آخر الأخبار
The news is by your side.

الواقع الذي يحاول لاعبو كرة القدم فرضه على الأندية

الواقع الذي يحاول لاعبو كرة القدم فرضه على الأندية

بقلم: قور مشوب

كان الإعلان عن إنضمام أنطوان غريزمان إلى برشلونة، هذا الأسبوع، كافياً، ليُثير الكثير من الجدل، الغضب، والتساؤلات، حول الطريقة التي تم بها ذلك، ويُعيد فتح نقاشات قديمة – جديدة حول الواقع الذي – كان ولا يزال – يحاول لاعبو كرة القدم فرضه على الأندية.

لماذا نحن هنا؟

ما الذي قد يجمع بين غريزمان، نيمار، وكوسيلني، سوياً؟ الكثير من الأشياء تجمع بينهم، ليس رغبتهم في مغادرة أنديتهم فحسب، بل إتباعهم لطرق ملتوية من خلال إثارة المشاكل، الخلافات، والتغيب عن فترة الإعداد للموسم الجديد بدون إذن، ما أثار جدلاً حول مدى أخلاقية ذلك التصرف من عدمه.

صحيح، غريزمان أتم عملية إنضمامه إلى برشلونة، بالفعل. لكن، الجدل حوله لم ينتهي بعد، إذ تحولت المعركة إلى ساحات القضاء، بعد إصدار نادي أتلتيكو مدريد لبيانٍ تُطالب فيه بالحصول على 90 مليون يورو إضافية.

كل هذا، يُعتبر حقاً مشروعاً، سواء بالنسبة إلى النادي أو اللاعب، بالتأكيد، فأن يُطالب لاعب ما بالرحيل عن فريقه الحالي والإنضمام إلى آخر جديد، وأن يحاول الفريق التمسك بلاعبه ويمنعه من الرحيل عن صفوفه والإنضمام إلى آخر. لكن، هل هذه هي الطريقة المُثلى لكل ذلك؟

الغاية تُبرر الوسيلة

لجوء اللاعبين إلى مثل هذه الطرق لتحقيق رغباتهم يخلق مشكلة جديدة بالطبع، خصوصاً، عندما يكون اللاعب، محل الخلاف، أحد أهم اللاعبين في صفوف الفريق، لا يكون هناك بديلاً له في ذات المستوى والأهمية، ولا يكون الفريق قادراً على جلب بديل له بذات قدراته.

ما يثير الدهشة والجدل، هنا، هو أن هؤلاء اللاعبين يفترض فيهم الإحتراف، يُنتظر منهم القيام بعملهم وفقاً للإتفاق الذي بينهم وبين أنديتهم، وللعقد المبرم بين الطرفين، فما هو المبرر الذي يدفع اللاعبين للجوء إلى هذه التصرفات مغادرتهم أنديتهم من أجل الإنضمام إلى أخرى؟

غالباً، ما يلجأ اللاعبين إلى هذه التصرفات لإجبار الأندية على تحقيق رغباتهم، فرفض الإنضمام إلى أنديتهم في بداية الموسم هو وسيلة لإجبارها على تحقيق غايتهم المتمثلة في مغادرة النادي.

هنا، يكون مبرر اللاعبين باللجوء إلى هذه التصرفات هو رغبتهم الحثيثة في تحقيق طموحاتهم، رغباتهم، أهدافهم، الحصول على زيادة كبيرة في الراتب، محاولة التتويج بالألقاب، عدم شعورهم بالراحة في هذه الفرق التي يلعبون لها، وصول العلاقة بينهم وبين النادي إلى طريق مسدود، حدوث خلافات يصعب حلها، الرغبة في تقديرهم بشكلٍ أكبر، الإنضمام إلى نادٍ يُلبي رغباتهم، والبحث عن تحديات جديدة، بعيداً عن فرقهم الحالية، ما يجعلهم ينظرون لترصفات فرقهم بأنها محاولة لإعاقتهم ومنعهم من تحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم المستقبلية.

متمردون بلا حدود

الحقيقة ان تمرد اللاعبين لم يبدأ في هذه الأيام، إذ يعود إلى تاريخ بعيد. فقط، هنا، تستطيع أخذ ورقة وقلم لتدوين الأسماء تمردت على أنديتها: غريزمان، كوتينيو، فان دايك، نيمار، جورج إستهام، فابريغاس، بيل، كورتوا، رابيو، ستيرلينغ، ديمبيلي، بيرسي تايو، وغيرهم.

كل هؤلاء، أكثر ما يجمع بينهم هو تمدرهم على أنديتهم بالتغيب عن الإستعدادات للموسم الجديد من أجل إجبار أنديتهم على السماح لهم بالرحيل إلى أندية أخرى.

واقع يحاولون فرضه

بكل الطرق المتاحة: القانونية وغير القانونية، التلميح، التصريح، والفعل، يحاول اللاعبون، بكل قوة، فرض هذا الواقع على أنديتهم، إجبارها على الإستجابة لمطالبهم، السماح لهم بالرحيل عن فرقهم الحالية والإنضمام إلى أخرى جديدة.

