آخر الأخبار
The news is by your side.

تجربة الحزب الشيوعي في الحركة النقابية … بقلم : تاج السر عثمان

تجربة الحزب الشيوعي في الحركة النقابية … بقلم : تاج السر عثمان

تقديم
نتابع في هذه الدراسة تجربة الحزب الشيوعي السوداني في الحركة النقابية من خلال توضيح وتحليل مساهمتة في بناء الحركة النقابية ، ومواقفه في هذا المجال، وبهدف تعريف النقابيين الجدد بمناهج الحزب في الحركة النقابية، وتقاليده التي رسخها في تأكيد ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية، باعتبار أن النقابة جبهة واسعة تضم العاملين غض النظر عن مشاربهم السياسية أوالفكرية أوالدينية لتحقيق مطالبهم و مصالحهم في رفع الأجور وتركيز الأسعار وتحسين أوضاعهم المعيشية والمهنية والثقافية ، بهدف البناء عليها وتطويرها، وباعتبار أن النقابات يتجلي فيها الصراع الطبقي بين العاملين والمخدمين ، العاملون يناضلون من اجل رفع الأجور وتحسين حياتهم المعيشية والاجتماعية والثقافية، والمخدمون يهدفون لتحقيق أقصى الأرباح من فائض القيمة أو العمل غير المدفوع الأجر،باعتبار أن قوة العمل أصبحت في المجتمع الراسمالي سلعة تباع وتشتري ، وأن النقابات مدرسة للصراع الطبقي يمكن أن يرتقي فيها النضال الاقتصادي أو تحسين شروط العمل إلي الوعي السياسي الذي ينمو من خلال النضال اليومي ، ويتوجه لتغيير المجتمع الرأسمالي إلي اشتراكي يزول فيه الاستغلال ، وتتوفر فيه العدالة واحتياجات الانسان الأساسية والحرية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
كما تأتي أهمية هذه الدراسة بعد ثورة ديسمبر 2018 ، في ظروف اشتداد حدة المعارك التي يخوضها العاملون والموظفون والمهنيون من أجل انتزاع نقاباتهم ، وانتزاع قانون ديمقراطي للنقابات يؤكد استقلالية وديمقراطية الحركة النقابية ،ويواصل تقاليدها الراسخة في الدفاع عن قضايا العاملين ، والمساهمة في الشأن السياسي العام الذي كان للحركة النقابية باع طويل فيه منذ معارك الاستقلال ، ومقاومة الأنظمة الديكتاتورية التي صادرت الحريات السياسية والنقابية ودور العاملين والنقابيين في ثورة أكتوبر 1964 ، وانتفاضة أبريل 1985 ، وثورة ديسمبر 2018 .
كما تواصل الحركة النقابية نضالها و تستمد شرعيتها من قواعدها وجماهيرها ، وتعمل الآن علي سحب الثقة من نقابات النظام البائد الفاسدة ، وعقد الجمعيات العمومية ، وانتخاب اللجان التمهيدية التي تعبر عن قضايا جماهيرها، والغاء قانون نقابة المنشأة واستبداله بنقابة الفئة.
أولا : اهم معالم تاريخ الحزب الشيوعي.
* تأسس عام 1946 ، تحت اسم ” الحركة السودانية للتحرر الوطني، منذ تأسيسه ارتبط بنضال الحركة الوطنية ضد الاستعمار ، واهتدى بالمنهج الماركسي لفهم ظاهرة الاستعمار باعتباره الشكل المباشر لنهب ثروات شعوب المستعمرات والابقاء عليها في حالة تخلف ، ومستوردة لمنتجاته وسلعه الرأسمالية ، وتصدير المواد الخام ، في تبادل غير متكافئ يعيد إنتاج الفقر والتخلف باستمرار ، ومعرفة ظروف وخصائص السودان.
* طرح الجلاء وحق تقرير المصير للشعب السوداني ، والكفاح المشترك بين الشعبين المصري والسوداني ضد الاستعمار ، جاء ذلك في مواجهة شعاري الأحزاب الاتحادية ” وحدة وادي النيل تحت التاج المصري”، والسودان للسودانيين تحت التاج البريطاني الذي كان يطرحه حزب الأمة.
كان شعار الجلاء وتقرير المصير هو الذي التفت حوله الحركة الوطنية ، في الجبهة الاستقلالية ، حتى جاء إعلان الاستقلال عام 1956 بعيدا عن الأحلاف العسكرية.
* قاوم الجمعية التشريعية عام 1948 التي اقترحتها الإدارة الاستعمارية لامتصاص النهوض الواسع للحركة الوطنية المطالب بالجلاء وتقرير المصير للشعب السوداني ، ولا طالة أمد الحكم الاستعماري، رفض الحزب الشيوعي دخولها مع الأحزاب الاتحادية ، ودخلها حزب الأمة وبعض الادارات الأهلية.الخ، كانت معركة مقاومة الجمعية التشريعية كبيرة في كل أنحاء السودان ، واستشهد فيها قرشي الطيب عضو الحزب الشيوعي في عطبرة مع زملائه من شهداء الجمعية التشريعية” فؤاد سيدأحمد ، عبد الوهاب حسن مالك،. الخ”، إضافة للجرحي والمعتقلين في المظاهرات الضخمة ضدها التي نظمتها الحركة الوطنية.
* أصدر الحزب صحافته ومنشوراته وبياناته وكتبه المستقلة وأصدر الصحف الجماهيرية ” اللواء الأحمر – الميدان – الضياء بعد مؤامرة حل الحزب الشيوعي 1965 -مجلة الفجر الجديد ” ، وصحافته الداخلية للأعضاء ” مجلة الشيوعي – الوعي – المنظم..الخ”.
* ساهم في بناء الحركة النقابية العمالية واتحادات الطلاب والمعلمين ، والمزارعين ، والتنظيمات الديمقراطية ” شباب – جبهة ديمقراطية وسط الطلاب- النساء – منظمات السلام والتضامن – الخ، وساهم في بناء الحركة التعاونية.
* خاض صراعات فكرية داخلية من أجل استقلاله السياسي والتنظيمي والفكري في الأعوام 1947 – 1952 – 1964 – 1970 – 1994 ، ورفض وهزم اطروحات التيارات اليمنية التصفوية ، واليسارية المتطرفة كما في انقسام القيادة الثورية 1964.
