آخر الأخبار
The news is by your side.

مالي vs ساحل العاج: الصراع على الفوز بكل شيء  … بقلم: قور مشوب

مالي vs ساحل العاج: الصراع على الفوز بكل شيء  … بقلم: قور مشوب

في مباراة لها خصوصيتها، دوافعها، حساباتها الخاصة، ولا تشبه أية مباراة أخرى في دور الـ16، من مسابقة كأس الأمم الإفريقية، لعام 2019 في مصر، تلتقي ساحل العاج، بمالي، اليوم، في ملعب «السويس الجديد»، في ديربي غرب إفريقيا.

المعيار

حتى مع مواجهتهما لمنتخبات قوية ومتفاوتة المستوى مثل تونس، أنغولا، موريتانيا، المغرب، جنوب إفريقيا، وناميبيا، في دوري المجموعات، فإنه يصعب النظر إلى هذه المباريات وإعتبارها إختبار حقيقي وصعب بالنسبة إلى مالي وساحل العاج، لكثير من الأسباب.

عند المقارنة بين دوري المجموعات ودور الـ16، فإن المقارنة تعتبر محسومة سلفاً، تماماً، لصالح الأخير. ببساطة، لأن حجم الضغوطات، الأعباء، المسؤوليات، الجدية، الطموح، الهامش المتاح لإرتكاب الأخطاء، والفرص المتاحة للتعويض وتصحيح تلك الأخطاء، يكون معدوماً، تماماً، في دور الـ16، فأي خطأ قد يتسبب، بشكلٍ كبير، في إقصاء المنتخب من البطولة مباشرةً، في وقتٍ تكون فيه أمامه الكثير من الفرص لتدارك كل ذلك، في دوري المجموعات.

هذا، بالإضافة إلى حقيقة ان الكثيرون ينظرون إلى مباريات دوري المجموعات على أنها مجرد فرصة للإحماء، تصفية المنتخبات، إعادة ترتيب الأوراق، تصحيح الأخطاء، والإستعداد جيداً للإنطلاقة الحقيقية للبطولة، بدايةً من أول دور إقصائي.

لهذا، فإن هذه المواجهة تختلف كثيراً عن أية مواجهة سابقة لمالي أو ساحل العاج في البطولة، إذ تعتبر المعيار الحقيقي للوقوف على مستوى كليهما، مدى رغبته وجديته وقدرته على تجاوز هذا الدور، الذهاب بعيداً في البطولة، والتتويج باللقب.

يحاولون إستعادة الأيام الخوالي الغابرة

قبل سنوات، كانت مالي قد وصلت إلى القمة تقريباً، لم تعد ذلك المنتخب الذي كان يسعى لمجرد المشاركة في مسابقة كأس الأمم الإفريقية، لم تعد تُشارك في البطولة من أجل محاولة تحقيق مفاجأة من خلال الذهاب بعيداً فيها، أصبحت تُصنف من ضمن كبار المنتخبات في القارة الإفريقية، أصبح وجودها في الأدوار النهائية من المسابقة شيئاً عادياً، وإنصب تركيزها على محاولة التتويج باللقب.

بهذا الشكل، شاركت مالي في كل نسخ البطولة السابقة، في الفترة ما بين عامي 2008 و2013. بعدها، عادت لتبدأ من الصفر تقريباً، بعد نهاية جيلها الذهبي، دخولها في نفق مظلم، معاناتها من مشاكل تتعلق بعدم بروز جيل جديد قوي، عدم تعاقدها مع مدرب مقتدر، والخلافات المتكررة حول المكافآت، لتدخل مرحلةً حرجة في الفترة ما بين عامي 2013 و2017.

في هذه البطولة، نجحت مالي – حتى الآن على الأقل – في إستعادة شيء من بعض أيامها الخوالي الغابرة العابرة، من خلال تخطيها لدوري المجموعات بعد فشلها – خرجت من هذا الدور في نسختي عام 2015 في غينيا الإستوائية و2017 في الجابون – في تخطيه مرتين على التوالي، الوصول إلى دور الـ16، في وقتٍ تتطلع فيه للتأهل إلى الدور ربع النهائي، والذهاب لأبعد مدى ممكن تستطيع الوصول إليه، في البطولة. لكن، تحقيق كل هذ لا يبدو سهلاً، أبداً.

آمال وطموحات مالي تلك، تصطدم بساحل العاج، في دور الـ16، ما يتطلب منهم دراسة الخصم جيداً، معرفة نقاط ضعفه وقوته، مراجعة الأخطاء التي رافقت مبارياتهم في دوري المجموعات، تقوية خط الدفاع، إيجاد طريقةً للوصول إلى مرمى الخصم، إستغلال كل الأخطاء التي سيرتكبها، إختيار محمد مجاسوبا مدرب المنتخب للتوليفة والخطة المناسبة، إذا ما كانوا يرغبون بجدية في تحقيق الفوز، اليوم.

بالطبع، هذه ليست كل التحديات التي سيكون على مالي التغلب عليها، إذ سيكون عليها إنهاء عقدتها الدائمة بالفشل في تحقيق الفوز على ساحل العاج.