أمام هذا الواقع، تتقلص قائمة الأشياء التي تستطيع فرقهم الحالية فعلها، فلا ينفع اللجوء إلى القضاء، التلويح بفرض عقوبات عليهم؛ بالخصم من الراتب، الإيقاف، التجميد، أو التحويل إلى فريق الشباب.

في هذه الأثناء، تلعب الأندية وتراهن على عامل الوقت وتجرب كل الطرق الممكنة لتفادي كل ذلك، إذ تحاول جاهدة إقناع اللاعب بالعدول عن القيام هذه الخطوة، الرهان على أنه سيغير رأيه في حالة الوقوف أمام رغبته بالرحيل، محاولة إقناعه بالبقاء لبعض الوقت في صفوف الفريق، محاولة الحصول على أكبر عائد مادي ممكن، وتحقيق أقصى إستفادة ممكنة من كل ذلك.

بالطبع، كل هذا، أثبت عدم جدواه في كل الحالات، فاللاعبون يتحقق لهم مرادهم في نهاية المطاف، إذ يغادرون فرقهم الحالية وينضمون إلى أخرى جديدة، في الحاضر أو المستقبل، سواء قبلت الأندية أو رفضت.

آخر العلاج

بما ان كل هذا قد أصبح واقعاً، لم يعد جديداً على الأندية واللاعبين لأنه يحدث بإستمرار ومنذ سنوات طويلة، ويدرك الجميع الطريقة التي سينتهي بها الأمر في نهاية المطاف، فإنه ليس أمام إدارات الأندية سوى الرضوخ للحقيقة التي تشير إلى فقدان اللاعب للرغبة والحافز في اللعب في صفوفه عندما يحدث ذلك، فالنادي سيكون الخاسر الأكبر في النهاية، سوى قبل بذلك أم لا، وبغض النظر عما سيفعله لحل هذه المشكلة.

كل الطرق تُشير إلى ذلك، ففي حالة إصرار النادي على الإحتفاظ باللاعب، قرر معاقبته بالخصم من راتبه، إيقافه، تجميد نشاطه، أو تحويله لفريق الشباب، فإنه لن يستطيع تحقيق فائدة تُذكر من اللاعب من خلال اللجوء إلى هذه الخطوات، ما يتطلب القيام بإجراءات إحترازية.

لكل هذا، فإن الوضع يحتم على الأندية القبول بهذا الواقع، أو التخطيط جيداً، منذ البداية، لتفادي حدوث كل هذا، في يومٍ ما. بالنظر إلى التغييرات التي أجراها الإتحاد الدولي لكرة القدم، طوال السنوات الماضية، من أجل حماية حقوق اللاعب والنادي، في ذات الوقت، فإن هذا يتطلب منها عدم وضع شرط جزائي في عقد اللاعب لتفادي الشد والجذب والجدل الذي أثارته قضيتي نيمار دا سيلفا وأنطوان غريزمان من الأساس، أو عدم الدخول في رهان خاسر يعرف الجميع نتيجته النهائية منذ البداية، والإكتفاء بمحاولة تحقيق أقصى إستفادة مادية ممكنة من اللاعب، لأنه سيرحل في النهاية، سواء بشرط جزائي، أو مجاناً بعد نهاية عقده مع النادي.

رأساً على عقب

كل هذا، يوضح حجم الإنقلاب الذي حدث في عالم كرة القدم والتغييرات الكبيرة التي طرأت عليها طوال السنوات الماضية، إذ أصبح هناك صراعاً بين المباديء والطموح، بالنظر إلى الثورة التي أحدثها اللاعبين في كرة القدم بعد العام 2010، إذ لم تعد الأندية تتمتع بذات السلطة التي تتوفر لدى اللاعبين، إذ يستطيع اللاعبون التصرف بالطريقة التي يريدونها دون أن يخافوا من النتائج التي ستترتب على أفعالهم، وأقرب مثال على ذلك هو غريزمان الذي تحقق له مراده، في وقتٍ لا يزال فيه كوسيلني ونيمار يحاولان تحقيق مرادهما من القيام بهذه الخطوة في الأيام القليلة المقبلة.

هذه الأشياء، تعتبر حقائق بديهية، خصوصاً، عندما تسمح الأندية للاعبو كرة القدم بإتخاذ القرارات التي تتعلق بهم بصورة فردية، إذ يعكس ذلك الطريق الذي أصبحت تسير فيه كرة القدم والتغييرات التي طرأت على سلوكيات اللاعبين وتصرفاتهم.

حالياً، لا يعدو ذلك سوى شيء قديم من الماضي، لم يعد بالأمر الجديد والدخيل على عالم كرة القدم، خصوصاً، مع إستخدام اللاعبين لهذه الإستراتيجية، بشكلٍ كبير، في السنوات القليلة الماضية.

Loading

شارك على
أكتب تعليقك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.