* بعد الاستقلال تمسك الحزب بشعار ” لا تحرير بلا تعمير “، في مواجهة شعار الاتحاديين ” تحرير لا تعمير ، وطرح ضرورة استكمال الاستقلال السياسي بالاستقلال الافتصادي والثقافي ، أي بانجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية.
* عقد الحزب المؤتمرات الآتية ” المؤتمر التداولي 1949 – المؤتمر الأول أكتوبر 1950 – المؤتمر الثاني أكتوبر 1951 – الثالث فبراير 1956 – الرابع أكتوبر 1967 – المؤتمر التداولي أغسطس 1970 – الخامس يناير 2009 – السادس يوليو 2016 . وأصدر وثائق تلك المؤتمرات من تقارير سياسية ،والتعديلات في برنامج ودستور الحزب لمواكبة المستجدات.
* دعا للحل السياسي السلمي الديمقراطي عشية الاستقلال بعد انفجار مشكلة الجنوب ، وقدم شعار الحكم الذاتي الاقليمي في إطار السودان الموحد.
* دعا لمقاومة التدخل الأمريكي في السودان وربطه بالأحلاف العسكرية ورفض المعونة الأمريكية المشروطة.
* استنكر مجزرة عنبر شهداء المزارعين في جودة عام 1956 ، ودعا لمحاسبة المتورطين فيها باعتبارها أكبر جريمة ضد الانسانية بعد الاستقلال.
* قاوم انقلاب الفريق عبود العسكري في 17 نوفمبر ، وطالب بعودة الديمقراطية في بيانه الشهير في 18 نوفمبر 1958 ، وطرح شعار الاضراب السياسي العام والعصيان المدني لاسقاطه في أغسطس 1961 ، وساهم بنشاط في ثورة أكتوبر واستشهد أحمد القرشي عضو رابطة الطلبة الشيوعيين.
* بعد ثورة أكتوبر كانت فاطمة أحمد إبراهيم عضو الحزب الشيوعي أول أمراة تفوز في البرلمان في أفريقيا والمنطقة العربية، واتسعت مطالب الحزب الشيوعي بمساواة المرأة بالرجل في الأجر المتساوي للعمل المتساوى، وحقها في ارتياد المجالات المهنية والاجتماعية والرياضية . الخ المختلفة، وتعديل وتطوير قوانين الأحوال الشخصية بما يزيل الاضطهاد الواقع علي المرأة.
* ساهم في بناء اتحادات المزارعين في مناطق: الجزيرة والنيل الأزرق والنيل الأبيض والشمالية والقاش وطوكر وجبال النوبا وغرب السودان، والتوجه لبناء الحزب والحركة الديمقراطية في الريف والاصلاح الزراعي الديمقراطي فيه.
* قاوم مؤامرة حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان بعد ثورة أكتوبر وضيق القوى الرجعية بتشاطه في الوعي والاستنارة العامة، مما أدي لخرق الدستور واستقالة رئيس القضاء ، وكان من نتائج رفض حكم المحكمة الدستورية ييطلان حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان باعتباره غير دستوري تقويض النظام الديمقراطي . كما قاوم محكمة الردة للأستاذ محمود محمد طه عام 1968 ، ومؤامرة الدستور الإسلامي المزيف الذي يفضي للجمهورية الرئاسية والدكتاتورية باسم الإسلام ، مما يؤدي لتعميق الحرب الأهلية وانفصال الجنوب، وكان من نتائج ذلك لانقلاب 25 مايو 1969.
* قاوم الحزب ورفض انقلاب 25 مايو حتى قبل قيامه ، ورفض مصادرة الحقوق والحريات الأساسية والقيود علي الأحزاب السياسية والنقابات كما في الأمر الجمهوري الأول الذي جعل عقوبة الاضراب الاعدام!!، وقاوم مخطط النظام لقيام نظام شمولي يقوم علي الحزب الواحد ” الاتحاد الاشتراكي”، وحكم الأمن والمخابرات، والتأميم ونهب ومصادرة الممتلكات باسم الاشتراكية، باعتبار أن التأميم يستوجب التعويض والمصادرة عقوبة يجب أن تتم امام محكمة، واصل نقده للنظام ومخططه مع الانقساميين لتصفية الحزب الشيوعي وتحويل كادره لموظفين في الدولة.
جاء المؤتمر التداولي في أغسطس 1970 ، الذي أكد استقلال الحزب ورفض تذويبه داخل السلطة ، وواصل المقاومة حتى قيام انقلاب 19 يوليو 1971 .
* بعد ذلك واصل الحزب التجميع والمقاومة سرا ، ورفض التكتيك الانقلابي للوصول للسلطة ، وطرح النضال الجماهيري لاسقاط النظام ، والاضراب السياسي العام والعصيان المدني في دورة اللجنة المركزية يناير 1974 لاسقاط النظام.، وواصل المقاومة مع الجماهير حتي قيام انتفاضة أبريل 1985 .
* بعد الانتفاضة واصل الحزب نضاله من أجل استكمال مهام الانتفاضة بالغاء قوانين سبتمبر1983، وكل القوانين المقيدة للحريات ، وقانون نقابات ديمقراطي حتى تم انجاز قانون 1987 ، والحل الديمقراطي السلمي لمشكلة الجنوب وعقد المؤتمر الدستوري، وفضح مخطط الجبهة الإسلامية بقيادة الترابي لقيام انقلاب عسكري، الذي تهاونت حكومة الصادق المهدي في مواجهته حتى وقع 30 يونيو 1989.
* بعد الانقلاب واصل الحزب نضاله من أجل قيام اوسع تحالف لاسقاط النظام ، وواصل مع الحركة الجماهيرية نضاله لأكثر من 30 عاما ، وطرح شعار الانتفاضة الشعبية والاضراب السياسي العام والعصيان المدني لاسقاط النظام وتفكيكه وقيام البديل الديمقراطي، حتى نجح في قيام اوسع تحالف لقوى “الحرية والتغيير” ، وتم اسقاط رأس النظام ، وقاوم انقلاب اللجنة الأمنية للنظام البائد العسكري لقطع الطريق أمام وصول الثورة لأهدافها، وما زال يواصل المقاومة حتى تحقيق أهداف الثورة بعد التوقيع علي الوثيقة الدستورية التي كرّس هيمنة المكون العسكري ،ورفض الحزب التوقيع عليها، والمشاركة في مستويات السلطة الثلاثة” السيادي ، الوزراي، التشريعي”..
