آخر الأخبار
The news is by your side.

كوليت هوبير وليوبولد سنغور .. العطاء والوفاء  … بقلم: سعد محمد عبدالله

كوليت هوبير وليوبولد سنغور .. العطاء والوفاء  … بقلم: سعد محمد عبدالله

توفيت مساء الأثنين المنصرم السيدة كوليت أرملة الشاعر الإنساني الفذ والرئيس السنغالي الأسبق ليوبولد سيدار سنغور في مدينة فيرسون الفرنسية عن عمر ناهز (94) عامًا، وبرحيلها نكون قد فقدنا جدة عظيمة جسدت أجمل قيم التواصل الإنساني وكانت أخر لوحة جميلة من ذكريات القائد والأديب الافريقي سنغور الذي قضى حياته مع شريكته كوليت مدافعا عن حقوق وحريات الإنسان، وقد عاش سنغور منشغلا بالشعر وبنشر ثقافة السلام والتسامح والعيش المشترك وترسيخ قواعد الديمقراطية في بلاد السنغال وافريقيا قاطبة.

ولدت السيدة كوليت سنغور في العام 1925م وإقترنت “زواجا” بالأديب السنغالي ليوبولد سيدار سنغور في العام 1957م، ويعتبر سيدار سنغور شاعر مبدع وفيلسوف ملهم ساهم في تجديد وتطوير حركة التنوير والأدب الحديث، فقد رفد المكتبات السنغالية بروائع فكره الراقي والخلاق، ومن بين ما كتبه الراحل سنغور “اغنيات الظل وقرابين سوداء وإثيوبيات ومرثيات كبرى” وكان أول رئيس لدولة السنغال بعد إستقلالها من الإستعمار الفرنسي، وإستمر حكمه من العام 1960م إلي العام 1980م حيث تنازل طوعا عن الحكم، وغادر بعد ذلك للعيش في دولة فرنسا مع رفيقة دربه السيدة الراحلة كوليت هوبير سنغور.

عاشت السيدة كوليت مع زوجها الرئيس والشاعر ليوبولد سنغور في مدينة فيرسون الفرنسية، وبقيا معا حتى غادر سنغور الحياة في العام 2001م تاركا ذكرياته الخالدة في أرض افريقيا الحبيبة، فتم نقل جثمانه ليدفن في مدينة دكار السنغالية وسط حشد من الجماهير ولفيف من الأدباء والساسة الذين ودعوه بأحر الدموع.

إن حياة كوليت وليوبولد تمثل تجربة إنسانية زاخرة بالعطاء والوفاء لحبهم الدري الرائع والكفاح من أجل الحرية والمساواة والحلم بنهضة شعوب القارة الافريقية، فكانا نجمان مضيئان في فضاء الشعر والسياسة ومناهضة خطاب الكراهية والعنصرية اللونية والدينية في السنغال وفرنسا، وهما كنهران طيبان إلتقيا وإقترنا في قلب الكون الفسيح، فصارا روحان متناغمان في حياة ممتدة ومليئة بأحداث مثيرة من فيض الشعر والموسيقى وصخب العالم في شطرنج السياسة، فحين يحاصر الملك والوزير وتحتاج اللعبة لجندي فدائي كان الشاعر الفيلسوف سيدار سنغور يقوم بدور ذاك الجندي الشجاع متسلحا بدعم زوجته كوليت، وهنا يتجلى “السر” الذي جعل من سنغور رئيسا حكيما ذا مكانة إقليمية وعالمية وشاعرا متعلقا أحبه الأدباء والقراء.

العزاء للشعب السنغالي والفرنسي وجميع الناس الذين عاصروا حياة ليوبولد وكوليت، فالحزن لنا جميعا، ورحيل هذان الجميلان فقد عظيم لا يعوض بثمن، وستبقى سيرهم نبراسا منيرا في سجلات التاريخ الإنساني والسياسي السنغالي والفرنسي والعالمي، وسنتذكر ذلك لنسير علي دربهم لبناء أوسع وأنجح حركة عابرة لكل الحدود للدفاع عن الحقوق السياسية والمدنية ونبذ كافة مفاهيم العنصرة العرقية والدينية والدعوة لإتحاد بلدان القارة الافريقية كما علمنا الأباء العظماء، وسنضع زهرتان فاحتان علي مرقد سنغور وكوليت، لنقول لهما السلام علي أرواحكم النبيلة في عالم الخلود، والسلام عليكما في الغدو والآصال وعند إنبلاج ضوء النجيمات من عمق السماء وإبتسام ثقر الأرض للفقراء والكادحيين، فطوبا لكما في كل وقت وحين.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.