آخر الأخبار
The news is by your side.

ابراهيم الماظ في أول حوار له بعد إطلاق سراحه

المقدمة
ولما كانت للأسماء نصيب من مسماها حمل إبراهيم الماظ نفسه التواقة القلقة بين جنبيه بحثاً عن هدى يحدوه قناعة بما يرجو، وهو يحلم بوطن يتساوى الكل فيه حقوقاً، ولكن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن وانشطر البلاد، ولكن الماظ ظل هناك في قعر مظلمته يواسي نفسه بأن الصبح آت مهما استطال أمد الظلام. شاءت الأقدار أن لا يحظى الماظ بفرصة التصويت في عمليات استفتاء تقرير المصير ولكن السودان شمالاً وجنوباً طوال فترات اعتقاله صوَّت على قبوله بقوة ذلك ما يستشعره الزائر لإبراهيم إبان فترة اعتقاله، حيث تعج الساحة بملامح متباينة ومختلفة ولكنها اجتمعت على حبه،
وبالرغم من أن الرجل مرَّ بتجربة مريرة وقاسية إلا أنك لم تكن تستشعر ذلك حتى على قسماته وهو يستقبلك هاشاً باشاً جلداً بصبر يخبر الصبر نفسه بأنه صابر على شيء أمر منه، فبدلاً من مواسته تجده من يحدثك بأن كل الأقدار خير من عندالله .
ومع أن هناك من يرى أن ما نابه يذيب جبال الصمود والإرادة إلا أنه أكد في حديثه لـ(الأخبار) بأنه صافى وسامح الكل ولا يحمل لأحد موجدة أو غل في نفسه. فإلى مضباط الحوار ماذا قال عن الوحدة والانفصال وكيف سيرد تحية الرئيس وماذا قال لرفاق الأمس، من حملة السلاح.
”””””””””””””””””””””””””””””””””””_”””””””””””””
حاورته : أجوك عوض الله جابو
صحيفة (الأخبار) تبارك لك الحرية وتستوقفك في كلمة؟
الحمد لله رب العالمين شاكر كثير لأخواني في جريدة (الأخبار) على جهدهم الوافر وأعتبر أن الله سبحانه وتعالى جدد لي عمراً آخر وهو يدري إلى أن يسوق الأمور وله الشكر أولاً وأخيراً، بدأت المساعي لإطلاق سراحي منذ أن انطلق الراحل الشيخ حسن، في برنامج الحوار وأرسل لنا مبشراً بأنه بصدد إيجاد مخرج لنا، كما نرسل شكرنا للسيد الرئيس لاستجابته لجهود أخوانه، لم أذهب إلى جنوب السودان فور إطلاق سراحي من سجن كوبر قبل عام لأسباب خاصة كما أسلفت وقصدنا -أيضاً- توصيل رسالة ولو فعلت لحسبت عليهم ولما خرجت الصورة عن إطار أنهم قاموا بطرد أخوهم لذلك تحملت على حساب الأهل و الأسرة، ولكن المشيئة قدرت هذا اليوم ونشكر كل من سعى ولو بأمنية لأجل فك أسرنا تفريج كربتنا.
يحسب عليهم كمسلمين أم كحركة إسلامية ؟
كمسلين أكيد لأننا نعتبر كل من كتب وناشد من أجل إطلاق سراحنا في السودان ليسوا من أبناء الحركة الإسلامية، بل الشعب السوداني بمختلف انتماءاته وتنظيماته وسحناته حتى في قرى اللاجئين والنازحين كل عبر بطريقة عرجاء أن يجعل الله لإبراهيم مخرجاً، صحيح ما تم هو إرادة الله، ولكن من لا يشكر الناس لا يشكر الله، وما تم وفق لصلاحية الرئيس ونحن نقول له في هذه العجالة لك جزيل الشكر .
إبراهيم الماظ مر بتجربة كانت تفاصيلها غير مبشِّرة بفرج على الإطلاق بالرغم من ذلك هل كنت متفائل بأن الرئيس سيعفو عنك بصورة نهائية بالرغم من تمسكه؟
أنا مسلم وصبرت على هدى قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا..الخ) و الصبر مفتاح الفرج والله سبحانه وتعالى يمن بفضله على الصابرين لم أكن في ضيق لأنني أعتقد أني إبراهيم الماظ لم أخرج من أجل قضية أو مأثره شخصية، وقد رأينا عديد نماذج لبلدان دكت على رؤوس أهلها لذلك كنت متفائل بأن الفرج آت لا محالة.