ثانيا : دور الحزب في بناء الحركة النقابية:
1 – فترة الحكم الاستعماري ( 1946 – 1956 ).
انطلاقا من الخلفية أعلاه ، نسلط الضوء علي تجربة الحزب في بناء الحركة النقابية:
* كان من نتائج الصراع الداخلي في الحزب عام 1947 استقلال الحزب ، وبناء فرع للحزب في عطبرة، والتوجه لتكوين نقابة عمال السكة الحديد التي بدأت ارهاصات تكوينها بقيام نادي العمال وقبله نادي خريجي المدارس الصناعية ،وبنهوض العمال وتكوين ” هيئة شؤون العمال”، واضرابهم من أجل انتزاع النقابة، وتكوين النقابات في الخرطوم بحري ” الوابورات والمخازن والمهمات والنقل الميكانيكي.الخ.
اصدر الحزب منشورات تدعم اضراب عمال السكة الحديد ، وضد الجمعية التشريعية ، ودعم اضراب سائقي التاكسي ، وضد المشروعات الاستعمارية التي تكبل حرية السودانيين.
كانت مساهمة الحزب في بناء الحركة النقابية سياسية وفكرية وتنظيمية،كما يتضح من الآتي:
– ساهم في تأسيس هيئة شؤون العمال ” في عطبرة.
– عارض صيغة ” لجان العمل” التي تفتت وحدة العمال وتفرغ نضالهم ومطالبهم من محتواه، والتي اقترحتها الإدارة البريطانية، وقدم البديل ” النقابة”.
– ساهم الشهيد عبد الخالق محجوب في تقديم المساعدات الفكرية والتنظيمية ، وبناء الحركة النقابية ، و ترسيخ استقلال الحزب، من خلال وجوده وسط العمال في صيف 1947 ، وكان وقتها في اجازة حيث كان يدرس في مصر.
– كتب قاسم أمين القيادي النقابي الشيوعي ومن المؤسسين لهيئة شؤون العمال مذكرة اقترح فيها صيغة “النقابة “، بديلا ل ” لجان العمل”.
– دعم الحزب اضرابات “هيئة شؤون العمال” حتى تمّ انتزاع قانون” نقابات العمل والعمال لسنة 1948 ” الذي اعترف بتكوين النقابات ،وكان الحد الأدني لتكوين النقابة 10 أشخاص.
– اسهم في ترسيخ ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية ، بالاصرار علي اشراك قواعد النقابات والجمعيات العمومية في اتخاذ القرار ، وتكوين النقابات من القواعد الي القمة.
– ساهم في تأسيس “مؤتمر العمال” الذي عقد في فبراير 1948 في عطبرة ، ودعم الحزب في منشوراته وبياناته مطالب ” مؤتمر العمال ” ، واضراب ال 33 يوما حتى نجح في تحقيق المطالب.
– اسهم الحزب في ربط مطالب الحركة النقابية بالقضايا السياسية والوطنية العامة.
– نجح اضراب ال 33 يوما في تحقيق زيادة في الأجور بنسبة ( 20 – 30 %) ، وتحقيق مشروع القاضي واطسون قاضي المحكمة العليا في تصنيف درجات العاملين في سبعة درجات، أُضيف لها درجة ثامنة خاصة بالسكة الحديد وهي وظيفة ” كمندة”.
– انتقد الحزب مع القادة النقابيين قانون 1948 الذي لم ينص علي حق الاضراب ، وتعيين الحاكم العام لمسجل النقابات، وطالب بأن يكون مسجل النقابات من الهيئة القضائية، إضافة الي أنه لم يعترف باتحاد العمال.
– ساهم الحزب في عقد المؤتمر الثاني للعمال بالخرطوم في 6 مارس 1949 ، والذي استمر 3 أيام وخرج بالآتي : رفض قانون 1948 ، والاضراب ، ولم تستجب الحكومة للمطالب ، ونفذ العمال الاضراب في 15 مارس 1949 ، وشارك فيه 150 الف عامل ، رغم الاعتقالات والفصل من الخدمة.
– في 21 مارس 1949 اعترفت الحكومة ب ” مؤتمر العمال” وتقرر التفاوض مع الحكومة ، وتمّ تعديل المادة ( 7: ش) ، وكان التعديل يقضى بأن يكون مسجل النقابات من قضاة الدرجة الأولي ، تعينه الهيئة القضائية ، وبعد ذلك تمّ تسجبل النقابات، وكانت نقابة الأطباء أول نقابة يتم تسجيلها.
– من ايجابيات قانون 1948 أنه أعطى كل عشرة من العاملين تكوين نقابة، من المفارقات أن الحكومات ما بعد الاستقلال تراجعت عن ذلك !!!، مما يخدم أصحاب العمل من الرأسماليين، ويقيد حق العاملين في التنظيم النقابي والدفاع عن حقوقهم.
– كانت تجربة الحركة النقابية عميقة في انتزاع ديمقراطية واستقلالية وحرية العمل النقابي، وحق الاضراب ،وكانت سابقة للمواثيق الدولية حول العمل النقابي التي جاءت لتعزز تجربة الحركة النقابية السودانية مثل: الاتفاقية رقم (87) لسنة 1948 ، والاتفاق رقم (98) لسنة 1949 ، والاتفاقية العربية رقم (8) لعام 1977 بشأن الحريات النقابية، والاتفاقية الدولية بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي أجازتها الأمم المتحدة في ديسمبر 1966 ، أكدت هذه الوثائق علي الحريات النقابية وعدم تدخل الدولة فيها وحق التنظيم والحماية وتكوين النقابات والاتحادات ، والمفاوضات الجماعية، والحريات والحقوق النقابية ،وحق الاضراب.الخ.
الحزب واستقلال الحركة النقابية:
نتيجة لتراكم تجربة الحزب في العمل النقابي ، جاءت دورة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في يناير 1954 لتحدد مفهوم النقابة كالأتي:
* النقابة جبهة واسعة تدافع عن مصالح العاملين غض النظر عن منطلقاتهم الفكرية أو السياسية أو الدينية.
