• العالم لا ينظر لما يجري في السودان من حرب وإقتتال، وفق رغبات ومنظور طرفي الصراع العسكري، أو الغرف الإعلامية والناشطين وأشباه الاعلاميين والصحفيين، من مروجي الحرب ومساندي طرفيها، انما يحتكم لجملة من حقائق الواقع، التي لم يبدلها إندلاع القتال ومنها على سبيل المثال؛
– إن ما يجري حاليا هو إنقسام داخل اطراف سلطة الأمر الواقع الانقلابية في السودان، التي يعتبر الطرفان أساسها وأكبر اطرافها.
– ليس هناك حكومة شرعية معترف بها للبلاد، وقد رفض العالم ممثلا في المؤسسات الدولية والاقليمية، الإعتراف بانقلاب ٢٥ اكتوبر، الذي خططت له ودبرته ونفذته قيادتي الجيش والدعم السريع وقادة الحركات المسلحة، وأعوانهم بالباطن من الكيزان، وكل ما ترتب عليه من إجراءات.
– تم رفض الإعتراف بكل القرارات الصادرة عن عبد الفتاح البرهان باعتباره رئيسا لمجلس السيادة، كما رفضت المؤسسات الدولية التعامل مع كل ما ترتب عليها، مثلما رفضت الإعتراف أو التعامل مع كل من تم تعيينهم، وقد فشلت كل محاولات إقناع الوسطاء بأن الوفد العسكري المفاوض يمثل حكومة السودان.
– تم تجميد عضوية السودان في الإتحاد الأفريقي، بسبب ذلك الإنقلاب وما زالت مجمدة حتى الأن، وبالتالي السودان حاليا يفتقد لأي سند اقليمي، وهو وضع خطير يعزز من امكانات التدخل الخارجي، وفرض الحلول السياسية والدبلوماسية.
– تم تجميد كل الإتفاقيات التي تم التوقيع والإتفاق عليها عبر الحكومتين الانتقاليتين بسبب ذلك الانقلاب، وتم فرض حظر اقتصادي دفعت البلاد ثمنه، بسبب نقض قائدي الجيشين لتعهداتهما الدستورية، وتنفيذهما لإنقلاب ٢٥ اكتوبر.
• ومن كل ما سبق يتضح أن القوى الدولية والأقليمية، تتعامل حاليا مع المفاوضين من قبل الطرفين، باعتبارهم يمثلون الجيوش ولا يمثلون دولة وشعب السودان.
• الى جانب ذلك يتعامل الوسطاء والعالم مع الجيش والدعم السريع كندين متساويين، ويرفضون إطلاق وصف مليشيا متمردة على تلك القوات لعدة أسباب أساسية منها؛
– أولا؛ الدعم السريع كمليشيا سعت الانقاذ لتقنينها، وتم ذلك باصدار قانون خاص لها، تم اعتماده ولم يتم الغاءه حتى بعد اندلاع الحرب، وبالتالي هو قوة عسكرية تم الإعتراف بشرعيتها قانونا من الدولة، واحتلت مواقع سيادية بناء على ذلك الإعتراف بعد سقوط نظام الانقاذ، وعلى عكس ما يشاع من اقاويل فإن ذلك قد تم بإصرار من رئيس المجلس العسكري الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الذي كان على وفاق وتحالف وقتها مع نائبه وقائد الدعم السريع، وتجمعهما مطامع مشتركة للهيمنة والاستيلاء على السلطة لاحقا، وقد قاما بذلك فعليا في الخامس والعشرين من اكتوبر، قبل أن يندق بينهما عطر منشم.
– ثانيا؛ لا سلطة فعلية للجيش على الدعم السريع حتى يوصف بالتمرد عليها، وقد أنهى تلك السلطة القائد العام للقوات المسلحة بنفسه، حينما قام كرئيس لمجلس السيادة بالغاء المادة (٥) من قانون الدعم السريع بكامل فقراتها، ومنها تلك التي تمنحه سلطة حل الدعم السريع في غير أوقات الحرب، وتحدد سلطة القوات المسلحة عليها.
– ثالثا؛ يتعامل العالم الأن مع الطرفين على قدم المساواة، ووفقا لرواية كل طرف لما حدث صبيحة ١٥ ابريل، حول من بدأ العدوان وبادر بشن الحرب.
• يتحمل القائد العام للقوات المسلحة ولا أحد سواه، المسئولية كاملة عن تعزيز وضعية الدعم السريع، فهو الذي مكنها بشكل كامل من أن تصير ماديا وبشريا وعسكريا واقتصاديا وهيكليا قوة موازية للجيش، وهذه مسألة مثبتة يعلمها كل ضباط القوات المسلحة سوأ كانوا في الخدمة أو خارجها، ولا تحتاج لكثير محاججة أو ملاججة مع المدلسين ومزيفي الحقائق من الكيزان، ومن يساندونهم في إفكهم وأكاذيبهم.
• لذلك التخليط المتعمد الذي يحاول أن يصور الأخرين بأنهم يحاولون أن يضعوا الدعم السريع في مكانة مشابهة للجيش أو يساوي بين الطرفين، هو كذب وتدليس ومحاولة لقلب حقائق الأشياء، فمن قام فعليا بذلك هو القائد العام للجيش، وقد تعامل قادة الجيش مع تلك الوضعية، وظلوا حتى صبيحة الحرب يأدون التحية العسكرية لقادة الدعم، حسب رتبة الخلاء التي وزعوها لهم تقيدا بضوابط المؤسسة العسكرية، وفيهم من رفض وكان مصيره الفصل والإبعاد من الخدمة.
• وأخيرا؛ حينما طالبنا القوى المدنية المختلفة بالتوحد، وطرح تصور متكامل لما بعد الحرب، فذلك لأن عملية وقف الحرب ترتبط بشكل لا فكاك منه، ببدء عملية سياسية تفضي لقيام حكم مدني في البلاد، فهذا هو المدخل الأساسي للقوى الأقليمية والدولية، للتعامل مجددا بشكل رسمي مع الدولة، وكمدخل لا يمكن من دونه ضمان مشاركة المؤسسات الدولية والاقليمية، في أي جهود للدعم الاقتصادي ومحاولات إعادة إعمار ما دمرته الحرب، والإسهام في الدعم المادي لعملية حفظ الأمن وبرامج دمج وتسريح القوات، تم طرح ذلك بوضوح في مبادرة جدة، وتم تضمينه في المرحلة الرابعة النهائية للعملية التفاوضية للمبادرة، وهذا هو الأساس الذي تنبني عليه مبادرة الإتحاد الافريقي، وقف الحرب وفق ترتيبات أمنية تعالج أسبابها، وتسليم السلطة لحكومة مدنية انتقالية.