هذا، بالإضافة إلى معاناتهم لتسجيل الأهداف في مباراتيهم الأخيرتين في دوري المجموعات، فبعد تحقيقها لفوزٍ كبير على موريتانيا 4/1، تراجعت الأهداف لتتعادل مع تونس 1/1، وتفوز على أنغولا 1/صفر، في وقتٍ إستقبلت فيه شباكهم أربعة أهداف في ثلاث مباريات، فقط.

ما لم ينجح مجاسوبا في إيجاد حلول لكل هذه المشاكل، فإن تحقيق مالي للفوز على ساحل العاج، سيظل أمراً مشكوكاً فيه، حتى تحدث معجزة، بالوصول إلى الأشواط الإضافية، ركلات الترجيح، أو الإستفادة من خطأ فادح من لاعبو الخصم.

الرقم الصعب في المعادلة الإفريقية

في السنوات القليلة الماضية، أثبتت ساحل العاج بأنها رقم صعب في المعادلة الإفريقية، منتخب لا يُستهان به، قادرة على الذهاب بعيداً في مسابقة كأس الأمم الإفريقية، ضيف دائم على الأدوار المتقدمة منها، ومرشحة، على الدوام، للتتويج باللقب. فقط، في النسخ الأربعة الأخيرة من البطولة، وصلت ساحل العاج إلى الدور نصف النهائي مرتين، توجت باللقب مرة واحدة، وصيفة مرة واحدة، وخرجت من دوري المجموعات مرة واحدة.

لذا، بعد فشلها في دفاعها عن اللقب في النسخة الأخيرة في الجابون وخروجها من دوري المجموعات، فإنها تآمل، حالياً، العودة إلى موقعها الطبيعي، إسترداد مكانها في تصنيف كبار القارة الإفريقية، الوصول إلى الدور نصف النهائي، والتتويج باللقب.

ساحل العاج، وبعد مرور، أربعة أعوام، على تتويجها بلقب كأس الأمم الإفريقية، في عام 2015 في غينيا الإستوائية، تُشارك في هذه النسخة بمنتخبٍ جديد، مدرب جديد، طموحات جديدة، وعلى آمل كتابة التاريخ، مجدداً، من خلال التتويج باللقب. مع ذلك، فإنها أثارت الكثير من الجدل، القلق، الشكوك، والتخوف من قدرتها على النجاح في تحقيق الأهداف التي تتطلع لتحقيقها، في هذه البطولة.

في دوري المجموعات، لم تُقدم الأداء المنتظر منها، بالنسبة إلى منتخبٍ شارك، في النسخ الثلاث الأخيرة، في كأس العالم، يضم في صفوفه مجموعة متميزة، للغاية، من اللاعبين على غرار نيكولاس بيبي، ويلفريد زاها، ماكس آلان غراديل، جان ميشيل سيري، فرانك كيسي، وسيرجي أورييه، ويقودها؛ فنياً، مدرب متمكن ومقتدر مثل إبراهيم كامارا.

لكن، هذا ما هو عليه الوضع، بالفعل، حالياً. حتى بعد عبورها لعقبة دوري المجموعات، تأهله إلى دور الـ16، فإنها لا تزال تتعرض للإنتقادات. صحيح، ساحل العاج قدمت، في مباراتها الأخيرة في دوري المجموعات، أفضل أداء وأكبر نتيجةً لها في البطولة، أقنعت الكثيرين بمستواها، أخيراً. مع ذلك، فإن مهمتها في عبور دور ال16، الذهاب بعيداً في البطولة، تتطلب منها تحقيق الفوز على مالي، اليوم.

مواجهة مالي، ستُظهر للناس المستوى والصورة الحقيقية لساحل العاج، إن كان فوزهم على ناميبيا، 4/1، يعود إلى قوتهم أم لضعف الخصم، تكشف إن كانت خسارتهم أمام المغرب وتقديمهم لمستوى مخيب للآمال في دوري المجموعات هي المستوى الحقيقي لهم أم لا، تؤكد عودتهم إلى مسارهم الصحيح من عدمه، توضح تعلمهم من الدرس أم لا، وإن كان إبراهيم كامارا، المدير الفني لساحل العاج، قد وجد التوليفة والخطة المناسبة، أخيراً أم لا. كل هذا، سيتأكد ويتضح، اليوم، بعد نهاية المباراة.

الكل أو لا شيء

هي واحدة من المباريات الكلاسيكية، ديربي غرب إفريقيا بين مالي وساحل العاج. لهذا، لها خصوصيتها، فالفائز سيأخذ – تقريباً – كل شيء: يؤكد علو كعبه، يتأهل إلى الدور ربع النهائي، يُثبت رغبته في الذهاب بعيداً في البطولة، جديته في التتويج باللقب، وعلو كعبه على بقية منتخبات القارة.

وحده، التاريخ يُشير إلى تفوق ساحل العاج على مالي، إذ إلتقيا في 30 مباراة سابقاً، فازت فيها الأولى في 18، الأخيرة في 3، وتعادلا في تسعة، فإذن، من يتأهل: مالي أم ساحل العاج؟

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.