تجربة انفصال الجنوب وما ترتب عليه من تبعيات لم تستثنى حتى دور الدعوة الخاصة بمسلمي جنوب السودان بالخرطوم مروراً بحيثيات اعتقالك ترجمة حقيقة أن مفهوم “دار السلام” ومشروع الدعوة كغاية حق، ولكن تم استغلالها من قبل تنظيم الحركة الإسلامية كشعار للعبور إلى ضفة السلطة ولا تمت للجوهر بصلة؟
هذه حقيقة لا تخفى على أحد ولا تحتاج إلى شواهد ووقفنا على ذلك باكراً منذ أن كنا موجودين ورددنا قوله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ } و استنكاراً بقوله تعالى:{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ }. وذلك كان محور صراعي واختلافي مع الأخوة لأننا تعلمنا ذلك من تلك المدرسة وكنا نراه منهجنا الأوَّلي ترجمته سلوكاً ومنهجاً، ولكننا رأينا أن ما يحدث ليس له علاقة بالجوهر فهي محض شعارات تستتر خلف الدين، ومسلمو الجنوب ليسوا أحق بتلك المؤسسات هنا فقط، بل كنا نرجو أن تكون لهم مثلها في الجنوب مدارس ومستشفيات ولا يشترط أن يكتب على ظهر من يدخلها أو يستفيد منها كلمة مسلمة، فيكفي أن يكون بداخلها مسلم يعامل الناس بإحسان فالدين المعاملة ويمثل بذلك رمزية، ولكن الجنوب خرج بعد الانفصال وليس هناك شيء عدا منظمة الدعوة الإسلامية وليست لديها مؤسسات بالمقارنة .
هل تم إطلاق سراحك بناءً على شروط و إذا كان كذلك ما هي تلك الشروط؟
ليست هناك شروطاً، فقط قالوا إطلاق سراحه لأن الرئيس قرر ذلك، وكان الرئيس غضبان “شوية” من الماظ و سنرى في مقبل الأيام لماذا غضب الرئيس من أخيه الماظ، وأعتقد أني كبقية أبناء هذا الوطن الكبير حتى ولو انشطر البلاد، لكن أعتقد أنني من أمة الإسلام -أيضاً- ومن جنود هذه الأمة ولديَّ مسؤولية دينية وأخلاقية، وتأثرت لانشطار هذا الوطن العزيز إلى شطرين، لإيماننا بأنه ما كان يرجى ذلك لأن الصراع كان على السلطة وليس صراعاً من أجل تقسيم البلد.
هناك حديث بأن إطلاق سراحك تم بإيعاز من حركة العدل والمساواة بعد أن اشترطت ذلك للجلوس مع الحكومة تعليقك؟
كل ما يقال يمكن أن يكون صحيحاً، فالأجواء الأن مقبلة على حوار في الدوحة وإذا تم إطلاق سراحي في هذا الإطار أعتقد أن لدينا أسرى كثر داخل السجون والحركات الأخرى، مني وعبد الواحد، وأعتقد أن ذلك يصب في مصلحة لملمة الأطراف والجلوس لضمد الجراح حتى يكون الوطن هو الهم الأول، ولا يخفى على أحد ما وصل إليه حال البلد الآن.
ماذا يقول إبراهيم الماظ لرفاق الأمس حملة السلاح؟
أراهم خطوا الآن في طريق السلام و أتمنى أن يكتمل المسير في درب السلام الذي جلسنا من أجله مع الراحل د.خليل في منبر السلام في الدوحة في العام 2009م، وكان كفيلاً بإخراج البلاد من الأزمة، ولابد أن يكون السلام حقيقي من أجل شعب يستحق.
احتمالية معاودة الحنين إبراهيم الماظ، للعودة سيرتك الأولى كانت من ضمن التحفظات التي بنى عليها الرئيس تمسكه بعدم إطلاق سراحك أو إبعادك لاحقاً، فهل سترد التحية بأحسن منها؟
إذا حييتم بتحية فحيِّوا بأحسن منها أو ردوها، وسنعمل في هذا الإطار ونقول للأخ الرئيس جزيت خيراً وأنا ابن من أبناء السودان حتى ولو من باب “حجَّاز ساي” يضحك.
إذا قرر إبراهيم الماظ رد تحية الرئيس البشير بأحسن منها، فما هو مستقبل إبراهيم الماظ السياسي هل وصل آخر محطاته؟
سبحانه وتعالى خلق هذا الوطن كمجرى الدم من القلب، لا نريد تكرار مقولة (منقو قل لا عاش من يفصلنا)، بل كنا نقول جميعاً (لا عاش من يفصلنا) وكنا نحلم بوطن يتساوى فيه الجميع، فكل الأطراف الأن كما ترين دفعت الثمن سواءً أكان في جمهورية جنوب السودان أو في السودان، وأعتقد أن الواقع والمنطق السليم يحتم التعاون فيما بين الدولتين، وأفتكر أن الخطوات اتخذت طريقها الصحيح في هذا الاتجاه من خلال مساعي الخرطوم لتحقيق السلام في جوبا ومساعي الرئيس سلفا كير، الآن لرد التحية بأحسن منها والمساهمة في رأب الصدع في السودان.