* ليست منبرا حزبيا لحزبنا أو لأي حزب آخر .
* تتخذ قراراتها بأغلبية عضويتها.
* ضرورة اقتناع أغلبية العاملين بقرار النقابة ، وهذا دور فرع الحزب والتنظيم الديمقراطي في مجال العمل السياسي والتنظيمي والفكري.
* ممارسة الديمقراطية داخل النقابة باصدار النشرات وعقد الجمعيات العمومية والليالي العمالية والمؤتمرات ومجالس الإدارات .
* الانتهازيون يخشون ممارسة العمال للديمقراطية النقابية في النقابة ، وهي سلاح يهزم الانتهازيين.
– كما دعم الحزب اضراب أبريل 1952 من أجل الحريات السياسية والنقابية ، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات مثل : قانون” النشاط الهدام”.
– دعم الحزب مع مؤتمر العمال واتحاد العمال فيما بعد استقلال الحركة النقابية، وطرح ضرورة ابعاد كل السلطة التنفيذية، وضمان عدم تدخلها في شؤون النقابات.
المطالب التي ساهم الحزب في تقديمها:
* زيادة الأجور بنسبة 5 %.
* تخفيض ساعات العمل الي 42 ساعة في الاسبوع بدلا من 48 ساعة.
* تعديل فئات الاجازات.
* لا جدوى من الزيادات في المرتبات دون تركيز الأسعار للسلع الضرورية.
* نجحت المفاوضات في اقرار نظام علاوة المعيشة التي يُعاد النظر فيها كل 3 شهور للمحافظة علي مستويات الأجور.
ملحوظة :من المفارقات أول حكومة وطنية بعد الاستقلال الغت علاوة المعيشة !! ( نظام مايو دمج علاوة المعيشة في الأجر الأساسي”.
– ساهم الحزب في تأسيس اتحاد العمال ، وكانت أول لجنة تنفيذية بها من الشيوعيين : الشفيع أحمد الشيخ، محمد السيد سلام ، عبد اللطيف محمد بشير ” كمرات”، ومن القوى الديمقراطية فضل عبد الوهاب ” والد الشهيد دكتور علي فضل” ، وحمزة الجاك . الخ.
– تمّ عقد المؤتمر التأسيسي لاتحاد العمال في 18 نوفمبر 1950 ، بمقر المؤتمر العمالي بالخرطوم، وجاء في دستوره:
* رفع المستوى الصحي.
* رفع مستوى الأجور، والضمانات.
* عدم تشغيل الصغار الا في الحدود التي لا تضر بصحتهم.
* محو الأمية بين الكبار من العمال .
* الاجازات الدورية والمرضية.
* الصلة بالمنظمات النقابية في الخارج.
* قيام المؤسسات التعاونية.
* تسجيل النقابات قانونيا والحاقها بالاتحاد.
* التعاون بين الهيئات التي تتقارب أهدافها مع أهداف الاتحاد.
– دعم الحزب مع اتحاد العمال اضراب البوليس من أجل تحسين أوضاعه المعيشية والمهنية عام 1951م.
– ساهمت اتحادات العمال والنقابات والطلاب والمزارعين والشباب والنساء والمعلمين في معركة الاستقلال ، وفي تأسيس الجبهة المتحدة لاستقلال السودان ، حتى نال السودان استقلاله عام 1956 .
لقد شكلت فترة الاستعمار الملامح الثورية التي قامت علي وحدة وديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية السودانية ، حيث تمسك الحزب الشيوعي مع العمال بمطلب النقابة كبديل لصيغة ” لجان العمل” التي تفتت وحدة العمال ،وتأكيد استقلالية الحزب الشيوعي واستقلالية النقابة عن الدولة والأحزاب.
– رفض الحزب مع النقابيين فصل الفنيين عن العمال ، باعتبار أن الفنيين جزء من الطبقة العاملة، وكانت نقابة عمال السكة الحديد تضم العمال و الفنيين” خريجي المدارس الصناعية”.
– قاوم الحزب مع اتحاد العمال رفض اعتراف الإدارة البريطانية باتحاد العمال في قانون 1948.
2 – فترة الديمقراطية الأولي ( 1956 – 1958 ).
واصل الحزب في دعم مطالب العاملين ، ومطالب اتحاد العمال التي تتلخص في الآتي:
* تحديد ساعات العمل ب 8 ساعات.
* تحديد حد أدني للأجور.
* الأجر المتساوى للعمل المتساوى بين أقاليم البلاد ن وبين النساء والرجال.
* تشغيل العاطلين.
* الاعتراف باتحاد العمال.
* وقف الفصل التعسفي وبدون الانذار.
* إعادة النظر في سلطات المسجل الممنوحة في قانون العمل والعمال خاصة فيما يتعلق بتسجيل النقابة ، وعلي أن يكون المسجل من الهيئة القضائية ” تمّ التراجع عن ذلك في فترة الديمقراطية الأولي !!!”.
* تنظيم العمال الزراعيين.
* إلغاء المادة الخاصة بالانذار خمسة عشر يوما قبل الاضراب.
– مع اتساع عمل النقابات كون الحزب الشيوعي مكتبا مركزيا للنقابات للمساعدة في الدراسات النقابية ” الأجور – السكن – القوانين – المطالب . الخ”.
– في هذه الفترة قاوم الحزب مخطط الحكومة لشق اتحاد العمال بخروج نقابة عمال السكة الحديد من الاتحاد. ورفض مقترح الحكومة بتقسيم اتحاد العمال الي اتحاد لعمال الحكومة والحرفيين والقطاع الخاص. وكان اضراب اتحاد العمال في 27 /4/ 1956 احتجاجا علي تدخل الحكومة في الاتحاد. وفشلت محاولة تكوين اتحاد للحكومة من 8 نقابات .
– ساعد تهديد الحكومة بتخفيض بدل علاوة المعيشة ابتداً من يناير 1957 في وحدة اتحاد العمال. وكان الاضراب العام الذي وجد استجابة واسعة من العمال بما في ذلك نقابة عمال السكة الحديد المنشقة.
– في مواجهة حركة عمالية صلبة موحدة سحبت الحكومة تهديدها.
