الباشمهندس محمد كرتكيلا صالح وزير الحكم الإتحادي في ضيافتنا
الباشمهندس محمد كرتكيلا صالح وزير الحكم الإتحادي في ضيافتنا
●مع تفاقم قسوة الكوارث التي تمر بها البلاد منذ إندلاع التمرد في 15 ابريل الماضٍ، وفي إطار جهود وزارة الحكم الإتحادي المبذولة للوقوف عن قرب علي إنتظام العمل في دولاب الدولة وتفقد المشاريع الحيوية وأحوال المجتمع خاصة النازحيين والمنكوبيين بسبب تداعيات الحرب؛ فقد قام المهندس محمد كرتكيلا صالح وزير الحكم الإتحادي بتسجيل زيارات رسمية للولايات/إقليم، وعلي سِمتِّ الشفافية المعهودة عنده وإتساع الأفق المألوف لديه فقد إستقبل سيادته طاقم صحيفة “رؤية جديدة – New Vision”، والذي أجرى معه حوارًا سلسًا ومفيدًا حول نتائج زياراته وقضايا الساعة، ورد بصدر رحب علي الأسئلة الشائكة التي ظلت الأجهزة الإعلامية المختلفة تبحث عن إستبيان أجوبة السلطات الرسمية حيالها، وفيما يلي ندلف مباشرة إلي مضابط الحوار……
حـاوره: سعد محمد عبدالله
●سيادة الوزير مساء الخير؟
أهلاً وسهلاً بكم وبصحيفة رؤية جديدة التي نأمل أن تنمو وتزدهر ويرتفع مقامها عبر اقلام الشباب والنساء الذين يكتبون بصدق عن قضايا وهموم الشعب علي إمتداد الوطن، وكذلك قضايا الفكر والثقافة والعلوم الإنسانية، ويجب أن تكون هذه الصحيفة منصة لنشر ثقافة السلام والديمقراطية ونافذة للحوار من أجل السودان الجديد، ويسرني جدًا الحوار معكم.
●سيادتكم قمتم في الأيام الماضية بجولة واسعة لعدد من الولايات، ما هي أبرز أهداف الزيارة؟
نعم، قمت بزيارة رسمية لعدد من الولايات “البحر الأحمر، كسلا، القضارف، الجزيرة، النيل الأبيض، سنار، إقليم النيل الأزرق”، وقد رافقني فريق صغير من مستشاري الوزارة بتكليف من اللجنة العليا للطوارئ وإدارة الأزمة بهدف الوقوف علي سير العمل في دولاب الدولة والتأكد من تماسك الجبهة الداخلية للسودان في تلك الولايات وإقليم النيل الأزرق ومناصرة القوات المسلحة السودانية في حربها مع المليشيا المتمردة وصد المؤامرات الخارجية التي تحاول أيادي الخراب في الداخل تنفيذها.
إذن الهدف الأساسية هو التأكد من تماسك الجبهة الداخلية وتفرعت منه أهداف ثانوية للحصول علي عناصر قوة التماسك ويمكننا أن نوردها في النقاط الآتية.
أولاً. تماسك هياكل حكومات الولايات ومحلياتها أو محافظاتها، والمحافظة علي وحدة القيادة والعمل حسب موجهات الدولة في هذه الأزمة.
ثانياً. الوقوف علي الأوضاع الأمنية وإستقرار الولايات والتأكد من عدم وجود أيّ إختراقات أمنية.
ثالثاً. التأكد من إدارة أزمة النازحيين القادميين من الخرطوم إلي الولايات والمساعدات الإنسانية.
رابعاً. الوقوف علي الإستنفارات والنفرات التي إنتظمت الولايات لدعم القوات المسلحة التي تخوض معركة الكرامة.
خامساً. الوقوف علي الموسم الزراعي وقراءة أحوال الأمن الغذائي للعام الحالي والقادم والتحسب لإحتمال أيّ فجوة غذائية قد تحدث في البلاد.
