آخر الأخبار
The news is by your side.

توزيع السكن الشعبي … تفاصيل يوم أليم

توزيع السكن الشعبي … تفاصيل يوم أليم

الخرطوم :عماد النظيف ـ محجوب عيسى

أغلق المئات من المواطنين شارع الجامعة أمام مجلس وزراء الخرطوم وصندوق الإسكان الشعبي أمس الثلاثاء، جراء وقوفهم لتصديق منازل في السكن الشعبي من قبل والي الولاية الفريق الركن أحمد عابدون حماد، هذا التدافع الكبير من المواطنين أدى إلى وفاة امرأة وإجهاض أخرى والعديد من حالات الإغماء، الحشود الغفيرة حضرت من أطراف العاصمة القومية، وجلهم من الفقراء والمساكين الذين يستحقون السكن الشعبي.
و بالرغم من الارتياح وسط المواطنين، لإيفاء الوالي بوعده بتوفير (6) آلاف قطعة سكانية خلال ثلاثة أسابيع، لكن ثمة انتقادت وجهت في توزيع السكن الشعبي، لأنها تفتقر للخدمات الأسياسية كالطرق والمياه والكهرباء والمدارس والمستشفيات، كما أنه يزيد التمدد الأفقي لولاية الخرطوم المترامية الأطراف.

فوضى وتأمين
يبدو المشهد مأساوي منذ النظرة الأولى نتيجة وجود عدد من حالات الإغماء وسط المنتظرين، وضياع الكثير من الممتلكات الشخصية وتذمر المواطنين، رغم وجود أفراد الشرطة الذين عجزوا عن حفظ النظام، مما أدى إلى إنزلاق المشهد إلى الفوضى، وتدافع الآلاف في النوافذ لتقديم الطلبات، واعتبر البعض أن أمس هو آخر يوم لتسليم الطلبات للوالي، مما تسبب في حدوث فوضى بعد محاولة الجميع الحصول على فرصة للتقديم الذي يعتبر الأنسب مادياً للمواطنين ،مقارنة برسوم العام الماضي التي تقدر بـ (5) آلاف جنيه لهذا العام مقارنة بالأعوام الماضية التي تجاوزات (18) ألفاً .

مشاهدات

أمنة عروس في بداية حياتها الزوجية، سمعت بنبأ توزيع السكن الشعبي في جلسة قهوة عندما كانت تحتسيها مع جارتها في ضاحية ود البخيت بمحلية كرري، فسعت في الصباح الباكر من يوم أمس قاصدة مجلس وزراء حكومة الخرطوم، برغم من معاناتها مع الحمل وداء السكري الذي أنهك جسدها النحيل، سارت مسافات طويلة تبدو صعبة لمثلها، واستمرت معاناتها عندما لم تجد مياه شرب نقية ومكاناً للجلوس في مكان تصديق السكن الشعبي، فضلاً عن تعرضها للازدحام والمضايقات، بيد أنها كانت تمني نفسها بالحصول على منزل مريح وهي في بداية حياتها الزوجية، فهل تفوز بمنزل في وقت صعب فيه الإيجار ؟

غضب وامتعاض
وقال كاتب استمارات تقديم السكن الشعبي علي الطيب محمد إن والي الخرطوم أمس قابل كميات كبيرة تقدر بالآلاف لطالبي السكن الشعبي، حيث صدَّق على جميع الطلبات التي وصلت إليه، ماعدا التي سقطت أثناء الازدحام، كاشفاً عن مصرع امرأة وإجهاض أخرى، ممتدحاً جهود الوالي، في هذا الإتجاه عبرت حليمة سليمان عن إستيائها مما حدث بالأمس، وقالت لـ(آخرلحظة) خرجت منذ الصباح الباكر من المنزل بالحاج يوسف بمحلية شرق النيل، ووصلت أمام مباني أمانة حكومة ولاية الخرطوم بعد الظهر نتيجة للزحمة المرورية وانعدام المواصلات، وأهدرت وقتي سيراً على الأقدام تاركة أبنائي لوحدهم في المنزل آملاً في الحصول على تصديق منزل من قبل الوالي بعد عن أن سقط اسمي في التقديم السابق في الأسبوع الماضي، وتابعت: لم تكن تلك المرة الأولى التي أقدم فيها طلباً لمنزل، حيث قدمت إليه منذ العام (2015) في عهد النظام المندحر، وشكت من شح مياه الشرب وصعوبة إيجاد أماكن جلوس للانتظار، وقالت: اتخذنا من ظلال الأشجار والمباني الشامخة مأوى، ورغم كل هذا العناء وتكبد المشاق سأنتظر الوالي.

تجارة مؤقتة
الحشود الضخمة التي امتلات بها شوارع الخرطوم، كان لابد من توفير بعض ضرويات الحياه اليومية لهم، حيث إنشئت أماكن لتقديم الوجبات السريعة والشاي، بجانب أماكن لتصوير المستندات، في الوقت نفسه يباع طلب التقديم للسكن الشعبي بـ50 جنيهاً في منتصف النهار، هو عبارة عن ورقة مكتوبة عليها: طلب للحصول على منزل سكن شعبي يحمل أسم مقدم الطلب ورقم هاتفه السيار ، هذا التجارة التي أقيمت بصورة مؤقتة تعتبر رابحة بكل المقاييس، لأن طالبي الخدمة يدفعون بسخاء ودون تردد .

إزدحام مروري
كثرت طالبي السكن الشعبي أدى لأغلق شارع الجامعة تماماً في منتصف النهار، وتسبب في ازدحام مروري خانق، ودفعت المواطنين للسير على الأقدام، وتعطلت حركة المواصلات بشارع الجامعة، حيث إستخدم أصحاب السيارة الخاصة شارع البلدية الذي يقرب منه وشارع السيد عبر الرحمن والنيل هروباً من الازدحام وكسباً للوقت.