– جاء اضراب الاتحاد العام في أكتوبر 1958 من أجل : رفع الأجور ،وارتفاع تكاليف المعيشة ، وتمّ تشكيل الجبهة الوطنية التي ضمت اتحاد العمال ،المزارعين، الاتحادات الطلابية ،الحزب الشيوعي ، الوطني الاتحادي، وعناصر أخرى.، تهدف إلي اسقاط حكومة عبد الله خليل ، وفي هذه اللحظة وقع انقلاب 17 نوفمبر1958 بقيادة الفريق ابراهيم عبود.
3 – فترة ديكتاتورية نظام عبود ( 1958 – 1964 ):
عارض الحزب الانقلاب العسكري ، وعارض قانون النقابات لعام 1960 ، حيث الغت الديكتاتورية قانون النقابات لسنة 1948 ، وصادرت حق العمل النقابي ، وحلت اتحاد عام نقابات العمال ، وقدمت قيادته مع بعض قادة الحزب الشيوعي لمحاكم عسكرية ، وزجت بهم في السجون.
قاوم الحزب قانون 1960 ، ولكنه رفض مقاطعة انتخابات النقابات علي اساس قانون 1960، وواصل النضال حتى اسقاط النظام والقانون، ورفض الحزب الاتجاهات اليسارية التي نادت ب”اتحادات سرية”.
بعد المقاومة القوية التي وجدها الانقلاب من العاملين والنقابيين ومنظمة العمل والمنظمات النقابية العالمية ، دعا النظام لمؤتمر النقابات عام 1963 من 44 نقابة ، وشارك النقابيون الشيوعيون والديمقراطيون في المؤتمر الذي تحول لمظاهرة ضد النظام ، وخرج المؤتمر بقرارات طالبت : بالغاء قانون 1960 ، ورفع حالة الطوارئ ، وزيادة الأجور. الخ.
ما هي سمات قانون 1960 ؟ :
• جعل التنظيم النقابي مقتصرا علي العمال فقط.، وحرم الموظفين والمهنيين من حق التنظيم ، وناصب العداء للحركة النقابية.
• تدخل مكتب العمل في النقابات الذي قاومه الحزب والنقابيون.
• رفع عدد المؤسسين للنقابة الي 50 عضوا بدلا عن 10 في قانون 1948 .
• أصبح للمسجل حق رفض تسجيل النقابة .
• رفض اتحاد العمال كما جاء في المادة 47/4 ” لا يحق لأي نقابة أن تتحد أو تنسق مع نقابة أخرى”.
• رفض الانضمام الي المنظمات العالمية.
-رفض الحزب والنقابيون المادة التي تنص علي الاعدام في قانون دفاع السودان الذي اصدره الحكم العسكري بسبب الاضراب.
– قاوم الحزب مع النقابيين حل النقابات والاتحاد واعتقال النقابيين وجريدة” الطليعة” التي كان يصدرها اتحاد العمال ، وساهمت قيادات الحزب في تحريرها والكتابة لها. ورفض وفضح بالدراسة قانون 1960 الهادف لاضعاف الحركة النقابية وشقها.
– دعم الحزب اضرابات ومقاومة العاملين للنظام.، وواصل مع العاملين والنقابيين مقاومة النظام حتى قامت ثورة أكتوبر 1964 .، ونجاح الاضراب السياسي العام والعصيان المدني.
– لعبت النقابات دورا كبيرا في نجاح الاضراب السياسي ، وكان دور مكتب النقابات المركزي للحزب الشيوعي واضحا في الدعوة للاضراب السياسي العام والعصيان المدني ، الذي طرحه الحزب منذ أغسطس 1961.
4- الفترة : 1964 – 1969 ” قانون 1966″.
– كان من منجزات ثورة اكتوبر 1964 إلغاء قانون 1960 ، وأُعيد العمل بقانون 1948 متضمنا تعديل المادة (30) التي أصبحت تعطى الحق لكل نقابتين أن تكون اتحادا، وتسجل اتحاد عمال السودان وفقا لهذه المادة.
– حاول التقابيون الانتهازيون والسلطة استغلال المادة (30) لتفتيت اتحاد العمال الا أنهم فشلوا.
– شارك الحزب مع النقابيين في إعداد قانون 1966 الذي اعترف باتحاد العمال.
– قاوم الحزب مع النقابيين محاولة شق اتحاد العمال من الإخوان المسلمين بقيادة عبد الرحمن قسم السيد في فبراير 1968 بتكوين “مؤتمر النقابيين الوطنيين “، ولكنهم فشلوا.
– كما واصل اتحاد العمال المعركة من أجل رفع الأجور وتحسين مستوى المعيشة ، كما في الاضراب العام 1968 ، الذي حدد اتحاد العمال المطالب في الآتي : – تحسين الأجور والمعيشة ،علاوة المعيشة ، ضد قانون المخدم والشخص المستخدم والذي جاء مؤمنا لمصالح أصحاب العمل ، الضمان الاجتماعي ، لجنة مراجعة القوانين ، علاوة الوزير ، السكن والمواصلات ، وقف التشريد ، وتوفير العمل للعاطلين. الخ.
– وكان المد الجماهيري في حالة تصاعد ، لكن جاء انقلاب انقلاب 25 مايو 1969 ليقطع التطور الطبيعي للحركة الجماهيرية نحو التغيير الديمقراطي.
5 – فترة انقلاب مايو : 1969 – 1985 :
– الغي انقلاب مايو 1969 قانون 1966 .
– صدر قانون العمل الموحد والذي الغاه النظام في مدى زمني قصير ، ولم يُعمل رسميا بهذا القانون .
– صدرت الأوامر الجمهورية التي نصت علي عقوبة الاعدام للاضراب!!.
– قاوم الحزب مصادرة الحريات ونظام الحزب الواحد ، وربط النقابات والاتحادات بالدولة ، أو تكون روافد للحزب الواحد الحاكم “الاتحاد الاشتراكي”.
– ظلت مطالب العمال كما حددها الكتيب الصادر من اتحاد العمال في سلسلة ” دراسات نقابية” بعنوان : الحركة النقابية بين الأمس واليوم ، 1970 في الآتي: تحسين شروط الخدمة، وظروف المعيشة، الوضع الردئ للقطاع الخاص ، قانون العمل الموحد ، التشريد بالفصل من العمل، الضمان الاجتماعي ، المواصلات ، الاسكان ، العلاج، حل مشكلة العطالة، التدريب المهني ، الثقافة العمالية، محو الأمية.الخ.
