آخر الأخبار
The news is by your side.

رئيس الجبهة الثورية السودانية الهادي إدريس يحيى: سنتحول إلى تنظيم سياسي

رئيس الجبهة الثورية السودانية الهادي إدريس يحيى: سنتحول إلى تنظيم سياسي

القاهرة- العرب

أعادت الجبهة الثورية السودانية تشكيل هيكلها الداخلي عبر اجتماعات بدأتها في منتجع العين السخنة (شرق القاهرة) مطلع هذا الأسبوع، ومقرر أن تدخل الجبهة في محادثات مشتركة مع تحالف نداء السودان السبت المقبل، لتسمية رئيس جديد للتحالف، والنظر في الاستقالة التي قدمها الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي، ومن ثم الولوج إلى مشاورات جديدة لسد ثقوب الخلافات التي نشبت بين الطرفين.

وقال الهادي إدريس يحيى، رئيس الجبهة الثورية، في حوار أجرته معه “العرب”، إن اجتماعات العين السخنة المكثفة تستهدف تحويل الجبهة إلى تنظيم سياسي وينتقل إلى العمل في الداخل. ولفت إلى أن هناك وفدا من جميع الحركات المنضوية داخلها سيصل الخرطوم خلال الأيام المقبلة لممارسة العمل بشكل رسمي ومعلن، ارتكانا لإعلان المبادئ الموقع في جوبا مؤخرا مع السلطة الانتقالية، وبموجبه سوف تستأنف المفاوضات مرة أخرى.

تتواجد وفود الحركات المسلحة المنتمية للجبهة الثورية في أحد المنتجعات السياحية بمصر منذ السبت الماضي، في ظل أجواء يغلب عليها الهدوء وتحرص على الوصول إلى نقاط اتفاق تسهل من عملية السلام، في ظل وجود وفد ممثل عن الحركة الشعبية-قطاع الشمال برئاسة عبدالعزيز الحلو الموقع على إعلان المبادئ في جوبا، والذي لم ينضم رسميا في الجبهة الثورية.

وأضاف الهادي إدريس يحيى، الذي اُنتخب بداية الشهر الجاري كرئيس للجبهة الثورية، أن بقاء وفود الحركات المسلحة لمدة عشرة أيام في مصر يستهدف الاستعداد لمرحلة جديدة من التحوّل الديمقراطي في تاريخ السودان، والاستقرار على منبر واحد يتوافق عليه الجميع وتجري من خلاله مفاوضات السلام التي تنطلق في 14 أكتوبر، مع إمكانية وجود منصات منبثقة عنه لاستضافة جولات التفاوض.

خمس حركات مسلحة

الهادي إدريس يحيى: السلام في السودان يعالج ما جرى من خلل على فترات متباعدة ونقترح تطبيق التمييز الإيجابي

بفعل الهيكلة الجديدة أضحت الجبهة الثورية تضم في عضويتها خمس حركات مسلحة، وهي: الحركة الشعبية لتحرير السودان برئاسة مالك عقار، وحركة جيش تحرير السودان برئاسة مني أركو مناوي، وحركة جيش تحرير السودان-المجلس الانتقالي برئاسة الهادي إدريس، وحركة العدل والمساواة برئاسة جبريل إبراهيم، وتجمع قوى تحرير السودان برئاسة الطاهر حجر.

علاوة على أربعة مكونات غير مسلحة وهي: حزب الاتحادي الديمقراطي–فصيل الجبهة الثورية برئاسة التوم هجو، ومؤتمر البجا المعارض برئاسة أسامة سعيد، وحركة تحرير كوش برئاسة محمد داوود، والجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة برئاسة الأمين داوود.

وأشار الهادي إلى أن المكونات التسعة المنضوية تحت لواء الجبهة الثورية نجحت في استكمال البناء التنظيمي خلال الاجتماعات الحالية، وتكليف التوم هجو بمنصب رئيس المجلس التشريعي للجبهة الثورية، وتشكيل 17 أمانة موزعة على جميع الحركات، وباتت الحركات المسلحة جاهزة للسير في اتفاق السلام.