البوابة الرئيسية
تصدر المشهد والي الولاية الفريق الركن أحمد عابدون حماد من خلال وقوفه أمام مبنى أمانة الحكومة بشارع الجامعة، للقيام بتصديق الطلب المقدم إليه، يستلم الطلبات مباشرة من المواطنين، ويوجه وزارة التخطيط العمراني واللجنة المختصة بمنح السكن الشعبي، إذا استوفى مقدم الطلب الشروط المنصوص عليها لمنح السكن، وظل عابدون واقفاً ورأسه يعلو البوابة الرئيسية لأمانة الحكومة مستخدماً كراسي حديد ليراه الناس، ورغم الصعوبات والأزدحام من قبل المواطنين، أمتدحوا هذه الخطوة، بأن يكون الوالي قريباً من مشاكل المواطنين وهمومهم، وبحسب ملاحظات محرر الصحيفة فإن هذه الحشود تحتاج إلى مزيد من التنظيم والترتيب من قبل القائمين على الأمر لاسيما توفير إسعاف بعد تتكرر حالات الأغماء.

تتمدد أفقي
وانتقد الناشط والصحفي محمد الأقرع خطوة والي الخرطوم، قائلاً إن توزيع قطع أرض سكانية في الخرطوم أمر غير مجدي، لأن الأراضي التي يتم تقسيمها ستفتقر للخدمات “طريق، كهرباء، موية، مدارس ، مستشفيات …الخ” ، بالإضافة إلى زيادة التمدد الأفقي للمدنية المترهلة أساساً، وكان الأوفق في ظل التغيير الذي تشهده البلاده أن تتجه الحكومة الجديدة لإعتماد البنايات الرأسية في مجابهة مشكلة السكن عبر إقامة مخططات ومدن سكنية متكاملة وضخمة يتم تمويلها من قبل المؤسسات البنكية، وتابع قبل فترة كانت الحكومة أعلنت عن اتجاه لفرض رسوم على القطع السكنية غير المشيدة وذلك في سبيل خفض أسعار الأراضي التي تحولت إلى سلعة احتكارية، لكنها فعلياً أعادت نفس تجارب النظام البائد الذي هو نفسه كان قد توصل آخر أيامه لعدم جدواها، عليه فإن ما يقوم به والي الخرطوم أمر غير مدروس ودعائي ليس أكثر، ويجب أن يتوقف فوراً.

إيقاق المقابلات
في نهاية يوم أمس أعلن والي الخرطوم الفريق الركن أحمد عابدون حماد عن إيقاف المقابلات واستلام طلبات المتقدمين للسكن الشعبي والاقتصادي إلى موعد يحدد لاحقاً، وان الطلبات التي تم استلامها اليوم سيتم تحويلها لصندوق الإسكان بعد اكتمال إجراءات الطلبات السابقة، وقال الوالي خلال مخاطبته لحشد من المواطنين أمام أمانة حكومة الولاية إن المرحلة الأولى لاستلام الطلبات قد انتهت وإن الطلبات التي تعتمد هي التي يجري تحويلها لصندوق الإسكان وإعلانها في الصحف للمقابلة لتحديد المستحقين حسب الأسس والضوابط، هذا الإجراء يستخدم وقتاً طويلاً لتوفير الأرض وبناء المساكن، وبناءً على هذه الأسباب تم إيقاف المقابلات واستلام الطلبات.

سكن مريح
وكان والي ولاية الخرطوم الفريق الركن أحمد عابدون قد تعهد في وقت سابق بتوفير 6 آلاف قطعة سكنية خلال ٣ أسابيع لصندوق الإسكان والتعمير للبدء في تنفيد السكن الشعبي للمستحقين القدامى والمستحقين الذين صادق الوالي لهم مؤخراً بإسكان شعبي، ومن جهته أكد مدير عام التخطيط أنه تم تكوين لجنة عليا لتوفير الأراضي المطلوبة لمشروعات الإسكان، باعتبار أن مشروعات الإسكان هى البديل للخطة الإسكانية، و بدأت أمس بصندوق الإسكان والتعمير إجراءات مقابلة أكثر من ٣ آلاف شخص صادق لهم الوالي بسكن شعبي واستثماري، حيث وقف المدير العام لوزارة التخطيط العمراني ومدير عام صندوق الإسكان على الإجراءات الأولية بعمل ملف لكل صاحب تصديق ،وذلك وفقاً لضوابط صندوق الإسكان، وأكد المدير العام للوزارة خلال الزيارة أنه رغم الأعداد الكبيرة التي حصلت على تصديق الوالي، والأعداد الغفيرة للمواطنين بمباني الصندوق، غير أن الإجراءات تسير بصورة طيبة بفضل الترتيبات الكبيرة التي قام بها مدير عام صندوق الإسكان الخلوتي الشريف النور، وقال إن الصندوق دخل مرحلة جديدة باستئناف السكن الشعبي بتوجيهات من والي الخرطوم، مؤكداً التزام الصندوق بالوفاء بتصديقات الوالي التي راعت الجوانب الإنسانية ومعاناة المواطن في الحصول على سكن مريح. غير أنه اشترط حصول كل متقدم للسكن الشعبي على أسس الاستحقاق وحصوله علي ٢٥ درجة فما فوق، وتحسب الدرجات من تقديم ما يثبت أن تكون من مواليد الخرطوم أو الإقامة في الخرطوم لمدة أدناها ١٠ سنوات والزوجة والزوجات والأولاد وغيرها من الشروط.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.