– قاوم قوانين النقابات المايوية التي كان جوهرها اللائحة التي يسيطر بها الجهاز التنفيذي علي النقابات مثل: قانون نقابة العمل لسنة 1971 ، ولائحة البنيان النقابي لسنة 1972 التي أعطت الحق للوزير الاشراف علي الانتخابات النقابية.
– تم تحديد الحد الأدني للنقابة 50 عضوا. وهو تعجيز ، وأعطت الوزير حق الاستثناء مما يشىء بفساد.
– عدلت سلطة مايو قانون العمل الموحد الي قانون نقابات العمل لسنة 1971 ، ثم إلي قانون نقابات العمل لسنة 1972 ، ثم أصدرت قانون النقابات لسنة 1977 ، الذي اعترف بتكوين اتحادات للموظفين والمهنيين.
ما هو جوهر قوانين نظام مايو النقابية؟
– جوهرها تدخل السلطة التنفيذية في النقابات ، فضلا عن تعارضها مع المواثيق النقابية الدولية التي أشرنا لها سابقا، واعطت المسجل صلاحيات التدخل في انتخابات النقابات وفقا لتقديره!!، وربط النشاط النقابي بمشروعية أمن الدولة!!، وقننت حق الدولة في التدخل في العمل النقابي ، ومصادرة العمل النقابي، وهذا كان مرفوضا من الحزب الشيوعي والنقابيين.
– واصل الحزب مع الحركة النقابية والجماهيرية المقاومة للنظام بمختلف الأشكال بما فيها الاضرابات التي شارك فيها العمال والمزارعون والمهنيون والموظفون والفنيون والقضاء ، إضافة لانتفاضات المدن، والمقاومة المسلحة في الجنوب، حتى تم تتويج ذلك التراكم النضالي بالانتفاضة الشعبية والاضراب السياسي العام والعصيان المدني ، وتصاعد الحركة الجماهيرية بعد استشهاد محمود محمد طه ، وتكوين التجمع النقابي الذي قاد مع الأحزاب الحراك الجماهيري ، حتى تمّ الاطاحة بالنظام في انتفاضة أبريل 1985.
– أخيرا رغم القمع والارهاب واعدام الشهيد الشفيع احمد الشيخ ، والقوانين المقيدة للحريات النقابية، ومحاولة ربط النقابات بالدولة في النظام الشمولي لحكم الحزب الواحد والأمن والمخابرات وجعل النقابات ” روافد للاتحاد الاشتراكي” ، الا أنها فشلت ، رغم تشريد واعتقال الالاف من العاملين والنقابيين، وتمت الاطاحة بالنظام وذهبت ريحه.
6 – فترة الديمقراطية الثالثة ” 1985 – 1989 “:
– قانون النقابات لسنة 1987 :
– بمبادرة من الشيوعيين والنقابيين ، تمّ طرح ضرورة إلغاء القوانين النقابية المايوية المقيدة للحريات ، وتصفية آثار مايو ، وتلكات حكومة الصادق المهدي في ذلك ، حتى انتزع النقابيون قانون النقابات لسنة 1987 ، وهذا القانون شارك فيه النقابيون ، وكان مقبولا، رغم التحفظات علي بعض سلبياته.
فما هي سمات القانون؟ .
• كفل القانون حق الاضراب ، وسمح للاتحادات أن تكون مجلسا عاما يجمعها، وتكون عام 1988 المجلس العام للنقابات .
• من عيوب القانون أنه جزأ اتحاد الموظفين الواحد إلي ثلاثة اتحادات منفصلة للموظفين والمهنيين والفنيين والمعلمين، بجانب الاتحاد العام لنقابات العمال.
• من سلبيات قانون 1987 ايضا سلطات المسجل الذي يتدخل في مراجعة اموال الاتحادات والنقابات، بدلا من الجمعية العمومية، وكذلك له الحق في إلغاء الانتخابات التي تجرى في أي اتحاد أو نقابة، هذا فضلا أن الحياد شرط أساسي في وظيفة المسجل ولذلك يجب أن يكون المسجل أحد اعضاء الهيئة القضائية، ويعين بقرار منها، لا من مجلس الوزراء..
– رفض الحزب والنقابيون طرح الامام الصادق المهدي حول ” العقد الاجتماعي” الذي كان جوهره شمولية تكوين النقابات وجعلها من روافد النظام ، وحظر الاضراب بحجة الظروف الاقتصادية والاجتماعية، علما بأن حكومة الصادق المهدي لم تكن محايدة في الصراع النقابي والطبقي.
– طالب مؤتمر اتحاد الموظفين والمهنيين المنعقد في سبتمبر 1987 بالغاء القوانين المقيدة للحريات النقابية ممثلة في قانون النقابات لسنة 1977 ، وقانون علاقات العمل الفردية لسنة 1981، وقانون العلاقات الصناعية لسنة 1976 ، وقانون ضوابط الخدمة المدنية لسنة 1983.
– بعد الاجراءات الاقتصادية التي قررتها حكومة الصادق المهدي بزيادة أسعار السكر والسلع الاستراتيجية، رفع المكتب التنفيذي لاتحاد الموظفين والمهنيين مذكرة بتاريخ 7 /1/ 1989 ، قدم فيها البديل لزيادة السكر والاجراءات الاقتصادية الذي يمكن تلخيصه في الآتي: وقف الحرب ، الاصلاح الضريبي، خفض مصروفات الجهاز السيادي والوزاري والتشريعي والحكم الاقليمي، الابقاء علي مجانية التعليم والعلاج، رفض التشريد والخصخصة ، إعادة تدريب العمالة، ،رفض رفع الدعم ، تقليص الايجارات ، اصلاح الجهاز الضريبي، الاصلاح المصرفي ، الاصلا ح الجمركي، استرداد المال المنهوب ، التحكم في التجارة الخارجية، رفع الإنتاجية ودور العاملين، ، تخفيض وتركيز الأسعار ودعم السكر والبترول، والأدوية والذرة ، تخفيض الايجارات في السكن، والمواصلات وتوفير الخدمات الاجتماعية، المحافظة علي أسعار السلع التموينية، ، إعادة علاوة المعيشة للمحافظة علي القوى الشرائية للأجور ومستوي معيشة العاملين . الخ.
