آخر الأخبار
The news is by your side.

حول خيارات المعارضة ومآلات الثورة … بقلم: عبدالحليم عباس

حول خيارات المعارضة و مآلات الثورة

قوى المعارضة و خصوصا تجمع المهنيين و قوى الحرية التغيير ، بعد أن رفعت سقف المطالب الى اسقاط النظام و التنحي غير المشروط للبشير، و هيأت الشارع و عبأته على أساس هذا المطلب الجذري، فإنها قد سدت على نفسها طريق الرجعة الى الحوار، والذي سيُفهم كتنازل و كتخلٍ عن أكبر هدف معلن للثورة.

سيُواجه أي إقدام على الحوار من قبل المعارضة بردة فعل قد تكون عنيفة و مدمرة بالنسبة لهذه القوى من شباب الثورة على الأرض. فالجو السائد لا مجال فيه لحوار.

النظام من جهة أخرى و البشير تحديدا لا يُمكن الوثوق فيه و لا في دعوته للحوار، و لا يجب على المعارضة أن تذهب بأيادٍ مفتوحة للتجاوب مع دعوة البشير. إن الجلوس على طاولة حوار يعني انتهاء الثورة و الدخول في مرحلة جديدة كليا، بشروط غير ثورية و ليست في صالح الثورة.

على أرض الواقع هُناك فرصة سياسية يجب على المعارضة استغلالها. النظام لم يسقط، و أمام المعارضة خياران:

1- إما التصعيد وصولا إلى اسقاط النظام بشروط المعارضة. و هذا أمر ليس تحت سيطرة المعارضة تماما، أعني أن المعارضة ليس بيدها مفاتيح ذلك بشكل كامل، و الأمر متوقف على تصاعد وتيرة الثورة و اتساعها و هو أمر يعتمد على عوامل كثيرة ليست تحت سيطرة المعارضة و أهمها تنظيم المعارضة لنفسها و للشارع و قدرتها على الحشد و التعبئة، هذا ليس أمرا هينا و تحد كبير للمعارضة.

هُناك بالطبع العامل الاقتصادي و هناك أيضا روح الثورة في الشباب هذه عوامل قد تؤدي الى تصاعد الثورة و وصولها الى نقطة إسقاط النظام. و لكن ذلك ليس أمرا حتميا، يجب أن نتقبل هذه الحقيقة حتى نعرف كيف نتعامل مع الواقع.

إذا استمرت الحاله كما هي عليه الآن و لم يحدث أي تصاعد للثورة، فإن المعارضة و السودان كله مهدد بفقدان الفرصة الحالية لتحقيق أهداف الثورة بالوسائل السياسية. و هذا يقودنا الى الخيار الثاني.

2- الخيار الثاني هو أن تفترع المعارضة مسارا سياسيا بالتوازي مع المسار الثوري. أن تطرح رؤيتها للإنتقال و تحشد لها داخليا و خارجيا، ثم تذهب للتفاوض مع النظام حول هذه الرؤية من موقف القوة لا من موقف الندية فالنظام هو الأضعف حاليا و المعارضة في موقف القوة. إن التفاوض هُنا هو مسار مختلف من مسار الحوار الذي يدعو له و يريده البشير. البشير يريد حوارا يجري تحت إشرافه و سيطرته يتربع هو في أعلى هرم هياكله و يسيطر على مجرياته، و هذا ما يجب أن ترفضه المعارضة. أما في التفاوض فإن المعارضة تذهب برؤيتها السياسية و ورائها ضغط الشارع و الضغط الداخلي و الخارجي (إذا نجحت في تسويق رؤيتها داخليا و خارجيا)، و هي حين تفاوض فإنها تفعل ذلك من موقف قوة و من أجل أهداف الثورة: تنحي البشير، تفكيك النظام، و اقامة فترة انتقالية.

هذا المسار ممكن حاليا في ظل استمرار الحراك على الشارع بالوتيرة الحالية. و لكن فرصه ستقل في حال فشلت المعارضة في تصعيد الثورة و نقلها الى مراحل أعلى.

يجب أن يفهم الثوار أن الحل السياسي هو جزء لا يتجزأ من الثورة، و يُمكن للثورة إذا كانت قوية و واعية بما فيه الكفاية أن تنجز أهدافها عبر الوسائل السياسية بالتساوق مع الوسائل الثورية. لا يجب أن يعني سلوك المعارضة لمسار سياسي أي تراجع عن الثورة، و إنما العكس، يجب أن يلتف الشارع بشكله الحالي خلف خارطة سياسية حولها اجماع كبير تقدمها المعارضة ، يحرسها الثوار ، و يرى فيها الشعب مخرجا و خلاصا.

إذا تعذر الخيار الأول فهذا لن يعني ضياع مكاسب الثورة. يُمكن للمعارضة أن تحقق أهداف الثورة بدفع الشارع الحالي عبر المسار السياسي. إذا فشلت في المسار السياسي فهذا يعني أن الثورة قد فشلت، و ذلك حتى لو استمرت المظاهرات بوتيرتها الحالية. ثورة بدون سياسة هي ثورة عمياء و سيكون مصيرها الفشل.

على المعارضة أن تتحلى بالمسئولية وبالشجاعة و تتقدم بخطوات سياسية في كل الأحوال، أي في حال قررت الاستمرار في التصعيد وصولا لإسقاط النظام بدون أي تفاوض من أي شكل، أو في حال قررت الانخراط في عملية سياسية تنتهي بتنحي البشير و تفكيك النظام و اقامة فترة انتقالية بعدها انتخابات. في كل الأحوال المعارضة مطالبة بمبادرة سياسية. و غياب أو تأخُر هذه المبادرة هو خطر على الثورة أكثر من قمع النظام.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.