آخر الأخبار
The news is by your side.

الحزبية ما لها وما عليها … بقلم: د.خالد أحمد الحاج

الحزبية ما لها وما عليها … بقلم: د.خالد أحمد الحاج
 

تعتبر التنظيمات السياسية في أي بلد من بلدان العالم أحدى الواجهات المهمة التي ترسخ لمبدأ التداول السلمي للسلطة وتبني المبادئ السياسية التي يقوم عليها العمل السياسي بصورة عامة، ولما كانت القوى السياسية أهم مظاهر مدنية الدولة، فإن تقييم تجربتها وتقويمها مؤشر لما سيكون عليه مستقبلها، وبما أن المرحلة تتطلب مزيداً من التفعيل للنظرية الديمقراطية لضمان التفاعل معها، وتطويعها لخدمة الصالح العام، من اللازم أن تعيد الكيانات السياسية النظر في تجربتها، لتقوم “الخلل البنيوي” الذي صاحب أداءها، وجعلها “معزولة” عن قواعدها ومحيطها، تمنيت لو أن حزبا واحدا يكشف عن قاعدته للرأي العام، ويشير إلى جانب من “القناعات” التي جعلت هذه “العضوية” على قناعة ببرنامجه السياسي؟

برأي أن الضعف الذي صاحب التجربة الحزبية في السودان “مركب” بعضه مرتبط بهيكلة هذه المنظومات ومرجعياتها، وبعضه ذو علاقة وثيقة بممارستها السياسية التي تجلت بصورة واضحة في الانحياز “العشائري” والركون للثقل الذي تقول به بعض الأحزاب لتبرر لمن تريد له تسنم موقع ما أن يكون صاحب الحظ الأوفر، ما جعل كثر يحجمون عن الاستجابة للنداءات الحزبية بحجة أن هناك “محاصصة” حول بلوغ المواقع الرفيعة، وإتاحة الفرص الكاملة للأعضاء للتمثيل النيابي وشغل المناصب الرفيعة، بجانب تباين وجهات النظر حول التعاطي مع القضايا الجوهرية، والموضوعات الملحة، التسليم بكل شيء هو “العقدة” التي لم تنفك عن “منشار” التجربة الحزبية في السودان، وضعف المبادرات تجاه الأزمات واحدة من أهم ملامح “انكماش” الجماهير وعدم تعاطيها بالصورة الكافية مع أي طرح تقول به هذه التنظيمات.

نتفق بأن التجربة الحزبية في السودان بحاجة ماسة إلى مراجعة شاملة، لتستعيد الأحزاب بريقها الذي فقدته نتيجة لإنغلاقها على ذاتها، وعدم استجابتها لرغبات وتطلعات “الأغلبية الصامتة”، لذا لابد أن تجد الأحزاب لهذه المعضلة معالجة موضوعية لضمان تفاعل الشعب مع ما تتبناه من برامج وأفكار، مع ضرورة التأكيد على التبني التوعوي المستمر لما يهم المجتمع والانفتاح عليه بصورة واسعة، وذلك بتبني مبادرات فعالة ومؤثرة تتركز حول “شرائحه الضعيفة” واتخاذ ما يلزم من التدابير التي تكفل لها العيش بكرامة في بلد كاد الغلاء فيه أن يطحن “المسحوقين” ويقضي على آمال “محدودي الدخل” وما أكثرهم.

برأي أن التسليم بجماهرية هذا الحزب، أو ذاك، إن لم تسندها استطلاعات رأي تجرى بين فينة وأخرى، واستبانات علمية تكشف عن توجهاته وإطار الإصلاح به تبقى أحاديث للاستهلاك السياسي. الانتماء الحزبي “قناعة” يسندها توجه التنظيم (رؤية ورسالة وأهداف)، والمراجعة التي تخدم خط “الجماعة” لا “النخب” التي أدمنت “الكنكشة” إن جاز التعبير، لذا لابد من تعاطي موضوعي مع الديمقراطية مبنى ومعنى، وتدارس التجارب الحزبية الناجحة على مستوى المنطقة، مع ضرورة تفعيل مبدأ “الرأي- والرأي الآخر”.

إفرازات الغياب عن المشهد السياسي مهدت لإحجام الجماهير وهذه بحد ذاتها “أزمة”، باعتبار أن الجماهير رأت على الحزب أو التنظيم ضعفا وعدم قدرة على تجاوز عقبة “الانغلاق” على الذات،لما لا تعقد الأحزاب مؤتمراتها من الأساس إلى المؤتمر العام في الأوان المحدد، ليقف الشارع على “جاهزية” الحزب، ومن ثم يقيم ذلك كمعطى ظاهر بدلا عن الحديث على إطلاقه؟ “الشفافية” داعم أساسي لأي تجربة سياسية يراد لها الاستدامة، فكيف تتكيف مع ذلك القوى السياسية؟ وكيف تترجمه ممارسة ؟

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.