– قاد المجلس العام اضرابا عاما ضد زيادة السكر أجبر الحكومة علي التراجع. وتم اسقاط حكومة الوفاق التي كانت تتكون من أحزاب الأمة بقيادة الصادق المهدي والاتحادي الديمقراطي بقيادة محمد عثمان الميرغني، والجبهة القومية الإسلامية بقيادة الترابي،، وتم تكوين حكومة الوحدة الوطنية الواسعة.
7 – فترة انقلاب الإسلامويين “يونيو 1989- أبريل 2019″.
بعد الاضراب العام ومحاصرة النظام بعد توقيع اتفاقية السلام مع الحركة الشعبية ( اتفاقية الميرغنى – قرنق) للحل السلمي لمشكلة الجنوب، قطع الإسلامويون أو الجبهة القومية الإسلامية بقيادة الترابي الطريق السلمي ، وقاموا بانقلاب 30 يونيو الذي صادر الحريات الديمقراطية والنقابية في انقلاب فاشي دموى لم تشهد البلاد له مثيلا.
– تمّ حل الأحزاب والنقابات وإلغاء قانون 1987 والبرلمان ، ومصادرة حرية العمل النقابي ، وتشريد واعتقال وتعذيب الآلاف من من النقابيين والعاملين ، وتم تعذيب النقابي د. علي فضل حتى الاستشهاد، كما صدر حكم بالاعدام علي الدكتور مامون محمد حسين، ود. سيد محمد عبدالله ، بعد اضراب الأطباء في نوفمبر 1989 ، مما وجد مقاومةً واستنكارا واسعا محليا وعالميا اجبر الحكومة علي التراجع.
– أصبح الاضراب عقوبته الاعدام في القانون الجنائي!!!في الأيام الأولي للانقلاب .
– صدر قانون النقابات لسنة 1992 ، واللائحة التفسيرية ، ولائحة تكوين النقابات العمال لسنة 1992 ، ولائحة تكوين الاتحادات المهنية لسنة 1992 .
– كانت تلك القوانين الأكثر ظلامية في تاريخ العمل النقابي، وانتهاكا لحق التنظيم النقابي ومصادرة استقلال وديمقراطية العمل النقابي ، وتمّ إلغاء النقابة الفئوية ، واستبدالها بنقابة المنشأة.
– تمّ تعريف العامل ” أي شخص يقوم بأي عمل لقاء أجر، سواء كان ذلك راتبا أو جعلا أو اي مقابل” لتأسيس نقابة واحدة في مواقع العمل تضم جميع العاملين .
– تمّ تعريف المنشأة ” تضم أي موقع أو مواقع عمل تضم مجموعة من العمال”، وكان الهدف اضعاف العمل النقابي وتشتيت شمله.
– في المادة (4) تمّ استثناء فئات القضاة والمستشارين القانونيين لديوان النائب العام وأعضاء السلك الديبلوماسي والضباط الإداريين من حق التنظيم النقابي.
– حدد القانون عدد أعضاء النقابة بأن لا يقل أعضاء النقابة عن ” 100″ عضوا ، والا يقل عدد الهيئة الفرعية عن 50 عضوا.
– تمّ ربط أهداف النقابات بالسلطة كما جاء في تحقيق أهداف المشروع الحضاري للجبهة الإسلامية.
وهو قانون يصادر حرية العمل النقابي ، ويربط النقابات بالدولة ، ويتعارض مع مبادئ منظمة العمل الدولية.
– قاوم الحزب والنقابيون والعاملون القانون حتى تمّ تعديله إلي قانون 2001 ، والذي لم يشترك في إعداده كل المنظمات النقابية ، واحتفظ القانون بنقابة المنشأة الذي وجد معارضة ومقاومة شديدة.
– استمرت المقاومة، وكانت الحصيلة قانون النقابات لسنة 2010 ، الذي كفل حق الاضراب والكلية الانتخابية، لكن القانون حد من حرية النشاط النقابي بارتكازه علي نقابة المنشأة ، ولائحة الوزير ، وبالسلطات الواسعة للمسجل.
– واصل الحزب مع النقابيين والعاملين النضال من أجل تحسين اوضاع العاملين وزيادة الحد الأدني للأجور وتركيز الأسعار ، ودعم الاضرابات الواسعة من اجل ذلك ، والمطالبة بإلغاء قانون نقابة المنشأة، وانتزاع قانون ديمقراطي للنقابات ونقابة الفئة، وديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية، وواصل النضال النقابي بمختلف الأشكال حتى من داخل نقابة المنشأة، تأسيس تجمع المهنيين ، قيام اوسع تحالف نقابي من أجل اسقاط عناصر المؤتمر الوطني والانتهازيين من النقابات.
– طرح الحزب قيام اوسع تحالف لاسقاط النظام وقيام البديل الديمقراطي، وثبت الحزب علي هذا الموقف مع “قوى الاجماع ” ورفض حوار ” الوثبة” الذي يطيل أمد النظام ، وانتخابات 2020 ، و”الهبوط الناعم “الذي يعيد إنتاج النظام السابق مع تغييرات شكلية، حتى انفجرت ثورة ديمسبر 2018 ، وحدث انقلاب اللجنة الأمنية ، في 11 ابريل ، ويواصل الحزب المطالبة بتكوين لجنة التقصي المستقلة الدولية في مجزرة فض الاعتصام ومتابعة المفقودين والقصاص للشهداء ، ومواصلة الثورة حتي تحقيق أهدافها ، ويواصل مع لجان المقاومة المحافظة علي استقلالها وتعزيز وحدتها ، ومع الحركة النقابية النضال من اجل إلغاء نقابة المنشأة ، والعودة لنقابة الفئة ، وكخطوة ، وحتى اجازة القانون الجديد للنقابات “رفع مكتب النقابات المركزي للحزب الشيوعي مشروعا للقانون ” ، يتم العودة لقانون 1987 ، وعقد الجمعيات العمومية للنقابات وسحب الثقة من فلول النظام الفاسد ة، وتكوين اللجان التمهيدية ، ومواصلة النضال من أجل انتزاع ديمقراطية واستقلالية العمل النقابي ، وكامل الحكم المدني الديمقراطي.
