آخر الأخبار
The news is by your side.

مُطالبات بفتح ملف القضية من جديد .. بيوت السودان بلندن … الحق لا يموت بالتقادم

مُطالبات بفتح ملف القضية من جديد .. بيوت السودان بلندن … الحق لا يموت بالتقادم

تحقيق : سلمى عبدالعزيز

أهدت الملكة “إليزابيث” قبل عُقود السودان بيتاً ضخماً في راتلاند غايت بمدينة لندن ـ أطلق عليه السودانيون حينئذ “بيت السودان الكبير”،وأصبح بذلك قِبلة للوافدين في الخمسينيات.
ترجم الشيخ زايد حُبه للسودان بإهداء رئيسه جعفر نميري “بيتين” بلندن،أُجبر على بيعهم لاحقاً لكثرة الوافدين وضِيق المكان، بيد أنه قام بشراء بيوت صغيرة بعائد البيع استوعبت الأعداد الغفيرة من المبعوثين والطلبة والوفود رفيعة المستوى الذين تتزايد أعدادهم سنة تلو الاُخرى.
(14) بيتاً تم شراؤها بعائد البيوت الملكية شكلت وبمرور السنوات نُزلاً فخماً لضيوف السودان بالخارج، قضت على مشاكل الإقامة للمبعوثين وأزاحت عن كاهل المالية نفقات ضخمة كانت تُهدر في “الإيجار” وأموال تُضخ في خزينة الفنادق. في وقت لاحق مُنح ” الأمن” منزلين، وآخر لـ(الجيش)، وتبقى(11) هي ضحية أكبر عملية بيع لمُمتلكات السودان بالخارج.

جلسة رقم”23″
تعالت الأصوات المحتجة ذاك اليوم أكثر مما يجب، ما أغضب بروف إبراهيم أحمد عمر ـ رئيس المجلس الوطني ـ الذي هَدد بالخروج في حال لم يهدأ المُتناحرون.
يقول النائب المستقل بالبرلمان المحلول محمد الطاهر عسيل في حديثه لـ(الجريدة) : كان يوماً عاصفاً وللأسف تمكنت عُضوية المؤتمر الوطني من مُجابهته بالأغلبية. لافتاً إلى أنه تم استدعاء وزير رئاسة مجلس الوزراء أحمد سعد عمر الذي كشف الكثير من الحقائق واضعاً حِبال الإدانة حول رقابهم.

صندوق إدارة عقارات السودان بالخارج
أصدر الرئيس السابق قرار مجلس الوزراء رقم (26) لسنة 2011،والقاضي بإنشاء صندوق لإدارة عقارات السودان بالخارج، الهدف من إنشاء هذا الصندوق وفقاً لحديث وزير مجلس الوزراء أحمد سعد عمر في قُبة البرلمان المحلول : ( إدارة العقارات اقتصادياً لتنميتها وتوظِيفها لخدمة مصالح البلاد ).وعلى الفور تم تشكيل مجلس لإدارة الصندوق ومُنح الحق في التصرف في العقارات بكافة التصرفات الناقلة للملكية أو المنفعة.
شُكّل مجلس إدارة صندوق عقارات السودان بالخارج من عُدة جهات أكد “أحمد سعد” أن هذه الجِهات معنية بشؤون العقارات الحُكومية وهي:( وزارة مجلس الوزراء،وزارة الخارجية،وزارة المالية،بنك السودان،وسفارة السودان بالمملكة المتحدة).

شركة خاصة
يقول وزير رئاسة مجلس الوزراء أحمد سعد إنه وحتى يتمكن المجلس المُنشأ حديثاً من القيام بمهامه وإدارة أعماله كان لا بد من إنشاء (3) شركات تُسجل وفقاً للقانون البريطاني هذه الشركات عُين لها مُستشار خاص .
(الجريدة) جلست مع النائب المستقل في البرلمان المحلول محمد الطاهر عسيل الذي أثار القضية وطالب بمُحاسبة المتورطين في بيع ” تاريخ السودان “.
سألته ..
“أحمد سعد” يقول أنه تم إنشاء الشركة وفقاً للقانون البريطاني !
فرد ضاحكاً : هذه الشركات الثلاث التي يتحدث عنها “مشبوهة”،تم إنشاؤها في جزيرة تتبع لبريطانيا لكنها لا تخضع لقانونها الضريبي، وأيّ شركة تُؤسس هُناك تًعد”خارجة عن القانون”.
ثم أضاف : لمّا نووا الجماعة على البيع،اكتشفوا أن البيوت ملك لحُكومة السودان، لم يكن أمامهم سوى نقل مِلكيتها للشركة ومن ثم بيعها. هذه الشركة كُونت من أعضاء اللجنة أنفسهم إضافة لرجل أعمال سُوداني قِبطي ومعه ابنه.
ولفت إلى أن ماحدث أشبه بنقل الملكية مِنه للبيع ـ حكومة السُودان لا تستطيع البيع لنفسها فصنعت شركة تبيع لها ـ كما أن عملية البيع تمت دون استلام أيّ مبالغ.
كاشفاً عن اتجاه الشركة نفسها بعد نجاح نقل الملكية لبيع البيوت لجهة أُخرى بتكلفة (3000) ألف جنيه استرليني وفقاً للمستندات.
منوهاً إلى أن بيع بيوت السودان في لندن تم وسط تكتم كامل (بيع في الظلام) بيد أن الجالية السودانية في لندن كشفت ماحدث وأثارت القضية التي حاول البرلمان كشف دهاليزها بيد أن قاعدة المؤتمر الوطني نجحت في قتلها.
يقول “عسيل” سألت ذات جلسة بعد أن نجحوا في إخماد نيران القضية التي لم يدم إشعالها طويلاً السيد وزير الخارجية حينها إبراهيم غندور واليأس تمكن مِني.
البيوت خلوها ، قُروش البيع وين ؟!
فأشار بيده نهاية فمه وقال : ( أكلوها ).
ضاحداً بذلك رواية الوزير أحمد سعد والذي أجاب على ذات السؤال بأن المبلغ موجود حتى الآن في بنك قطر بلندن ـ (ده قبل سنة).

