آخر الأخبار
The news is by your side.

سفينة بَوْح … بقلم: هيثم الفضل

الشخصية السودانية .. مَن يستهدفها ؟!

مركز راشد دياب للفنون ، واحد من مشاعل التنمية الفكرية والإبداعية التي ما زالت تلتزم بمبدأ الحياد التام تجاه ما تتبناه المؤسسة الرسمية من إتجاهات وما يتبناه أهل الضد وأصحاب التوجهات المغايرة ، لأجل هذا أعتد جداً بما يُطرح فيه من مواضيع هامه كل إسبوع وأعتبرها (إشارات) مبدئية لمستوى الحراك الثقافي والفكري وربما السياسي الذي لا ينقطع على كل حال على مستوى المركز وتحديداً الخرطوم ، تبنى المركز هذا العام موضوعاً إستراتيجياً تنتظم فعالياته طيلة العام الحالي ، عنوانه (الشخصية السودانية) ، وللحقيقة فإن ما أثار إنتباهي للخوض في الموضوع ليس ما يجري تدارسه وشرحه من إتجاهات نقدية وعلمية وفلسفية متعلِّقة بتكوين الشخصية السودانية ، ولا تلك التساؤلات المنثورة في طاولة الحوار والمتعلقة بالهوية الثقافية أو طغيان ثقافة المركز وإغفال دور الثقافات الفرعية ، ما يجعلني اليوم ألتفت إلى هذا الموضوع هو ما يحدث من إزدراء متواصل ومتعمد في مصر وبعض دول الخليج للشخصية السودانية وثقافتها وإتجاهاتها السلوكية ، ولأن الواجبات السياسية والدبلوماسية على المستوى الدولي والإقليمي كانت على الدوام تدفع معظم المراقبين لهذه الظاهرة التي إستشرت في الآونه الأخيرة لتبني منهج (التغاضي) والترفُع الذي يعتبره بعض إخواننا العرب نوعاً من الغباء والهبل و(الغشامة) ، إستمرأت أجهزة الإعلام العربية وفي مقدمتها الإعلام المصري تقديم الشخصية السودانية في معظم الأعمال الفنية وفق صورة نمطية لا تخرج عن كون السوداني مجرد بواب أو طباخ أو سفرجي مع عرض مضحك ومزري ومتهكم للهجته المحليه وإسلوبه في الكلام وطريقة نطقه للحروف العربية ، فضلاً عن كل ذلك ضعف مقدرته على الفهم والإستيعاب والتجاوب ، وقد كانت لإحدى الفضائيات التابعة لدولة الكويت عبر مسلسل رمضاني تم عرضه قبل أشهر إحتوى الكثير من الإسقاطات المستفزة التي تصب في نفس المنحى الذي تم شرحه سابقاً عنن الشخصية السودانية ، والآن في هذه الأيام تتداول وسائل النشر الإلكتروني فيديو تم تصويره في أحد منتزهات مدينة الطائف بالسعودية ، أيضاً يُمعن في إهانة الشخصية السودانية وبيان نقائصها المُدعاة في المجتمعات العربية التي تكاد لا تستقي شيئاً عن حقيقة إنسان هذه البلاد إلا عبر أجهزة الإعلام وما يتم نشره عبر الشبكة العنكبوتية ، وبالرغم من إدعاءاتهم المتكرِّرة ومن باب (التربيت على الكتوف إسترضاءاً) أنهم يحترمون ويقدِّرون أمانة السوداني وأخلاقة وإعتداده بكرامته وعزة نفسه ، ستظل تداعيات عدم حسم أمر الهوية السودانية لصالح السودانوية البحته والتي لا تننتمي إنتماءاً مطلقاً للعروبة ولا الإفريقانية محوراً أساسياً يؤجج هذا الشرخ البائن في صيرورة الإنتماء و(الإندماج) و(التناغم) الثقافي بيننا وبين العرب والأفارقة ، أما حكومتنا (التائهة في غياهب) اللهث وراء البقاء في السلطة وجحافل موظفيها وسدنتها من الموالين والنفعيين اللاهثين دوماً تجاه مصالحهم السياسية والشخصية فعلى ما يبدو ليس لديها الوقت ولا الحيِّز الفكري لتستوعب دورها في تقديم صورة جيدة ومُشرِّفة ومحترمة عن هذه البلاد وشخصية إنسانها لدى الآخرين ، كيف لحكومة المؤتمر الوطني الغافلة أن لا تعتد ولا تلتفت للرد على تلك االإهانات التي يتم تلفيقها عن شخصية السوداني في مصر والخليج وربما في دول عربية أخرى لا نعلمها ، وكيف لوزارة الخارجية أن لا تسأل ولا تحاسب ملحقياتها الثقافية وسفرائها عن ما آلت إليه حالة سمعة البلاد وكرامتها وسمعة إنسانها في الأوساط الإجتماعية لتلك الدول ، لا يكفي يا هؤلاء أن تحترمك المؤسسات االرسمية للدول عبر القوانين والأعراف الدولية والبروتوكولات الدبلوماسية ، من أوجب واجبات العمل الدبلوماسي التصدي للحملات المضادة للثقافة الوطنية المحلية ، فضلاً عن واجبها المتعلِّق بصناعة وتأكيد الإنطباعات الإيجابية والحقيقية عن الشخصية السودانية في الوسط الإجتماعي للدولة التي يمثلون فيها السودان .

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.