وانتخبت الجبهة مالك عقار ومني أركو مناوي نائبين للرئيس، وجبريل إبراهيم أمينا عاما للجبهة، وبدا واضحا أن الحركات المسلحة حرصت على توزيع المناصب في ما بينها في خطوة تستهدف عدم السماح لأي انشقاق جديد، كما حدث في السابق، وإدراكها أن الانقسام خلال مرحلة السلام عواقبه وخيمة عليها وعلى السودان كله.

ولفت الهادي إدريس يحيى إلى أن الوساطة المصرية تحمل أبعادا فاعلة في ذلك التوقيت، لأنها من جانب تتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي ولديها علاقات قوية مع دول إقليمية ستكون لها أدوار هامة في دعم التحولات في السودان، ما يصب في صالح الترويج لرؤية الجبهة باتجاه السلام الشامل والترويج لخطواته.

وأكد إدريس يحيى أن الجبهة الثورية تحرص على وجود وساطات من دول جوار السودان، على رأسها مصر وتشاد وإثيوبيا وأريتريا. وتقوم هذه الدول بدعم اتفاق المبادئ الموقع في جنوب السودان. والاهتمام بتواجد تلك الأطراف كرعاة للسلام يستهدف استشارتها في العديد من الملفات المتعلقة بإنهاء الحرب بشكل نهائي وكيفية الانخراط في السلام الدائم من دون التعرض لهزات أو انتكاسات.

مدخل واحد للسلام

يرى الرئيس الجديد للجبهة الثورية أن التعامل مع قضايا السلام لا بد أن يكون عبر مدخل رئيسي واحد وبمسارات مختلفة، بمعنى أن يكون هناك توافق على مبادئ عامة للسلام تقوم على الحل الشامل وليس فقط وقف الحرب والعدائيات على أن تسير في أربعة مسارات لتطبيقها وهي: مسار دارفور–مسار النيل الأزرق وجبال النوبة، وهي ملفات مثبتة ومرهونة بقرارات أممية وأفريقية سابقة، بالإضافة إلى مسار شرق السودان–مسار شمال السودان، وهما بحاجة إلى جهود إقليمية من الوسطاء لتثبت السلام في تلك المناطق.

وترتكن رؤية الجبهة التي عبر عنها الهادي إدريس يحيى على أن هناك خللا في بنية الدولة السودانية بحاجة للتعديل لإنهاء التهميش الذي عانى منه أبناء المناطق التي شهدت حروبا السنوات الماضية. وجرى تهميش الأطراف، وتركزت السلطة والثروة في يد المركز، واستفاد من الاقتصاد الرأسمالي الذي وضع بذرته المحتل الإنكليزي في خمسينات القرن الماضي، وبالتالي فإن السلام يجب أن يعالج هذا الخلل، حتى وإن كان على فترات متباعدة.

وشرح أن الجبهة تعمل على استقطاب أكبر قدر من الحركات المسلحة قبل انطلاق السلام حتى يكون الجميع ممثلا في الاتفاقيات التي ستصل إليها، والمفترض أن تنتهي بدمج أبناء مناطق الهامش في المؤسسة العسكرية، كذلك بالقدر ذاته داخل المؤسسات السياسية ليكونوا جزءا من الهيئات الانتقالية، تمهيدا لمشاركتهم في الانتخابات التشريعية المقبلة كأحد مكونات الدولة.

ويرفض الرئيس الشاب للجبهة الثورية أن يكون السلاح حاضرا في لغة أبناء الهامش مستقبلا. ويعتبر أن ذلك يسير في اتجاه تفكيك الدولة وإفشال المشروع الوطني الذي قامت على أساسه الثورة ضد نظام عمر حسن البشير، وأن الرهان لا بد أن يكون على بناء دولة وطنية وعدم السماح لباقي مناطق الأطراف للانفصال بما يؤدي إلى تحلل الدولة السودانية.

