أم سلمى الصادق: سَلِمت
أم سلمى الصادق: سَلِمت
بقلم: عبد الله علي إبراهيم
فشل تجربة ثورة الحكومة الانتقالية في التعليم اصلها في انه لا احد فكر فيها قبل وقوعها كما سترى من هذه الكلمة القديمة التي دعت لمثل ذلك التفكير
ناديت في عقر دار للاستنارة تقدمية، هي مركز الخاتم عدلان، ألا يكتفي معارضو الإنقاذ بالشماتة منها وهي ترتكب أخطاءها الكثيرة. وطلبت منهم اقتحام المناقشة العامة والرسمية عن التعليم التي سنحت بانعقاد مؤتمر التعليم العام في فبراير 2012؟ كحق سياسي. فبمثل هذا النقاش يحيطون بمحنة التعليم إحاطة ينشئون بها البديل في رؤيتهم لسودان ما بعد الإنقاذ.
فما أضر المشروع المعارض إلا أنه حالة “مطالعة ومفالعة”. فالمعارضة إما في الخلاء بالسلاح أو تفليع بالحجارة من خارج الحوش. ولا غرابة أنه لم يتوافر لها طوال عقدين من الإنقاذ رؤية بديلة تجتذب الأفئدة وتطمئن الشعب أنه لن يستبدل حاج أحمد بأحمد.
وضربت مثلاً لنقد التعليم من موقع معارض مستنير بمقال لجعفر خضر نشر في مجلة “كرامة”. وفيه انتقد الإنقاذ فيما تظنه مجال إحسانها. فقد رأى أنها لا تحسن حتى تدريس سيرة أفضل البشر وصحابته. وأسعدني أن قرأت أخيراً مقالاً في الفكر المعارض للأستاذة أم سلمى الصادق عنوانه “تعليم أم تنكيس وتنغيص”. وهو راحة للعقل. جاءت إلى تحبيره بعد اطلاع. وهذا ما تحلل منه الكتبة المعارضون. فبوظان “شغل الإنقاذ” عندهم مكتوب على أوراق الشجر. ما يحتجش. فقد قرأت أم سلمى قبل الكتابة كتاباً للدكتور محمد العوض جلال الدين. واستعانت بورقة لأحمد النجار. ورجعت إلى مداولات ندوة عن تعليم الطفل نقلت لنا منها قصة حزينة عن انتحار طفل بقرية ضرب نار بولاية النيل الأبيض بسبب الرسوم المدرسية.
ونظرت أم سلمى في كتب المنهج المدرسي كما فعل جعفر. وهو ما يتعفف منه عتاة معارضيّ الإنقاذ. فنقدت دمج المنهج للدارسات البيئية في علم الأحياء كما ورد في كتاب علم الأحياء للصف الثالث الثانوي للعام الدراسي 2010. وهذا الدمج عند أم سلمى بدعة. فالبيئة مكانها درس الجغرافيا إن لم تدرس مستقلة. وسخرت من تخصيص درس لاستخراج النفط بواسطة الإنقاذ مما يقع في باب البروبقندا الماكرة.
وبنت نقدها لحال التعليم على عمد من إحصاء وثيق. فعرضت على القارئ تدهور الصرف على التعليم مع تفاقم الصرف على الأمن. فقد رصدت الدولة للتعليم 25% من الميزانية في 1996 تدنى إلى 14% (1998) وصار 4 فاصل 7 % (2003). وكل عام ترذلون. أما الأمن فأرتفع من 42% (1996) إلى 61% (1998) حتى بلغ 76% (2003). وكل عام وهم في شأن. ولهذا قالت جهة أفريقية ما إن السودان في مؤخرة الدول الأفريقية في الصرف على التعليم حيث ينفق عليه صفر فاصل 3 من دخله القومي.
لم ينفرط عقد جأش أم سلمى وهي توثق لهذه المعارف الكئيبة عن التعليم. فهي علمت عن كثب أن الإنقاذ صارت “ملوية” لن تفلح في “فككان” نفسها بنفسها. فجاءت بقول سامية محمد أحمد، وزيرة الرعاية والتنمية الاجتماعية: “إن موضوع التعليم يحتاج إلى وقفة ومراجعة”. وحدا هذا بأم سلمى للقول “ومع سواد الصورة وقتامتها التي ترسمها الحقائق والأرقام لكننا نراها من ضمن ما يمكن إصلاحه متى توفرت الإرادة السياسية”. وهذا مطلب من الحكومة. ومن المعارضة أيضاً متى نقدت باستنارة لا شفقة بحكومة لم تشفق على نفسها بل بشعبها الذي ينتحر صغاره لبؤس التعليم. ولتعلم أنها معارضة بلا بديل جاذب للناس الذين يرونها تنتظر سقوط الإنقاذ ذات ربيع عربي ثم تفكر في الحكم، أو تخرج علينا بأثقال “الزمن الجميل”.