن حكومة السودان تتحمل المسؤولية الرئيسية لحماية كل مواطنيها في كل أرجاء السودان وفق مبادئ سيادة القانون- قانون حقوق الإنسان الدولي وكافة القوانين الدولية الإنسانية).. انتهى.
هذه المقدمة في هذا القرار الخطير ستكون المسمار الأخير لإنفاذ الخطة (ب)؛ لأن التدهور الاقتصادي والمخطط له الاستمرار عبر حجب أي دعم أو مساعدة سوف يؤدي إلى وصول الإنهيار الاقتصادي إلى المرحلة الخامسة، والتي ذكرتُ في مقال سابق أنها تعني الفوضى والتفلتات والنهب وانهيار القانون، مما يستدعي أي سلطة حاكمة في أي بلد للجوء إلى القوة المفرطة لإعادة الأمن واستتبابه، والذي يترتب عليه موت أعداد كبيرة من المواطنين، إضافة إلى احتمال خلق مناوشات حدودية محسوبة تستدعي مواجهات عسكرية قد تعبر الحدود خارج السودان، مما يتيح ذريعة لإعمال القرار (2265)، والذي كما أسلفنا يشير إلى عدم التدخل في شؤون دول الجوار ويشير إلى تحمل حكومة السودان لكل مسؤولياتها في حماية مواطنيها وسلامتهم في كل أنحاء السودان.. (تم غزو العراق بالعودة وإعمال قرار قديم).
لذا نسأل الله أن لا يحدث هذا السيناريو، وإذا حدث يجب على الحكومة التحسب واليقظة والحكمة في التعامل مع تداعيات الأحداث، والإبتعاد الكامل عن استعمال أي قوة مفرطة من أي مؤسسة أمنية رسمية أو غير رسمية.
ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.