ويدرك الهادي إدريس يحيى، بفعل دراسته العلوم السياسية في كلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم، أن الحضور السياسي لأبناء الهامش ومنحهم التمييز الإيجابي لدعم تواجدهم في مؤسسات الدولة لمدة عشر سنوات على الأقل يحصّن الدولة من التفكك، لكنه يرى أن ذلك يجب أن يكون بإرادة سياسية تستطيع الحكومة الحالية أن تحققها، باعتبارها تمثل قوى الحرية والتغيير التي تعد الجبهة الثورية أحد أركانها.

ويعد الهادي إدريس يحيى من أوائل الذين انضموا إلى حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور، قبل أن يشكل المجلس الانتقالي وينفصل عن الحركة الأم عام 2015، وهو من مواليد منطقة شرق جبل مرة، وهي فاصلة بين شمال وجنوب دارفور.

ويرى مراقبون أن تواجده على رأس الجبهة الثورية باعتباره شخصية توافقية بعيدا عن الخلافات السابقة بين الحركة الشعبية لتحرير السودان برئاسة مالك عقار، وحركة تحرير السودان برئاسة مني أركو مناوي، يعبر عن رؤية جديدة للحركات تقوم على التوافق من أجل الوصول للسلام.

وأوضح الهادي إدريس يحيى أن تحركات الجبهة الثورية الحالية تحظى بتأييد شعبي في الداخل، لأن الحركات المتواجدة تعبر عن جميع مناطق الهامش، بالإضافة إلى المناطق التي شهدت حروبا لفترات طويلة بانتظار حسم مسألة دمجها في مؤسسات الدولة السودانية، ما يتطلب دخول مفاوضات السلام في تفاصيل ترتبط بتوفير الخدمات العامة لهؤلاء بمقابل رمزي حتى يشعروا بالانتماء للدولة، بما يؤدي لتضييق الهوة بين المركز والهامش.

ولفت النظر إلى أهمية البند الخاص بإعادة الترتيبات الأمنية ويقوم على أساسها السلام، ويرجع ذلك إلى نظرة أبناء الهامش للمؤسسات العسكرية باعتبارها حامية للمركز فقط، ويترتب عليه إدخال تعديلات على شروط قبولهم بالكليات العسكرية بجانب السماح لهم بالوصول إلى مناصب عسكرية عليا دون تفرقة، على أن يوازي ذلك توقف عمليات قمع أبناء الهامش التي يتعرضون لها من حين لآخر.

جدلية المركز والهامش

مع أن الثورة السودانية فتحت المجال للسلام في البلاد، فإن الهادي إدريس يحيى يرى أنها أعادت الجدل بين المركز والهامش من جديد، بفعل نسيان قوى الحرية والتغيير التي وقعت الاتفاق السياسي والدستوري مع المجلس العسكري من دون موافقة الجبهة الثورية، ما سبب انتكاسة للتوافق الذي حدث في أثناء الثورة، وانعكس على رؤية مناطق الهامش الذين يعتقدون أن نظرة المركز لم تتغير تجاههم.

وحمل الهادي إدريس يحيى تحالف نداء السودان الجزء الأكبر من الانتكاسة التي حدثت في الأشهر الأخيرة، لعدم اختياره أيا من قيادات الجبهة ليكونوا ممثلين في تنسيقية قوى الحرية والتعيير أو لجنة الترشيحات المنبثقة عنها أو المجلس القيادي للقوى المدنية، الأمر الذي جعل قيادات الجبهة تنظر إلى تحركاتهم بريبة وشك وعدم رغبتها بوجودهم في مؤسسات الدولة المشكلة حاليا.