بيع خوفاً من الصيانة
اتخذ مجلس الإدارة قرار بيع المنازل بلندن وبرر الوزير الذي وجد نفسه أمام جلسة أسئلة هادرة تحتاج لحجج قوية فقال إن المنازل تحتاج للصيانة وقد خاطبت السُلطات المحلية في لندن( السفارة) بذلك أكثر من مرة. مُشيراً إلى أن صيانة هذه المنازل مُكلفة جداً وأرهقت خزينة الدولة ما دعا مجلس الإدارة لاتخاذ قرار البيع.

تصفية الشركة
بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (247) لسنة 2014م تم إعادة تشكيل مجلس الإدارة من وزارات( رئاسة مجلس الوزراء،الدفاع ،الخارجية ،المالية ،ومحافظ بنك السودان) كما تم تشكيل اللجنة الفنية من ذات الجهات مضافاً إليها ( وزارة العدل ،وادارة العقارات الحكومية) تتلخص مهام هذه اللجنة وفقاً للمستند الذي بحوزة (الجريدة) في دراسة وتمحيص الموضوعات والتوصية بشأنها لمجلس الإدارة لاتخاذ القرار.
قرر مجلس الادارة الجديدة ايقاف البيع الذي اتخذته إدارة المجلس الأولى، واللجؤ إلى “حِيلة” أخرى يختلف التنفيذ والنتيجة واحدة. وذكر المستند ذلك بالنص في الجملة الآتية : ( وتحولت سياسة الصندوق لشراء عقارات للسودان بالخارج من خلال توظيف عائد بيع عقارات لندن لامتلاك مقار لسفارات السودان أو منازل للسفراء في كل البلدان التي تحتاج السودان لعقارات أخرى فيها وبعد تحقيق هذا الغرض تتجة سياسة الصندوق لتصفية الشركة المملوكة للصندوق ).

تم البيع
(24,995) مليون جنيه استرليني المبلغ الذي استلمته الشركة ثمناً لـ(11) عقار بلندن من جُملة (14) عقار . وفقاً للمستند فإن المبلغ المذكور آنفاً تبقى مِنه (17,5) مليون نقداً مُودعة في حساب”بنك قطر”. يتم الصرف من المبالغ وفقاً لتوجيهات مجلس الإدارة.
كما أشار إلى أن عائد البيع تم دفعه كمُقدم لإمتلاك مقار لسفارات السودان في مناطق أُخرى، وأوضح أن عملية الشراء للعقارات الجديدة لن تتم “نقداً” بل بدفع المقدم فقط وتتكفل وزارة المالية بدفع باقي الأقساط بدلاً من دفعها الإيجار الشهري.
(برلين، باريس، إنجمينا، الكويت، المنامة، الرباط، جيبوتي، موسكو، أنقرا، الأردن، وبودابست) هي الدول التي حددها المجلس لبناء مقار فيها بعائد بيع بيوت لندن ـ ولا نعلم حتى الآن أتم التنفيذ أم لا. واستنكر النواب بيع بيوت في أهم مُدن العالم وأبهظها ثمناً ومن ثمة شراء عقارات بعائدها في ” إنجمينا ، وجيبوتي “… الخ.

حقوق ضائعة
.يرى ” عسيل ” أن كُل أسباب البيع غير مقنعة، ولا يمكن إدراجها سوى في قائمة ” الاستهبال” وفتح باب لمأكلة جديدة ـ وهذا ماحدث ـ وأضاف فشلنا في استدعاء اللجنة التي شُكلت بغرض البيع لقبة البرلمان خمس مرات على التوالي، التهرب من الأسئلة كان ديدنهم، وظلت المماطلة و” الجرجرة” إلى أن حُل البرلمان بذهاب الحكومة السابقة.
مضيفاً هذه القضية خطيرة للغاية وفيها أدلة كافية لإدانة المتورطين في بيع أضخم ممتلكات السودان بالخارج ، فتحها مجدداً إن لم تعد البيوت، على الأقل فإنه سيكشف للشعب السوداني كيف كانت تُدار ممتلكاته، وكيف تم بيع تاريخه.
القضية التي قتلتها الأغلبية التي كانوا يتمتعون بها في المجلس الوطني كحزب حاكم علينا أن نحييها الآن ونطالب بإعادة التحقيق فيها وإحضار اللجنة التي وقفت وراء البيع بعد أن فشلنا في مجرد إحضارها للمجلس الوطني وطرح الأسئلة دون محاكمة.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.