سادساً. الوقوف علي دور الإدارة الأهلية في النفرات والإستنفار لدعم القوات المسلحة والمشاركة في إدارة الأزمة.
سابعاً. أنشطة آخرى في إتجاه تقوية تماسك الجبهة الداخلية.
●من وجهة نظركم هل حققت زيارتكم للولايات الأهداف المرجوة؟
نعم، من خلال الأنشطة التي أجريناها في تلك الولايات وإقليم النيل الأزرق بمشاركة الجهات الرسمية والشعبية التي إستهدفناها من ولاة الولايات وحاكم إقليم النيل الأزرق ومجالس وزراء حكومات الولايات وكذلك اللجان الأمنية الولائية والإدارات الأهلية ومفوضيات العون الإنساني وديوان الزكاة وتنظيمات المرأة المختلفة وبعض قيادات المجتمع المدني فضلاً عن اللقاءات الجماهيرية والزيارات المتنوعة، وكل هذا الحراك أكد لنا بما لا يضع مجال للشك نجاح هذا الطواف وتحقيق الأهداف المنشودة بقدر كبير جدًا، وفي هذا الصدد نقول أن خلاصة ما تحقق هو تاكدنا بأن الشعب السوداني بأكمله يقف خلف القوات المسلحة في معركتها الوطنية ضد المليشيا المتمردة، والجميع علي أتم الإستعداد لخوض معركة الكرامة بغية إسترداد الوطن وإعادة بناء السودان الآمن والمستقر والمتطور في كل المناحي.
●من خلال ملاحظاتكم ما المشكلات التي ستواجهها الوزارة في الفترة المقبلة؟
ما تواجهه الوزارة من تحديات بالضرورة هي تلك الناتجة من جراء هذه الحرب والكارثة التي أحدثتها في المجالات كافة، خاصةً في المجال الإقتصادي الناجم عن حالة الدمار الشامل للبنية التحتية بالخرطوم بحكم انها العاصمة المركزية التي كانت تضم الوزارات الإتحادية؛ هذا إلي جانب نزوح القوة العاملة بالوزارة إلي الولايات أو اللجؤ خارج البلاد، الأمر الذي عرضهم لظروف صعبة وقاسية جدًا سوف تنعكس علي الوزارة بدون شك، وأيضاً هنالك تحديات كثيرة بسبب هذه الكارثة مثلاً فيما يتعلق بتحديث القوانيين الخاصة بالحكومة وإعادة الوزارة إلي سابق عهدها وغيرها من المسائل المهمة التي نعمل علي معالجتها من أجل العبور نحو المستقبل المشرق.
●إجتمعتم مع ولاة الولايات ما التحديات التي يواجهونها فيما يتعلق بقضايا الحكم والإدارة؟
تجربة إسناد إدارة الولايات علي كوادر من الضباط الإداريين وتولي أصلب الكوادر مهام الولاية تجربة في غاية الأهمية ويجب الوقوف عندها لأن الضابط الإداري بحكم تجاربه الثرة في الإدارة إستطاع أن يدير شؤن الولاية بقدر جيد من الكفاءة رغم الظروف الصعبة التي سببتها الحرب المستعرة في البلاد، وإن جاز لي أن أذكر بعض التحديات التي تواجه الولاة فهي إستقبال أعداد كبيرة جدًا من النازحيين القادميين من الخرطوم وبنسب متوسطة في بعض الولايات وكيفية إيوائهم، وتقديم الخدمات الإنسانية من التحديات التي واجهتم، وهنالك مسألة المرتبات التي لم يتم صرفها للعامليين وغيرها من المشكلات الخاصة بمعاش الناس، ولكن كل الولاة تصدوا بصبر وإقتدار وعملوا بجهد عالٍ لتذليل تلك الصعاب إلي الحد الذي بعث في نفوس وعقول الشعب تفهم تلك الأمور والمساعدة لإجتياز هذه المرحلة بكل مراراتها.