وشدد على أن اجتماعات الجبهة في القاهرة ستكون كاشفة للعديد من المشكلات التي تسببت في زيادة الهوة بين الطرفين، متوقعا أن يجري تشكيل هيكل جديد لنداء السودان والنظر في مسألة استقالة الصادق المهدي من رئاسة تحالف نداء السودان، وتعيين شخصية توافقية جديدة، على أن يوازي ذلك الاتفاق على سياسات مشتركة داخل التحالف تكون أساسا للتعاون المستقبلي.

وألمح رئيس الجبهة الثورية إلى وجود تغير في موقف نداء السودان من الحركات المسلحة، وأن قيادات الجبهة التقت عمر الدقير، رئيس حزب المؤتمر السوداني (أحد مكونات نداء السودان) في جوبا، وهناك اتفاق على إعادة بناء جسم التحالف بعد أن أضحى فارغا، وسيشمل الأمر مراجعة التجربة السابقة والاستفادة من أخطائها لتتماشى مع خطوات الحكومة الساعية لإنجاز السلام الشامل.

ولا ينظر الهادي إدريس يحيى إلى نداء السودان باعتباره مدخلا للحركات المسلحة للانخراط في العملية السياسية، لأن الجبهة الثورية لديها مشروعها الخاص بها للاندماج السياسي والاقتصادي في السودان، بعد أن وسعت من قواعدها واستفادت من تجاربها مع القوى المدنية خلال الفترة الماضية، لكنه في الوقت ذاته شدد على أن التوافق مع نداء السودان يسهل السلام.

ولدى رئيس الجبهة الثورية تخوفات من غموض الموقف الحكومي من إنشاء مفوضية السلام، والتي نص عليها الإعلان الدستوري من دون أن يحدد مهامها، وهل ستقوم بإدارة عملية المفاوضات أم أن دورها سيكون لاحقا للمفاوضات لمراقبة تنفيذ ما جرى التوصل إليه؟

واعتبر أن نجاح المفوضية في مهمتها، مهما كان دورها، يرتبط بمدى فاعليتها وانضمام أشخاص لديهم القدرة على اتخاذ القرار السياسي، وليس مجرد موظفين تنفيذيين، ويأمل أن تضم المفوضية أحد مكونات المجلس السيادي والجهاز التنفيذي للدولة بحيث يكون لديها التفويض السياسي القادر على التعامل مع العراقيل التي تواجه مفاوضات السلام وتطبيقها على الأرض، وتمتعها بجسم إداري قادر على التواصل مع جميع الحركات المسلحة ويساعدها في عملية التنفيذ.

ويتوقع رئيس الجبهة الثورية أن تقوم السلطة الانتقالية في السودان بإعادة تشكيل هيكلها التنفيذي عقب الوصول إلى اتفاق سلام شامل، ومراجعة تشكيل الوضع السياسي الراهن الذي بمفاده تأسس المجلس السيادي والحكومة بمعزل عن الجبهة الثورية، وذلك سيخضع للتفاوض مع وفد الحكومة الشهر المقبل في الخرطوم.

وأضاف أن عدم استكمال بناء المؤسسات، وعلى رأسها المفوضيات الخاصة بإدارة شؤون المناطق والمجلس التشريعي الذي جرى الاتفاق على تأجيله لحين انتهاء المفاوضات، يعطي فرصة للحركات المسلحة للاندماج فيها، غير أن إشراك جميع أبناء الهامش بمؤسسات الدولة يساهم في تسريع خطوات الاستقرار.

ولم يخف الهادي إدريس يحيى تخوفه من مسألة نقض الوعود مجددا، معتبرا أن تمسك الجبهة الثورية بتعديل المادة (70) من الإعلان الدستوري لإدراج اتفاقية السلام الشامل وفق أحكام تلك الاتفاقيات، ارتبط بعدم الثقة في الإقدام على تغيير الترتيبات السياسية الانتقالية عقب السلام من عدمه، وتمسكهم بالرأي حينها يرتبط برؤيتهم الشاملة لتأسيس مشروع وطني متفق عليه من الجميع.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.