الشارع الجنوبي منقسم في موقفه إزاء قضية الماظ، فهناك من يرى أن إبراهيم الماظ، غير مقتنع به أصلاً والدليل رفضه أو عدم حماسه للذهاب إلى جوبا ؟
أكرر لم أرفض الذهاب إلى جوبا، وشعب جنوب السودان يشرفني وأنا جزء منه، ولكن كما أوضحت -سابقاً- كانت لديَّ ارتباطات أسرية تتمثل في أني ظللت غائباً عن أسرتي وبيتي لأكثر من سبعة أعوام، أردت أن أرى أين تنام أسرتي و ماذا تأكل، وطلبت منحي بعض الوقت لتحقيق ذلك إلى أن أخذت القضية منحاً آخر من الإطالة، حدث ذلك لإيماني أن ذلك لم يكن بالعزيز علينا ونحن الذين دفعنا أباً عن جد الكثير من أجل هذا البلد.
ولكن هناك واقعاً آخر يفرض نفسه يا إبراهيم، فالسودان الواحد لم يعد كذلك؟
أنا أعي ذلك جيِّداً وحديثي لم يخرج عن ذلك الإطار ولم أغض الطرف عن هذا الواقع.
كيف تنظر إلى الواقع السياسي الراهن في جمهورية جنوب السودان لاسيما ما تم التوصل إليه من اتفاق بين الأطراف المتنازعة مؤخراً؟
أثمِّن ذلك ونؤكد لكل الناس أن السلام هو الأساس وما كان ينبغي أن يموت الناس أصلاً وأن يتم كل ذلك الدمار الذي حدث، لا يوجد مبرر لكل ما تم في جنوب السودان .
رسالتك لشعب جمهورية جنوب السودان؟
كفارة للذي حدث في الجنوب من تقتيل و تشريد، لم نكن نريد للبلاد أن تنفصل فلا شمال بدون جنوب والعكس، وكان مطلب أهل الجنوب المساواة في الحقوق على أساس المواطنة، والكل دفع الثمن في الشمال والجنوب، لكم جزيل شكري نعم كنت مسجوناً وبعيداً عنكم ولكن سؤالكم و مناشداتكم من أجل إطلاق سراحي كانت تعبر كل المسافات لتصلني .
هل يتوقع أن يكون إبراهيم الماظ من المساهمين في بناء بلاده قريباً؟
أكيد لا يوجد من يلفظ إبراهيم الماظ، فأنا ابن جنوب السودان، وأعتقد أنني جزء من جنوب السودان وحالما سمحت لي ظروفي الصحية سأكون هناك فكما تعلمون بأننا أبتلينا بأمراض نحمد الله عليها.
إبراهيم الماظ لم يصوِّت في استفتاء تقرير مصير شعب جنوب السودان وفقاً لنيفاشا فإذا أتيح لك ذلك حينها فأي الخيارين كنت ستختار الوحدة أم الانفصال ولماذا؟
كنت سأختار الوحدة لاعتقادي أن مشكلة السودان لم تتمحور يوماً حول الانفصال، بل كانت الغاية الأسمى بناء وطن يتساوى فيه الكل دون تفضيل وكنا سنتمسك بذلك الخيار بناءً على ما ذكرت دون أن تتزحزح قناعاتنا قيد أنملة، فهناك الكثير من المشتركات والجوامع بين الشمال و الجنوب بحكم التاريخ الذي يشهد. وكنت سأختار الوحدة لهذه الأسباب.
رسالتك للشعب السوداني؟
أحييهم نساءً ورجالاً وشباباً وشيباً بكافة مكوِّنه لوقوفهم إلى جنبي معنوياً ومادياً، وتأكيدهم بأن الماظ ليس شمالياً ولا جنوبياً وإنما هو ابن هذا الوطن الكبير.
خلال فترة اعتقالك ما هو أكثر شيء شكَّل صدمة بالنسبة لك؟
الأشياء الصادمة كثيرة، فعندما كنت أسمع عن أحوال البلد كنت أتأثر دعك عن الأسرة فهي جزء مني، لا أريد التحدث عن الصدمات الآن، فلنخرج كل ما بداخلنا ونتسامى فوقها من أجل التصافي، وأنا إبراهيم الماظ، تصافيت وسامحت الكل ولا أحمل في قلبي موجدة أو ضغينة تجاه أحد والله، وحتى أخي الرئيس عمر البشير سأذهب إلى مقابلته إلا أذا أبى .

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.