●وقفتم علي أحوال النازحيين ماذا أنتم فاعلون لأجلهم؟
نعم، سجلنا زيارات هامة للنازحيين في أماكن إيوائهم و وقفنا علي الجهود المبذولة من قِبل المسؤليين بتلك الولايات لإمتصاص الصدمة التي تعرضوا لها ومساعدتهم بالقدر اليسير لمواجهة الحياة وتجاوز قسوتها، وقمنا باصدار بعض التوجيهات التي سوف تساعد في تذليل الصعاب التي قد تواجههم، وفي تقديرنا رغم الإمكانيات الغير كافية بالولايات إلا أن مساعي الحكومات الولائية تؤكد الإتجاه الجاد لتقليل الصعوبات التي تواجه هؤلاء النازحيين المنكوبيين بسبب الحرب، ومن جانبنا نقوم بواجب المتابعة من وقت لأخر حتى إنجلاء البلاء إن شاءالله.
●سيادتكم قد تحدثم سابقًا عن إعادة تنظيم الإدارة الأهلية فما رؤيتكم ولماذا تأخر سن القوانيين الجديدة؟
نعم، من أهم لقاءاتنا في الولايات كانت مع الإدارات الأهلية، وتناولنا معهم قضايا الإدارة الأهلية بشكل عام وبشكل أخص تحادثنا حول موضوع قانون الإدارة الأهلية في السودان، وقد بشرناهم بأن مشروع القانون قد تم إعداده بشكل ممتاز وإجازته في كل المراحل وتبقى فقط التصديق باصداره كقانون إطاري، ونتوقع أن يتم إصداره بمشروع دستوري بواسطة مجلس السيادة السوداني في أقرب وقت ممكن، وبموجب ذلك القانون متوقع أن تتم إزالة التشوهات التي علقت بهذا الجهاز الإجتماعي الأهلي والتاريخي ليعود للعمل بفاعلية وكما هو مطلوب.
●إلتقيتم قيادات الحركة الشعبية في الولايات/إقليم، ما هو تقيمكم لأداء الحركة وأنشطتها وقابلية تطوير مكاتبها؟
علي هامش زياراتي لتلك الولايات أتيحت لي فرصة اللقاء بعدد من الرفاق الذين يمثلون أعضاء في المكاتب المرحلية التي تم تشكيلها، وقد كان ذلك بغرض التحية والمجاملة والإستماع إليهم في ظل هذه الأزمة التي أصابت الوطن، وتبادلنا الأراء حول تلك الأزمة الملتهبة وإنعكاسها علي الأنشطة السياسية في كل التنظيمات السياسية بالبلاد، وتنظيمنا ليس إستثناءًا، وأيضا تناولنا مواقف الحركة الشعبية وأكدنا أن المرجع والمصدر الأساسي لأخذ المواقف السياسية هي الخطابات والبيانات الرسمية للحركة والرسائل التي يرسلها رئيس الحركة الشعبية الرفيق القائد مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة حاليًا، وخلاصة تقييمي لتلك اللقاءات أن أغلب الرفاق يتفهمون الأوضاع السياسية التي تمر بها البلاد وهم ملتزمون بخط التنظيم ولكنهم يودون فتح دور الحركة الشعبية والبدء في تنشيط العمل السياسي وإستكمال الهياكل التنظيمية بعد زوال أزمة الحرب الحالية، أما في إقليم النيل الأزرق ففي تقديرنا أن التنظيم يسير بخطئ جيدة للأمام، ونتوقع أن يكون مثالاً يحتذى به في مقبل الأزمان.