خاتمة :
هكذا من خلال الاستعراض السابق لمواقف الحزب ، نرى أنه خاض صراعا من أجل ديمقراطية الحركة النقابيةواستقلالها ووحدتها، وهذا هو سر قوة ومنعة الحركة النقابية واستمرار نضالها رغم القمع الوحشي الذي تعرض له النقابيون السودانيون ، ولا سيما في ظل النظام الاسلاموي الدموي الفاسد.
كان ذلك انطلاقا من المفهوم الذي رسخه الحزب منذ تاسيس الحركة النقابية بضرورة استقلال النقابات عن الدولة، وعن الأحزاب السياسية.، ورفض تدخل السلطة في شؤون النقابات أو حلها ، باعتبار ذلك حق الجمعية العمومية ، كما انتقد خطأ تكوين نقابات سرية ، كما مارس الحزب مبدأ النقد والنقد الذاتي باعتباره الضمان لتصحيح الأخطاء في العمل النقابي والجماهيري.
عرّف الحزب ، كما أشرنا سابقا ،النقابة باعتبارها جبهة واسعة تضم العاملين غض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الفكرية أو الدينية أو العرقية، بهدف الدفاع عن مصالح ومطالب عضويتها ، وتمسك الحزب بوحدة الحركة النقابية باعتبارها صمام الامان لنجاح العمل النقابي.
وأخيرا كان للحركة النقابية منجزات مهمة يمكن تلخيصها في الآتي:
• أدخلت الوعي في صفوف العاملين في التمسك بحقوقهم ومطالبهم ، وحققت لهم مكاسب كثيرة.
• لعبت دورا مهما في استقلال السودان وثورة أكتوبر 1964 .، وانتفاضة أبريل 1985 ، وثورة ديسمبر 2018 .
• الدفاع عن السيادة الوطنية بمقاومة المعونة الأمريكية التي تشترط التدخل في الشؤون الداخلية.، والدفاع عن القطاع العام برفض مخطط البنك وصندوق النقد الدوليين للخصخصة وتشريد العاملين، ورفع الدعم عن السلع الضرورية والتعليم والصحة وتخفيض قيمة الجنية السوداني، مما أدي لارتفاع تكاليف المعيشة وافقار الملايين من الكادحين ، وأدي لثورة ديسمبر 2018.
• التصدى للعدوان الثلاثي عام 1956 الذي قامت به فرنسا وبريطانيا واسرائيل علي مصر ، وتطوع الشفيع احمد الشيخ ورفاقه من اتحاد العمال ، ومخاطبة العمال من قناة السويس.
• استنكار مجزرة شهداء جودة 1956 .
• المطالبة بالحريات الديمقراطية والنقابية ، اضراب الحريات 1952 ، دعم طلاب خور طقت باستنكار فصل 119 طالب ، ودعم اضراب البوليس 1951.
• مقاومة عدوان يونيو 1967 علي مصر وسوريا ، ومساهمة اتحاد العمال في قيام الاتحادات العمالية في افريقيا والعالم العربي ، ودور اتحاد العمال في اتحاد العمال العالمي ، حيث كان الشفيع قياديا به.
• بعد ثورة أكتوبر 1964 ، تطور عمل النقابات واتحاد العمال ، حيث أصبح العمل النقابي يقوم علي المعرفة والعلم والتدريب، وكون اتحاد العمال بمساعدة الحزب الشيوعي مكتبا للدراسات النقابية ، واصدارالكتيبات ” سلسلة دراسات نقابية”، ودراسات حول قضايا العاملين والهيكل الراتبي، والحد الأدني للأجور والمعيشة ، وحول مشكلة السكن ، والتدريب والتأهيل داخل وخارج السودان.

أهم المراجع :
1- الطيب حسن : مذكرات عن الحركة العمالية” تأسيس هيئة شؤون العمال”، دار جامعة الخرطوم 1989م.
2- مذكرات النقابي إبراهيم زكريا ، مجلة الشيوعي 1950
3- أحمد حسن الجاك: الحركة النقابية والتطور السياسي في السودان، مجلة الثقافة الوطنية، يناير 1988م.
4- حسن علي الساعوري وعبد الرحمن قسم السيد وجمال البناء: عمال السودان والسياسة، دار الفكر الخرطوم 1986.
5- تيم نبلوك : صراع السلطة والثروة في السودان، ترجمة الفاتح التجاني ومحمد علي جادين، دار جامعة الخرطوم 1990.
6- سعد الدين فوزي: الحركة العمالية في السودان، بين أعوام 1946- 1955 ، اكسفورد 1957.
7- عبد الخالق محجوب: الحركة العمالية في السودان بين أعوام 1946- 1955 للدكتور سعد الدين فوزي، مجلة الفجر الجديد، العدد الثاني أكتوبر 1957م.
8- عبد الخالق محجوب : لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني ، دار الوسيلة 1987.
9- علي محمد بشير موسي: تاريخ نقابة عمال السكة الحديد والحركة النقابية في السودان ، 1906 -1961 ، دار عزة 2006م.
10- علي خليفة مهدي : ورقة لورشة مراعاة قوانين النقابات في السودان لحقوق الانسان الوطنية والدولية، بدون تاريخ.
11- تاج السر عثمان الحاج : خصوصية نشأة وتطور الطبقة العاملة السودانية ( 1900- 1956)، الشركة العالمية 2007.
12- ثورة شعب، اصدار الحزب الشيوعي السوداني ، دار الفكر الاشتراكي، 1965.
13- محمد سلمان: اليسار السوداني في عشرة أعوام، مكتبة الفجر 1971.
14- محمد السيد سلام: التطور التاريخي للحركة العمالية في السودان، الصحافة 8/2/ 2002.
15- من الله عبد الوهاب : الحركة النقابية : قضايا السياسة والمجتمع ، دار عزة 2007م.
16- دستور الاتحاد العام لنقابات عمال السودان، 15 /11/ 1950.
17- قانون نقابات العمل والعاملين 1948 وتعديلاته ” قانون 1960 – 1966 – 1977 – 1987″
18- الجبهة النقابية : نقد قانون النقابات لسنة 1987، مارس 1988م.
19- محاضر هيئة شؤون العمال: 1946- 1947 – 1948 .

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.