●يتحدث الناس عن حاجة السودان لنظام حكم كنفيدرالي، ما النظام الأنسب لحكم السودان من وجهت نظركم؟
نعم، من خلال الأزمة التي تمر بها البلاد جراء هذه الحرب إتضح جليًا أن أنسب حكم للسودان هو الحكم اللا مركزي، ولعل ما أصاب المركز “الخرطوم” من تدمير في البنى التحتية للإقتصاد الوطني الممركز قد إنعكس سلبًا علي كافة الوطن لذلك يطالب الشعب السوداني بعدم مركزية الدولة من أجل التنمية والحكم الرشيد، وعلي جانب آخر فقد عالجت إتفاقية جوبا لسلام السودان هذا الموضوع بشكل جذري وموضوعي ويجب عدم التردد في تطبيق كل النصوص والإجراءات المتعلقة بمسألة الحكم والإدارة الواردة في الإتفاقية، والتجربة الخاصة بالحكم الذاتي في بداية تطبيقها باقلين النيل الأزرق ظهرت ملامح جداوها رغم الظروف الصعبة التي واجهت تلك التجربة إلا أنها أثبتت صمودها، وعندما تكتمل هياكل الحكم باقليم النيل الأزرق سوف ترون تجربة ناجحة جدًا وعلي أمل أن تكون سابقة ومرجعية لبقية السودان، وأنتهز هذه الفرصة لأسجل إشادتي للرفيق القائد أحمد العمدة بادي ورفاقه في الحكومة والتنظيم علي جهودهم الكبيرة والواضحة في إرساء دعائم السلام وقواعد الحكم الذاتي بالإقليم وفقاً للإستحقاقات الواردة في إتفاقية السلام، وأتمنى لهم التوفيق.
●ما هو تقيمكم لتجربة تطبيق الحكم الذاتي؟
رغم خضوع تلك التجربة لظروف غير عادية إلا أنه بفضل إجتهاد الرفاق وصبرهم العميق وصلابة إرادتهم سواء علي المستوى التنفيذي أو التنظيمي أخذت التجربة تنمو في المسار الصحيح، وسوف يكون نجاح هذه التجربة مؤكدًا خاصة بعد إكتمال الهياكل الواردة في الإتفاقية وإنزال كل البنود المتفق عليها علي أرض الواقع، وهذه المسألة تحتاج لعمل كبير وإجتهاد من أبناء وبنات النيل الأزرق الذين يملكون الآن مفاتيح مستقبلهم ويجب أن يضيعوها مهما حدث، وأتوقع أن يكون هذا الإقليم منارة للسودان.
●كيف تقيمون تنفيذ إتفاقية جوبا لسلام السودان؟
الظروف المختلفة التي مرت بها البلاد خاصة فيما يتعلق بعدم الإستقرار السياسي منذ التوقيع علي الإتفاقية حالت دون تنفيذ الكثير من بنودها وفقاً للمصفوفات الموضوعة والمحدثة لاحقًا، ولا أظن نسبة التطبيق تتجاوز الـ10%، وهذا الأمر يحتاج منا المزيد من العمل والصبر الشديد وأخذ المواضيع بجدية بعد زوال هذه الأزمة وتوفير مناخ سياسي أفضل يساعدنا علي تنفيذ الإتفاقية لينعم الشعب بثمارها وتكون أساسًا لأزدهار البلاد.
●كلمة أخيرة، ماذا تودون قولهُ للشعب السوداني في ظِل هذه الأوضاع الصعبة؟
ما أودُ إرساله إلي الشعب السوداني العزيز: أن البلاد تمر بأصعب مراحلها منذ نشأت الدولة الحديثة المستقلة، وفي هذا المنعطف التاريخي ينبغي علينا النظر بموضوعية للمستقبل الآتي، ويجب البحث فورًا عن مشاريع إعادة الإعمار بعد دحر تلك لمليشيا المتمردة، وعليه فقد وجب علي كل الشعب السوداني بمختلف إنتماءتهم وقطاعاتهم الوقوف صفًا مستقيمًا خلف القوات المسلحة التي تمثّل صمام أمان هذا الوطن، ويجب العمل علي إنهاء التمرد والمؤامرة الداخلية المدعومة من الخارج، ولعلل أنسب شعار يجب ترديده ورفعه في كافة الميادين السودانية هو “جيش واحد، شعب واحد”.